بدعوة من مكتب فرع الحزب، وبحضور شعبي وشبابي وازن امتلأت به كل جنبات مقر الحزب، ألقى حبيب المالكي عضو المكتب السياسي والنائب البرلماني للدائرة عرضا سياسيا في موضوع : «الإصلاحات الكبرى ومغرب التغيير «. وعلى هامش هذا العرض وقع المالكي إصداره الجديد: «راهنية تجربة التناوب التوافقي». هذا اللقاء التواصلي الهام قدم له سعيد المسكيني نائب كاتب الفرع بكلمة ترحيبية بكل الأطياف السياسية والنقابية والجمعوية ومن شباب 20 فبراير، مستحضرا في عرض كرونولوجي موجز المنعطفات التاريخية لمطالب الإصلاحات الدستورية، ومتحدثا عن الحراك السياسي الحالي ببلادنا وعن مضمون الخطاب التاريخي للتاسع من مارس. أما كاتب الفرع د . سعيد سرار، فقد تناول في كلمته ، الشخصية الأكاديمية والعلمية والسياسية للباحث والمنظر حبيب المالكي، مشددا على أن الاتحاد الاشتراكي كان ولا يزال مدرسة النخب الوطنية بامتياز.. حبيب المالكي استهل عرضه السياسي بالحديث عن المرحلة السياسية الحالية بالمغرب، وما يرافقها من حراك سياسي واجتماعي، معتبرا إياه نتيجة لإيقاف مسلسل التناوب التوافقي والخروج عن المسار الديمقراطي لسنة 2002، ومؤكدا للشباب الحاضر في هذا اللقاء بان الاتحاد الاشتراكي ربط تأسيسه سنة 1959 بدسترة المؤسسات، مشيرا في ذات الوقت الى أن استقرار البلاد لابد وأن يمر عبر إصلاحات حقيقية تفضي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية التي تأسست عليها مرجعية الاتحاد الاشتراكي. المالكي وفي استعراضه لمحطات المطالب السياسية والدستورية الاتحادية ، أشار إلى الاستهداف الذي تعرض له الاتحاد في انتخابات 1976 و 1977 البرلمانية والبلدية والتي خطط لها من اجل إسكات الصوت الاتحادي المطالب بالإصلاح السياسي العميق والتدريجي، كما أجاب المالكي عن سؤال ظل يتردد في مختلف الأوساط السياسية حول تصويت الاتحاد على دستور 1996 ، معتبرا أن تصويت الاتحاديين انطلق من نقطتين جوهريتين: كونه تضمن ولأول مرة في التاريخ الدستوري المغربي إمكانية تجاوز سلطوية الحكم ، وتتمثل الثانية في كونه كان يحمل بوادر الانتقال الديمقراطي، وهو ما تم بالفعل مع تجربة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي الرمز السياسي والاجتماعي ورائد من رواد المقاومة. المالكي تحدث كذلك عن الذاكرة السياسية للمغاربة، معتبرا ان الخطاب السياسي الحالي ليس وليد اليوم، بل هو وليد سياق تاريخي معروف، ومن لا يستحضر التاريخ تصبح ذاكرته متجاوزة وأنه بدون استحضار الذاكرة يصبح التغيير محكوما عليه بالسير نحو الطريق المسدود. كما حدد نتائج التراجعات السياسية الحالية منذ 2002 والتي أدت إلى تقلص جاذبية النموذج المغربي، ومشددا على أن إيقاف تجربة التناوب هي من ابرز عوامل إنضاج شروط الحراك الحالي. وتساءل عن الهدف من الإصلاحات المنشودة وماذا نريد منها ليجيب المالكي: نريد الإصلاح الذي يؤهل بلدنا نحو بلد المؤسسات الدستورية، الذي تمارس فيه الرقابة السياسية والرقابة على المال العام، مضيفا على أن الاتحاد متشبث بالمؤسسة الملكية لأنها هي الضامن لاستقرار البلاد وليست للاتحاد في هذه النقطة نفس حمولة القوى المحافظة وقوى أخرى لا تخدم مصالح البلاد. وفي حديثه عن مكانة مؤسسة أمير المؤمنين، شدد المالكي على القول بأن الاتحاد مع إمارة أمير المؤمنين وأن جلالة الملك له الحق في ممارسة سلطاته كأمير المؤمنين من خلال الظهائر التي يصدرها، وأن يتحمل البرلمان كل المسؤولية في التشريع والمراقبة، مشددا على أن الاتحاد يريد رئيسا للوزراء وليس وزيرا أول. ومن الناحية القضائية، استغرب المالكي وجود الكثير من المواطنين كسجناء للمحاكم قبل صدور الأحكام، مشيرا الى أن هذا الموقف ليس ضد القضاة ولكنه ضد تداخل السلط. تشريعيا طالب المالكي باسم الحزب بمشروع إصلاح لمنع الهجرة الداخلية البرلمانية وبتحديد العتبة في 8 بالمائة في أفق تحديدها في 10 بالمائة في سياق خلق أقطاب سياسية قوية ومنسجمة الأدوار، وإصلاح قانون الأحزاب ومدونة الانتخابات. ونبه المالكي الى خطورة الحديث عن حكومة انتقالية خلال المرحلة المقبلة، متسائلا عن صعوبة الانسجام الحكومي بين عشرة أحزاب أو أكثر، مستغربا من حل الحكومة والإبقاء على البرلمان الذي صادق عليها وموضحا في ذات السياق بأن تبني هذا التوجه سيفرز نكسة الى الوراء، وطالب المالكي كذلك بالإسراع بفتح ملفات الفساد حتى تسترجع السياسة مصداقيتها لدى المواطنين.. وبعد النقاش المفتوح والشفاف مع مختلف شرائح المجتمع المحلي والإقليمي والجهوي، وقع المالكي على إصداره الجديد «راهنية تجربة التناوب التوافقي».