وجد والي أمن الدارالبيضاء مصطفى الموزوني نفسه رفقة عدد من أعوانه يقود مسيرة عفوية لمواطنين أغلبهم من الشباب حوالي الساعة السابعة والنصف من مساء أول أمس الأحد بشارع ادريس الحارثي "شارع الشجر" بمقاطعة اسباتة رفعت فيها الأعلام الوطنية وصور الملك محمد السادس ورددت خلالها شعارات متشبثة بمغربية الصحراء وبثوابت البلاد، مهاجمة جماعة العدل والاحسان، ومنددة باستغلالها للشعب المغربي خدمة لأجندتها الخاصة، وهي الشعارات التي كتبت على عدد من اللافتات واليافطات الورقية على امتداد الشارع والتي كانت في استقبال كل من توجه إلى شارع ادريس الحارثي والتي أظهرت منذ البداية أن الأجواء لن تمر دونما احتقان، وبأن رسالة الشكر التي تشبث أنصار عبد السلام ياسين خلال آخر جمع لتنسيقية الدارالبيضاء لحركة 20 فبراير بإيصالها إلى سكان هذا الحي الشعبي، لم يكن مرغوبا فيها ورفضها شأنها في ذلك شأن أصحابها المواطنين الذي تجندوا للدفاع عن الهدوء وعن سلاسة الرواج التجاري الذي اعتبروه يتعرض لأضرار جمة بفعل هذه الاحتجاجات غير المرخصة، وفق تصريح لعدد من التجار الذين استفسرتهم "الاتحاد الاشتراكي" عن الموضوع. كانت الساعة تشير إلى حوالي الساعة الرابعة بعد الزوال حين قررنا القيام بجولة استكشافية لمحيط المنطقة التي قررت تنسيقية 20 فبراير إقامة مسيرة فيها، جولة انطلقت من أحياء حي مولاي عبد الله مرورا بمسجد القدس ، الذي كان محاطا بتعزيزات أمنية سيما من عناصر الصقور الدراجة، بينما رابطت خلفه من جهة محج محمد السادس حافلات للنقل العمومي وبها عناصر التدخل السريع إضافة إلى سيارات للإسعاف وشاحنة إطفاء. مدخل شارع ادريس الحارثي بدوره كان مؤثثا برجال الأمن من مختلف الأسلاك والرتب، وهو نفس وضع كل الأزقة المتفرعة عنه، بينما كان كل من يعرج على شارع الشجر يجد أمامه لافتات ترفض أي شكل احتجاجي بالمنطقة، وتهاجم من يتحدث باسم الشعب متسائلة من خول لهم هذه الصلاحية، ومُطالبة بالأمن والسكينة وبحماية أنشطة التجار الاقتصادية، في حين اصطف عشرات من الشباب للاحتجاج ضد حركة 20 فبراير ؟ حضور أمني لافت للانتباه بكل الناصيات والملتقيات، وهي علامات كان يستشف منها أن الأمن جاهز لرفع التحدي الذي دعا إليه الياسينيون، الذين غيروا تكتيكهم وعوض التجمع بتقاطع محج محمد السادس وشارع ادريس الحارثي، أو الخروج من مسجد القدس على غرار الأسبوع المنصرم، فقد سارعوا فرادى وجماعات حوالي الساعة الخامسة و 50 دقيقة بالضبط صوب تقاطع شارع 6 نونبر وشارع الشجر، وشرعوا في ترديد " سلمية سلمية لاحجرة لاجنوية" بينما كان البعض الآخر يستعمل صفارات وينفخون فيها إيذانا بالشروع في الاحتجاج والتظاهر، وما هي إلا لحظات حتى كانت القوى الأمنية تعمل على حثهم على التراجع والدفع بهم إلى الوراء، إلا أن الغلبة العددية كانت في صف المحتجين الذين منهم من حاول مهاجمة عناصر من الصقور، كما توضح ذلك أشرطة فيديو على موقع الفايسبوك، لكن بعض القيادين في الحركة حالوا دون أن تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، لكن العناصر الأمنية كان لها رد آخر أمام ما قد يفهم استفزازا فاستعملت الهراوات التي هوت بها على أجساد المحتجين الذين سالت دماء عدد منهم بينما كان نصيب آخرين ، كدمات وآثار " الزرواطة" على ظهورهم. شارع 6 نونبر وشارع الشجر وعدد من الأزقة تحولت إلى ساحة للوغى والكر والفر، وهو ما أدى إلى تسجيل حادثة سير مؤلمة إثر اصطدام دراجة نارية بأحد المواطنين، في حين وجد أصحاب سيارات أنفسهم تائهين بعد أن حوصروا وسط جموع المحتجين والقوى الأمنية لا يدرون أي سبيل يسلكون، وهو ما دفعهم إلى الاحتجاج شأنهم في ذلك شأن بعض التجار وأصحاب المقاهي وأشخاص كادوا يدخلون في مواجهات مع أنصار " 20 فبراير"، التي غاب عدد من نشطائها البارزين الذين كانوا من الداعمين لتنظيم مسيرة باسباتة والمنادين بالتحدي، ولم يحضر إلا عدد بسيط منهم من المستقلين وبعض الرموز الحزبية التي تعتبر من مكوناتها وبعض الأطر الجمعوية، في حين غاب الكثيرون من " قياديها"، واحتضن في لحظة شارع الشجر مسيرتين واحدة مطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد ومحتجة على غلاء المعيشة، وأخرى مطالبة برأس حركة 20 فبراير. وضع ظل على هاته الحالة، في وقت كانت خلاله القوى الأمنية تراقب الوضع عن كثب، تترقب انسحاب المحتجين تارة، وتتدخل لتفريقهم تارة أخرى، وخلال كل تدخل كانت صفارات سيارات الإسعاف والأمن تجلجل في سماء اسباتة، وبينما كان بعض رجال الأمن يدعو بعض المحتجين إلى إخلاء الشارع بعبارات من قبيل " واسير الله يهديك"، " واحيَد من هنا راه عيت مانتكلم معاك وكون تحشم"، " وقول راه كنتعداو عليك"، كان آخرون يلوحون بعصيهم ذات اليمين وذات الشمال ويكيلون ما شاؤوا من سباب في وجه كل من يصادف طريقهم"؟! الأمر الذي كان يدفع ببعض كبار الأمنيين للتدخل من أجل تهدئة الأجواء، سيما عندما تتم مضايقة الصحافيين، الأمر الذي ساهم فيه بعض عناصر الصقور الدراجة وما أن بلغت عقارب الساعة السابعة والنصف حتى لوحظ والي الأمن مصطفى الموزوني وهو يخاطب السكان والمواطنين من أجل حثهم على إخلاء الشارع حتى تعود الحياة إلى طبيعتها، وكان يصغي إلى أسئلة المواطنين ويجيب عنها، والتي تمحورت حول من يكون نشطاء 20 فبراير ولماذا يحتجون بدون ترخيص، وهل سيحاصر شارع الشجر والأزقة المجاورة كل نهاية أسبوع؟ حيث كان والي الأمن يطمئن أصحابها داعيا إياهم إلى الانتباه إلى أبنائهم من خطر التأثير عليهم والتغرير بهم، تعليق، اعتبرته بعض مصادر الجريدة، نابعا من احتماء أنصار العدل والإحسان ببعض الأطفال والمراهقين والدفع بهم إلى واجهة المسيرات الاحتجاجية. وما أن غادر الموزوني المكان راجلا صوب تقاطع شارع الشجر ومحج محمد السادس حتى وجد نفسه في مقدمة مسيرة شعبية لسكان الحي، سرعان ما تجاوزته حناجر المشاركين فيها تصدح بمسار البلاد ومستقبلها الذي اعتبروه إيجابيا ولا يحتاج إلى من يشكك فيه أو يعرقل تطوره. مسيرة قدرت مصادر رسمية عدد المشاركين فيها ما بين 10 و 15 ألف مشارك، في حين اعتبرت أن عدد من حاولوا الاحتجاج من انصار حركة 20 فبراير، تراوح ما بين 500 و 600 محتج من جهة أخرى تدخلت مصالح الأمن مساء الأحد 29 ماي لتفريق مجموعة مكونة من عدد قليل من أنصار العدل والإحسان، كانوا ينوون تنفيذ وقفة احتجاجية قرب فران التراب بشارع العيون بحي إيزيكي. ولم يجد عناصر الأمن أدنى عناء في ثني هذه المجموعة عن تنفيذ برنامجها الذي قاطعته جل مكونات حركة 20 فبراير بمراكش ، بعدما أصرت جماعة العدل والإحسان على أن تنفذ الوقفة بمكان شعبي آهل بالسكان، وهو ما رفضته عدة مكونات من الحركة . ويمثل فشل وقفة الأحد تجسيدا عمليا للوضعية التي آلت إليها حركة 20 فبراير بمراكش التي فجرتها الصراعات المشتعلة ما بين مكوناتها وخاصة تلك التي تسعى للسيطرة على الحركة وتوجيهها وفق أجندتها الخاصة .