?ماذا يريد الفلسطينيون من لبنان؟ أنه سؤال خلافي وشائك وغير واضح أحياناً. ومع ذلك سأجازف بالقول إن الفلسطينيين، في معظمهم، ما عادوا يريدون أي شيء من لبنان اليوم. وجل ما يتطلعون إليه هو العيش بكرامة وأمان. والنخب السياسية والثقافية المؤثرة في الوسط الفلسطيني باتت تميل إلى القول: لدينا في لبنان شعب فلسطيني، ولدينا أيضاً قضية فلسطينية لم تحل بعدُ، ونحن لا نتطلع، بعد التجربة الدامية بين 1969 و1987، إلى أبعد من أمرين: العيش بطمأنينة في هذا البلد بانتظار حل مشكلة اللاجئين، وأن يكون لبنان منبراً سياسياً وإعلامياً لخدمة القضية الفلسطينية. أما السلاح فيخضع لما يتفق عليه اللبنانيون في شأنه من دون الانتقاص من سيادة هذا البلد وأمنه. ومع ذلك فقد أبى المجتمع اللبناني بمؤسساته السياسية والتشريعية أن يمنح الفلسطينيين الحد الأدنى من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية التي أقرتها كافة مواثيق حقوق الإنسان والاتفاقات الدولية والبروتوكولات التي وقعها لبنان بنفسه. في 17/8/2010 وبعد نضال استغرق 20 سنة تقريباً، اتخذ مجلس النواب اللبناني موقفاً »إحسانياً« تجاه الفلسطينيين حينما عدل بعض مواد قانون العمل اللبناني، وإحدى مواد الضمان الاجتماعي ليتيح للفلسطينيين القاطنين على أرضه منذ 63 سنة متواصلة أن يعملوا في المهن العادية وأن يستفيدوا من تعويضات نهاية الخدمة، واشترط لذلك الحصول على إجازة عمل مسبقة (ومجانية). وهذه التعديلات، لا تغير كثيراً في واقع حال الفلسطينيين في لبنان، وهي عبارة عن »صدقة« والتفاف على حقوقهم الأصلية. فما هي حقوق الفلسطينيين في لبنان؟ ولماذا هي عزيزة إلى هذه الدرجة من الممانعة اللبنانية؟ معازل غاضبة عاش القسم الأكبر من الفلسطينيين في لبنان، حتى سبعينيات القرن المنصرم، في شبه معازل تدعى مخيمات، فطوروا فيها أيديولوجيات ناقمة إزاء السلطات كلها. وفي هذه المعازل حافظوا على لهجاتهم المحلية وكرّسوا، إلى حد كبير، انقساماتهم العائلية الموروثة وتقاليدهم الريفية المعروفة. وفي اتجاه معاكس كانت النخب المالية والاقتصادية والثقافية الفلسطينية تندمج بالمجتمع اللبناني رويداً رويداً، وتبرز كنخب ريادية وناجحة ومثيرة للحسد. ويقدم يوسف بيدس مؤسس أكبر بنك لبناني في ستينيات القرن العشرين هو بنك إنترا، مثالاً مأساوياً على النجاح الفلسطيني في لبنان وسقوطه نتيجة التحاسد والتآمر. لكن نقمة المخيمات كانت كبيرة وتطلعات أبنائها كانت أكبر. ومع انسداد إمكانات التقدم والاندماج في المجتمع اللبناني اتجه الشبان الجامعيون والفنيون إلى الخليج العربي حيث نجح البعض منهم في تكوين ثروات كبيرة عادوا بها إلى لبنان واستثمروها بنجاح وراحوا، بدورهم، يحاولون الاندماج في إطار المجتمع اللبناني الذي كان يقبلهم على قاعدته الطائفية (جرى تجنيس معظم المسيحيين الفلسطينيين في الخمسينيات والستينيات، والشيعة الفلسطينيين في سنة 1994، وحاز رجال الأعمال والأثرياء الفلسطينيون السُنّة الجنسية اللبنانية في مراحل مختلفة). الفلسطينيون والحرب الأهلية بعد أحداث أيار 1973 صار الفلسطينيون شبه كتلة سياسية وعسكرية متعددة الاتجاهات ولها شأن كبير في تقرير مصائر الأمور في لبنان، كان لكل بلد عربي ذراع في منظمة التحرير الفلسطينية ما عدا لبنان. وكان للبنانيين حضور فاعل في المنظمات الفدائية ولم يكن للدولة اللبنانية أي حضور البتة (أكثر من 60% من عناصر التنظيم الطالبي لحركة فتح في أوائل سبعينيات القرن المنصرم كانوا لبنانيين). وعندما اندلعت الحرب الأهلية سنة 1975 انخرطت المنظمات الفدائية فيها بعدتها وعديدها من اللبنانيين والفلسطينيين معاً. وظهر، في معمعان المعارك اللاحقة، أن الفلسطينيين تجاوزوا الدولة اللبنانية كثيراً؛ هذه الدولة التي لم تكن، في نظرهم، إلا سفرجلة: كل عضة بغصة، فهم لم يذوقوا منها سوى القمع والاعتقال والرفض واللفظ. وفتشت بعض الجهات اللبنانية عن رموز فلسطينية وعن قوى فلسطينية للتآلف معها أو كي تؤلف منها أدوات ضغط فما وجدت، لأنها لم تكن، في أي يوم من الأيام، نقطة جذب تتمحور حولها بعض المصالح الفلسطينية. وعززت الأيديولوجيات الكيانية المغرقة في محليتها لدى بعض اللبنانيين، الريبة والشكوك لدى الفلسطينيين؛ فالفلسطينيون في نظر بعض اللبنانيين أغراب يجب إبادتهم، ووباء يجب الخلاص منهم (سعيد عقل وإتيان صقر ومي المر ومشايعوهم)، واللبنانيون الموالون للسلطة وقتذاك صاروا، في نظر بعض الفلسطينيين »أدوات انعزالية« لا يبغون إلا إبادة الفلسطينيين أو إعادة الهوان إليهم، فلا بد، إذن، من مواجهتهم. ولم تتمكن »النيات الطيبة« والمصالح المباشرة للنخب الفلسطينية المندمجة في المجتمع اللبناني أن تؤثر في أي من الفريقين. وفي ذلك الجنون المطبق ضاعت الاتجاهات وانتصرت الهمجية طيلة اثني عشر عاماً كاملاً، منذ اندلاع الحرب سنة 1975 حتى توقف الحرب على المخيمات سنة 1987، فخلّفت هذه الأحداث، بتفصيلاتها المرة، المزيد من الريبة والشكوك والخوف والرفض والحساسيات وضياع العِبر. وهذه العناصر كلها ما انفكت تفعل فعلها حتى الآن، وتفاقمت، إلى حد ما، بعد الوقائع الدامية في مخيم نهر البارد سنة 2007. نظرة إلى الواقع الفلسطينيون في لبنان مشكلة. نعم، لنعترف بذلك. ولعلنا نستطيع إيجاز أحد جوانب المشكلة على النحو التالي: اللبنانيون لا يريدون توطين الفلسطينيين، والفلسطينيون بدورهم لا يريدون. الإسرائيليون يرفضون عودتهم، وهم يصرون على العودة. ولديهم، في داخل المخيمات، ولدى البعض منهم في خارج المخيمات، أسلحة، غير أن معظمهم يرغب في التخلص منها. وعلاوة على ذلك، فهم مهمشون اجتماعياً ومحرومون اقتصادياً ومضطهدون قانونياً، وقد باتوا اليوم جماعة لا مكان لها في نظام الطوائف اللبناني، في الوقت الذي ما عادوا فيه طليعة ثورية للتغيير السياسي في العالم العربي. كان المخيم في زمن التألق الثوري أيقونة لثوريي العالم، ومكاناً لتطوير الوطنية الفلسطينية، ومساحة للحلم بحق العودة. أما اليوم، فان بعض المخيمات راح يتحول، بالتدريج، إلى مجرد مجمعات بشرية ذات هويات مغلقة. وحين تغيب الهوية المؤسسة على التحرر الوطني والاجتماعي وعلى حق العودة، تحضر الهويات المتسربلة بالعنف والإرهاب والفوضى. وأبعد من ذلك، فإن تركيز الخطاب السياسي، الفلسطيني واللبناني، على المعاناة المتمادية للفلسطينيين، وتحويل هؤلاء إلى ما يشبه الضحية ما عاد مجدياً البتة، لأن هذا الخطاب يجعل الفلسطينيين كائنات إثنية غريبة خارج السياق التاريخي الذي نشأت عليه قضية اللاجئين. وبدلاً من أن نعاود في كل مرة عرض مآسي الفلسطينيين أحسبُ أن الأكثر جدوى اليوم هو الذهاب مباشرة إلى التفكير في الحل العملي لهذه المشكلات، ومنها إمكان دمج المخيمات، ولو جزئياً، بمحيطها الحضري كي لا تبقى، كما قلنا، مجرد تجمعات إثنية غريبة ومتنافرة ومثيرة للريبة. ما هي المشكلات أولاً: عدم الأمان؛ فقد خضع الفلسطينيون منذ النكبة في سنة 1948 لشروط مهينة من العيش، فأقاموا خمس سنوات متواصلة في العراء تقريباً، أي في الخيمة، حتى سُمح لهم بأن يبنوا جداراً في محيطها، فصار في إمكان الواحد منهم أن يسند ظهره. وانتظروا خمس سنوات أخرى حتى بات في إمكانهم أن يضعوا ألواح »الزينكو« (التوتياء) فوق رؤوسهم. ثم انتظروا حتى سنة 1969 لينتزعوا حق العيش في منزل ذي سقف من الباطون بدلاً من الزينكو الذي كان المطر يجيد النقر عليه في الشتاء، ويتحول إلى فرن لاهب في الصيف. وفي المراحل اللاحقة خضعت المخيمات إلى العدوان الإسرائيلي الدائم فدمر مخيم النبطية في سنة 1974، وجُرف تل الزعتر وجسر الباشا وأجزاء من ضبية في معمعان الحرب الأهلية اللبنانية، وسحقت مخيمات أخرى في حروب المخيمات بين 1985 و1987، وكان آخرها ما حل بنهر البارد، وهو أمر لا يزال ينذر بكوارث حتى الآن. خضع الفلسطينيون منذ النكبة في سنة 1948 لشروط مهينة من العيش، فأقاموا خمس سنوات متواصلة في العراء تقريباً، أي في الخيمة، حتى سُمح لهم بأن يبنوا جداراً في محيطها، فصار في إمكان الواحد منهم أن يسند ظهره ثانياً: السكن؛ إن معدل مساحة المنزل الواحد في المخيم هو 41 متراً مربعاً (أو 2,2 غرفة) مرصودة لستة أشخاص. وجميعنا يعرف كيف تتلاصق البيوت بحيث يصبح اختراق أشعة الشمس لتتخلل المنازل بنورها أمراً في غاية الصعوبة. وهذا يعني وجود رطوبة عالية في هذه المنازل وأمراض صدرية وجلدية مقيمة بصورة دائمة. ثالثاً: الصحة والبيئة؛ وهي مرتبطة برباط وثيق بطريقة بناء المنازل، وهي طريقة عشوائية تماماً. فالمجارير مكشوفة، ومكبات النفايات قريبة من المنازل، وفي حالات كثيرة تنتشر بين المنازل، وتختلط مياه الشرب بالمياه الآسنة لأن قساطل الجر مهترئة ومتداخلة فوق الأرض. رابعاً: التعليم؛ كان الفلسطينيون في لبنان من أكثر فئات المجتمع تعليماً في الحقبة التي أعقبت نكبة 1948 وحتى نهاية سبعينيات القرن العشرين. لكن، منذ خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان في سنة 1982 بدأت ظواهر التسرب من المدارس لدى التلاميذ من الفئة العمرية 1017 سنة (المرحلتان المتوسطة والثانوية) تتزايد بسبب الاضطرار إلى الالتحاق بورش العمل لإعالة العائلة التي فقدت الزوج على سبيل المثال. وهذه الحال ما زالت تتفاقم باطراد حتى اليوم. وبسبب ضمور سوق العمل للمهن اليدوية غير المدربة، فإن هذه الفئة العمرية تجد نفسها عالقة بين السعي إلى الهجرة (وهو خيار محدود)، أو الالتحاق بالفصائل المسلحة. خامساً: العمل والبطالة؛ إن نسبة البطالة في المخيمات الفلسطينية هي نحو 40% مقارنة ب2,8% في لبنان. وهي فجوة مروِّعة يعرف الباحثون عقابيلها السياسية والأمنية والاجتماعية. وتتفرع من هذه الحال ظاهرة عمالة الأطفال (1014 سنة)، وهي ظاهرة مرتبطة بالفقر وببعض المشكلات الأسرية كفقدان الأب أو الأم، أو التوقف عن الدراسة لعدم وجود أوراق ثبوتية مثلاً. وفي جميع الأحوال، فإن معدل الدخل الشهري للعائلة الفلسطينية المؤلفة من ستة أفراد لا يتجاوز 350 ألف ليرة لبنانية، أي أقل من الحد الأدنى للأجور بنحو مئة دولار. والمعروف أن قوانين العمل اللبنانية ولوائح النقابات المهنية اللبنانية تمنع الفلسطيني من العمل في مهن كثيرة، ولا سيما الطب والهندسة والصيدلة والمحاماة... الخ. فالمهندس الفلسطيني إذا وجد عملاً، فإن توصيفه الوظيفي يكون »فورمان« حتى لو عمل مهندساً. والطبيب الفلسطيني إذا افتتح عيادة له في داخل أحد المخيمات يصبح مطلوباً للسلطات بتهمة ممارسة مهنة الطب من دون ترخيص. سادساً: السلاح؛ لا تحتاج هذه المسألة تفصيلاً بل معالجة نهائية وحاسمة، لأن من الغلط التركيز على مسألة السلاح الفلسطيني وحده، ولا سيما أن الفلسطينيين أنفسهم أيقنوا، بعد تجربة نهر البارد، أن السلاح كان كارثة عليهم، فهو لم يحمهم من »فتح الإسلام« على سبيل المثال، وان ما يضمن لهم الأمن والأمان هو التفاهم مع الدولة اللبنانية والتعاقد معها تعاقداً أخوياً بما لا ينتقص من سيادتها على الإطلاق. الحقوق المدنية وواجب الدولة اللبنانية لقد نظرت الحكومات اللبنانية المتعاقبة إلى الفلسطينيين كعبء بشري وتهديد أمني فأوكلت إلى أجهزة الأمن ضبط المخيمات، وتركت للأونروا الرعاية الاجتماعية. إن هذه النظرة ما عادت صحيحة اليوم. وفي جميع الأحوال فإن معالجة الملفات الفلسطينية بدأت، منذ سنوات. وفي هذا السياق جرى نقد التجربة الفلسطينية في لبنان، بينما بعض القوى اللبنانية التي ناصبت الفلسطينيين العداء لم تبدأ بعد في نقد تجربتها ومواقفها العنصرية حيال الفلسطينيين، ولم تشرع في إدارة الظهر لروح العجرفة والاستعلاء التي كانت سائدة في السابق أو تخويفهم بالطرد خارج لبنان، وهو ما برح قائماً في تصريحات البعض في لبنان. إن معالجة الملفات الفلسطينية، هي، مجدداً، مصلحة صافية للسلم الأهلي في لبنان، ولا سيما أن المخيمات، مثل الأحياء اللبنانية، تشهد انجرافاً قوياً نحو التدين. وفي إطار هذه الحال ظهرت، وستظهر بالتأكيد، حالات تنظيمية متطرفة مثل عصبة الأنصار (عبد الكريم السعدي أبو محجن) وعصبة النور التي اندثرت (هيثم السعدي أبو طارق) وجند الشام (أبو رامز السحمراني غاندي) وفتح الإسلام (شاكر العبسي)... الخ. أما المعالجة فهي تبدو، من الناحية المنطقية، سهلة جداً. وهي تبدأ من القوانين المجحفة، مثل إلغاء الاستثناء الذي يحول دون اكتساب الفلسطيني حقوقاً عقارية، ومثل إصدار تشريعات تتيح حق العمل في جميع المهن بلا استثناء، وإلغاء إجازة العمل للفلسطيني. وعلاوة على ذلك ما الضير في أن يستفيد العمال والمستخدمون الفلسطينيون من تقديمات الضمان ما دام رب العمل يدفع عنهم الرسوم القانونية والاشتراكات المنصوصة في القوانين اللبنانية؟ وما الضير في أن تقوم الدولة اللبنانية بجانب من الرعاية الاجتماعية والبيئية للمخيمات مثل تعبيد الطرقات وشق أقنية الصرف الصحي وتسهيل خدمات الهاتف والإنارة ما دامت تتلقى الرسوم والضرائب والجباية معاً؟ في هذا السياق، من الخطأ التركيز على قضية السلاح الفلسطيني وحده. فالملف الفلسطيني اللبناني متشعب جداً، وقضية السلاح ما عادت مصدر إغراء للفلسطينيين بعد تجربة نهر البارد التي برهنت لهم أن السلاح كان كارثة عليهم. لكن تجربة نهر البارد، في الوقت نفسه، لا تزال تثير ريبة الناس، ولا سيما أن أي مخيم جرى تدميره في السابق لم يُعد بناؤه لاحقاً مثل النبطية وتل الزعتر وجسر الباشا والداعوق ومعظم ضبيه، فضلاً عن أن الذاكرة الجماعية الفلسطينية ما زالت مدماة بتاريخ متراكم من القمع، وموشومة بوقائع مجزرة صبرا وشاتيلا وبالحرب على المخيمات معاً. في التسعينيات من القرن العشرين راجت حكاية توطين الفلسطينيين في العراق. وجاءت الوقائع لتجعل الفلسطينيين هناك مشردين مجدداً في بقاع العالم القصية: من الهند إلى تشيلي. واليوم، يروج الكثيرون حكاية التوطين في لبنان، والنتيجة الأولية هي المزيد من الكراهية للفلسطينيين. أما الوقائع المقبلة فربما تحمل معها التوطين حقاً. لكن، هذه المرة في بلدان جديدة، لا في لبنان على الإطلاق. ما المطلوب؟ المطلوب أن تبادر الدولة اللبنانية إلى اتخاذ مجموعة من التشريعات والإجراءات التي من شأنها أن تمنح الفلسطينيين في لبنان الطمأنينة والأمان والأمن، لا كما فعلت في جلسة المجلس النيابي في 17/8/2010 والتي كانت نتائجها أشبه بالاحتيال اللغوي على الفلسطينيين، فعدلوا بعض القوانين بما لا يغير كثيراً من واقع الحال، وقطعوا الطريق على بقية المطالب. وليس من قبيل الاستحالة أن تقوم السلطات اللبنانية المعنية بالخطوات التالية: 1 إنشاء وزارة تعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين. وإذا تعذر إنشاء مثل هذه الوزارة، فليس أقل من إعادة مديرية الشؤون السياسية للاجئين إلى تسميتها السابقة أي المديرية العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين. 2 إصدار تشريع خاص من المجلس النيابي يكفل للاجئ الفلسطيني حقوقه الاقتصادية، ويعامله معاملة اللبناني، بما في ذلك حقه في الانضمام إلى النقابات والاستفادة من نظام الضمان الاجتماعي، تطبيقاً لما ورد في بروتوكول الدارالبيضاء (أيلول 1965). 3 تعديل المادة الأولى من القانون رقم 296 (20 آذار 2001) الذي عدّل القانون المنفذ بالمرسوم رقم 11614 (4 كانون الثاني 1969) في شأن اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان بما يسمح للفلسطينيين بالتملك العقاري في لبنان أسوة برعايا الدول العربية وفقاً للشروط والتحديدات والمساحة المقررة. ثم السماح بتسجيل العقارات لكل فلسطيني اشترى عقاره قبل 20 آذار 2001 ولم يكن قد سجله في السجل العقاري، كذلك السماح بتسجيل الإرث الذي تعطل تسجيله في أثناء ذلك. 4 حل مشكلة فاقدي الأوراق الثبوتية من بين اللاجئين الفلسطينيين من خلال إعطائهم بطاقات لجوء موقتة. 5 وضع حد للإجراءات الأمنية المشددة ورفع الحصار عن المخيمات والكف عن اعتبارها جزراً أمنية. 6 معاملة اللاجئ الفلسطيني مثل المواطن اللبناني ومنحه الحق في تأليف الجمعيات أو الانضمام إليها. ويتطلب ذلك تعديل قانون 1909، وقانون 629/2004. الفلسطينيون في لبنان بحسب الأونروا ?في صيف 2010 أجرت وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين (الأونروا) مسحاً اقتصادياً واجتماعياً للفلسطينيين في لبنان بتمويل من الاتحاد الأوروبي. وقد شمل المسح 2600 أسرة، وانتهى إلى النتائج التالية: أولاً: معلومات ديموغرافية - عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان يتراوح بين 260000 و280000. - نصف السكان دون ال25 سنة. - متوسط عدد أفراد الأسرة 5، 4 أفراد. - 53% من اللاجئين هم من النساء. - المعدل العمري للفلسطينيين 30 سنة. - يعيش ثلثا الفلسطينيين داخل المخيمات، وثلث الفلسطينيين في التجمعات (ولا سيما في محيط المخيمات). - يعيش نصف الفلسطينيين في جنوب لبنان (صور وصيدا). - يعيش خُمس الفلسطينيين في بيروت وخُمسهم الآخر في الشمال. - يعيش 4% من الفلسطينيين في البقاع (شرق لبنان). ثانياً: معدلات الفقر - 6,6% من الفلسطينيين يعانون الفقر الشديد، أي أنهم عاجزون عن تلبية حاجاتهم اليومية الأساسية من الغذاء (مقابل 1,7% في أوساط اللبنانيين). - 66,4% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فقراء، أي أنهم عاجزون عن تلبية الحد الأدنى من حاجاتهم الغذائية وغير الغذائية الضرورية (مقابل 35% في أوساط اللبنانيين). - الفقر أعلى في أوساط اللاجئين المقيمين داخل المخيمات منه في أوساط اللاجئين المقيمين في التجمعات. - أكثر من 81% من اللاجئين الذين يعانون الفقر الشديد يقيمون في صيدا وصور. - يعيش ثلث الفقراء من اللاجئين في منطقة صور (جنوب لبنان). ثالثاً: العمل - 56% من الفلسطينيين عاطلون عن العمل. - 38% من السكان في سن العمل يعملون. - ثلثا الفلسطينيين الذين يعملون في وظائف بسيطة (بائعون متجولون وعمال بناء ومزارعون) هم فقراء. رابعاً: التعليم - نصف الشباب الذين هم في المرحلة الثانوية من الدراسة (بين 16 و18 سنة) يرتادون المدرسة أو معاهد التدريب المهني. - إن المعدلات المرتفعة من التسرب المدرسي والمهارات غير الكافية، فضلاً عن قيود ملحوظة على سوق العمل، تعوق قدرة اللاجئين على إيجاد عمل ملائم. - يُعد التحصيل العلمي مؤشراً جيداً للأسرة. بحيث يؤثر في الوضع الاقتصادي الاجتماعي وعلى الأمن الغذائي لها. - عندما يكون التحصيل العلمي لرب الأسرة أكثر من الابتدائي، يتراجع معدل الفقر إلى 60,5%، ويتراجع معدل الفقر الشديد إلى النصف. - 8% من اللاجئين الفلسطينيين الذين هم في مرحلة الذهاب إلى المدرسة (بين 7 و15 سنة) لم يرتادوا أي مدرسة في عام 2010. - 6% من الفلسطينيين يحملون شهادة جامعية (مقابل 20% للبنانيين). خامساً: الأمن الغذائي - 15% من الفلسطينيين يعانون فقداناً حاداً للأمن الغذائي، ويحتاجون إلى مساعدة غذائية ملحة. - 63% يعانون فقدان الأمن الغذائي إلى حد ما. - أكثر من ربع الأسر لا يتناولون كميات كافية من الفاكهة والخضار واللحوم ومنتجات الحليب. - لا يحصل ثلث الفلسطينيين على متطلبات الغذاء الأساسية. - تنتشر بين الفلسطينيين عادات غذائية غير صحية، إذ يتناول 57% منهم الحلويات غالباً، فيما يتناول 68% منهم المشروبات المحلاة على نحو متكرر، ما يزيد من عبء الإصابة بأمراض مزمنة. سادساً: الصحة - يعاني حوالى ثلث السكان أمراضاً مزمنة. - كل الأسر التي تضم في أفرادها مصاباً بإعاقة تعيش في الفقر الشديد. - 21% ممن شملهم المسح قالوا إنهم يعانون الانهيار العصبي أو القلق أو الكآبة. - 95% من الفلسطينيين ليس لديهم تأمين صحي (تؤمّن الأونروا الرعاية الصحية الأولية والثانوية للفلسطينيين مجاناً). - أي إصابة بمرض مستعص قد تدفع بالأسرة إلى الفقر. سابعاً: السكن وظروف العيش - 66% من المساكن تعاني مشاكل الرطوبة والنش، ما ينجم عنها أمراض نفسية وأمراض مزمنة. - معظم المساكن السيئة موجود في الجنوب. - 8% من الأسر تعيش في مساكن سقفها و/أو جدرانها مصنوعة من الزينكو، الخشب أو الأترنيت. - 8% من الأسر تعيش في مساكن مكتظة (أكثر من ثلاثة أشخاص في الغرفة الواحدة).