انتقل إلى عفو الله المشمول برحمته وغفرانه، المرحوم مصطفى الحبيب بن بلقاسم بمدينة البيضاء على إثر نوبة قلبية، ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه فجيج، حيث ووري الثرى بمقبرة المسلمين بسهل بوخود، في موكب جنائزي مهيب حضره الأهل والأقارب والأصدقاء. ولد المرحوم سنة 1960 من أسرة متشبعة بالقيم الإسلامية والروحية النبيلة، ومبادئ الحركة الوطنية الصادقة، وكان لهذه الخصال الحميدة دور كبير في صقل شخصية المرحوم مصطفى جعلت منه شابا مثقفا وديعا، هادئ الطبع، أخلاقه عالية ملتزما ومخلصا في أداء واجباته، كثير الاحترام، منظما في عمله يكثر من المطالعة والارتباط بالكتاب. عاش الأحداث والمعاناة التي واجهتها أسرته الصغيرة والكبيرة وهو لا يزال تلميذا خلال سنوات الرصاص، حيث طال التعسف والظلم عائلته الصغيرة والكبيرة وتعرض والده الأستاذ السي بلقاسم -أطال الله في عمره- للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، فحمل في نفسه هذه الآلام والمتاعب وعاش حالات نفسية عصيبة، وبفضل دفء والدته واجه كل المشاكل بكل صبر وأناة ولم يذعن لتقلبات وصروف الدهر ولا استسلم لليأس، فكان يتابع دراسته وتحصيله العلمي بكل ثقة وإصرار في النفس، واجتاز بنجاح دراسته الثانوية والجامعية ومباراة الدخول إلى الحياة المهنية وابتدأها بالولوج إلى إدارة الجمارك بمرسى الدارالبيضاء، وبفضل كفاءته ومثابرته تدرج في مراتب الإدارة وأصبح من بين أطرها الأكفاء، واشتغل بمطار الرباطسلا. أحبه الموظفون والمستخدمون لأنه كان واحدا منهم يتعلم منهم ويعلمهم العمل والجد وخدمة الصالح العام. مات مصطفى في عز شبابه، ولم يصدق الخبر الذي نزل كالصاعقة وأصاب بالذهول أفراد الأسرة وكل الذين عرفوه، سواء في حياته الدراسية أو المهنية والذين كانوا يكبرون فيه روحه الطيبة التي تنم عن الحب والتقدير للجميع، ليس غريبا ألا يكون له سوى الأصدقاء. أجل لقد رحل الفقيد إلى جوار رب العالمين، هكذا هي نوائب الأيام إنه الأجل، إنه الموت يسلبنا الأعزة وليس مع الأقدار اختيار، ولا حول ولا قوة إلا بالله، صحيح يصعب على الإنسان تصور وصوله لكنه آت لا محالة، وصدق رسول الله «ما رأيت يقينا أشبه بالشك مثل الموت». وبهذه المناسبة الأليمة، تتقدم الكتابة الإقليمية بفجيج باسم كل الأخوة الاتحاديين بتقديم التعازي الحارة والمواساة القلبية إلى المحترم الأستاذ الفاضل مربي الأجيال سي بلقاسم لحبيب، والد المرحوم، والسيدة حرمه وإلى أبنائه زكرياء، وبناته الأستاذة سلمى وزوجها محمود وسمية ولطيفة وفاطمة وسهام وإلى آل مرزوق وآل خياري والأهل والأحباب بفجيج والقنيطرة، راجين الله الكريم أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، «قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله، لكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون».