شدد عبد الهادي خيرات، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على أن مطالب حركة شباب 20 فبراير، هي مطالب للوطن بأكمله ومطالب كل الشعب المغربي، فما ميز هذه المطالب هو الانسلال من صراع الأجيال الذي يطبع الشباب أحيانا، والطموح الكبير من أجل الحرية والديمقراطية والانعتاق، فإصلاح الدستور مطلب تاريخي يهم الوطن بأكمله، كذلك الشأن بالنسبة لمحاربة الفساد الاقتصادي والسياسي. وأضاف خيرات الذي كان يقدم مداخلة مساء يوم الاثنين الماضي بمقر الحزب بالرباط، في إطار لقاء نظمه فرع الحزب أكدال، أن الشباب المغربي عبر عن إرادة قوية وعزيمة منقطعة النظير في خوض معركة التغيير والديمقراطية، بعيدا عن الأنانية والفردانية والمصالح الفئوية، حيث رفع شعارات تهم مجتمعا بأكمله ومطالب عميقة طالبت بها الحركة الاتحادية الأصيلة منذ الستينيات بعد الاستقلال ولاتزال في أجندتها السياسية الى اليوم. وأوضح خيرات أن البلاد تعرف فسادا سياسيا واقتصاديا كبيرا لا يتصور، والاتجاه الذي تسير فيه لا يمكن إلا أن يؤدي إلى الطريق المسدود والأزمة السياسية الخانقة، وتم التنبيه لهذا في أكثر من مرة كاتحاد اشتراكي للقوات الشعبية وأحيانا بشكل عنيف، وآخرها خلال المؤتمر الوطني الثامن للحزب الذي عبر بكل وضوح عن الأسئلة الحارقة التي كانت تعتمل داخل المجتمع المغربي، كما لا بجب أن يغيب عن الأذهان أن الحزب هو المؤسسة الوحيدة التي قدمت مذكرة تطالب فيها بالإصلاحات الدستورية قبل كل هذا الحراك الاجتماعي والسياسي. كما سجل خيرات أن البعض يحلو له أن يتناسى أن الاتحاد الاشتراكي في دورته الأخيرة للمجلس الوطني كان قد اتخذ موقفا للخروج من الحكومة ، ولم يبق له آنذاك سوى التدابير التي يجب اتخاذها لتبليغ هذا القرار للأغلبية إذا لم تتم الاستجابة لمطلب الاصلاح، حيث تم لقاء مع الوزير الأول عباس الفاسي لمطالبته بعقد اجتماع للأغلبية يوم الأحد، لكن الخطاب الملكي جاء يوم الاثنين، على ضوء هذه المعطيات واستجابة كذلك لمطالب حركة 20 فبراير. وحذر عضو المكتب السياسي للحزب من رفع بعض الشعارات اليوم من قبل شباب حركة 20 فبراير، المتناقضة سياسيا في بعض الأحيان، حيث دعا إلى الرجوع إلى تاريخ حركة التحرير المغربية التي رفعت نفس الشعارات المتعلقة بالإصلاح الدستوري بالمغرب بعد الاستقلال وعلى رأس هذه المطالب المجلس التأسيسي، لافتا النظر الى أن السياق اليوم مختلف عن الأمس، مسهبا في شرح مفهوم الدستور الممنوح والدستور الديمقراطي، وموقف المقاطعة قبل خروج النص الدستوري للوجود، ومفهوم المجلس التأسيسي، والأبعاد الدستورية للشعار المرفوع «حل البرلمان»، ومقومات الدستور الديمقراطي الذي يحكم قواعد اللعبة بين جميع الأطراف، ودولة المؤسسات والحق والقانون كما جاء في مذكرة الإصلاحات الدستورية التي تقدم بها الاتحاد الاشتراكي أمام اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور التي تعتبر أن سمو الوثيقة الدستورية قضية أساسية ومحورية. وبخصوص الفساد الاقتصادي والسياسي الذي تعرفه البلاد، قال عبد الهادي خيرات، إن الدولة اليوم تتفرج على مجموعة من الفاسدين في مجال التدبير والتسيير الجماعي، والأنكى من هذا في بعض الحالات أنها أصبحت راعية للفساد، لذلك فإن الضرورة تستدعي أجندة سياسية لمحاربة كل مظاهر الفساد الاقتصادي والسياسي، انطلاقا من اقتصاد الريع الذي يشكلا خطرا كبيرا على الاقتصاد الوطني، والامتيازات المتمثلة في المقالع المتعددة والمتنوعة التي تدر الأموال الطائلة على المستفيدين منها، ورخص النقل التي تعرف تلاعبات كبيرة، ومنح الضيعات والأراضي، مشيرا في السياق ذاته الى أن الطامة الكبرى وناقوس الخطر هو حين نرى أن المتحكمين في العصب الاقتصادي والاجتماعي يشتكون من التنافس غير الشريف والظلم والمضايقات، فما بالك بالمواطن العادي الذي لا حول ولا قوة له. ! وبخصوص القضاء، دعا خيرات إلى العمل على إقرار قضاء شفاف ، نزيه، عادل، منصف ومستقل، وذلك بالقضاء على بعض اللوبيات المتحكمة فيه، لذلك اقترح الاتحاد الاشتراكي في مذكرته أن يكون رئيس المجلس الأعلى للقضاء من خارج الهيئة القضائية، بالإضافة الى تعيين أعضاء مستقلين به من خارج جهاز القضاء، مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة، « كما سطرنا، يقول خيرات، على أن تكون لرئيس الحكومة كافة الصلاحيات والاختصاصات ليمارس مهامه الدستورية لتكون له سلطة حقيقية على جميع المؤسسات التابعة له، بحكم أنه يستمد شرعيته من صناديق الاقتراع التي انتخبت الحزب الذي ينتمي إليه في المرتبة الأولى، والمتبوع بالمحاسبة الشعبية في آخر ولايته الانتخابية بعد هذا التعاقد الشعبي، بالإضافة إلى منح المجلس الحكومي صلاحيات واسعة والتي يختص بها في الوضع الحالي المجلس الوزاري، وتمتيع البرلمان بمهام المراقبة الحقيقية والتشريعية والتسييرية والمحاسبة». كما طالب خيرات بنفس المناسبة بإعادة النظر في المعايير المعتمدة في تعيين أعضاء المجلس الدستوري، منتقدا الوضع الحالي من حيث تركيبته التي تعد عائقا في عدم اشتغاله على الوجه المطلوب، «حتى يتسنى لنا التوفر على قضاء دستوري في المستوى المطلوب ، يليق ببلادنا». وأشار خيرات الى أن الحزب يدعم حركة 20 فبراير ويتواجد بشبيبته فيها وبعدد كبير، مذكرا بالفرسان الأربعة الذي وافتهم المنية في حادثة سير والذين ينتمون لفرع الشبيبة بوجدة حين كانوا في طريقهم إلى الرباط من أجل حضور لقاء تنسيقي، «لذلك نقول للبعض، يضيف خيرات، كفى من المزايدات والمغالطات التي تحرف الحقائق والتي تسعى للركوب على مبادرات الشباب المغربي، ومحاولة استغلال حركيته من أجل الوصول لأهداف سياسية ضيقة»، مشددا في السياق ذاته على أن شباب 20 فبراير هم من سيحررون المغرب من أوكار الفساد الاقتصادي والسياسي، ومن سيحاربون تجار الانتخابات الذين يزورون الإرادة الحقيقية للشعب. وبخصوص العمل الإرهابي الذي استهدف مراكش، قال عضو المكتب السياسي إن خفافيش الظلام مازالت تستهدف المغرب، وهدفهم في ذلك الرجوع بنا إلى الوراء والى العصور الغابرة . ويشهد تاريخنا الأصيل على أن هذه البلاد بلاد السلم والأمان والاستقرار والانفتاح والتعايش، ومؤسساتنا وتراثنا الثقافي والروحي خير شاهد على ذلك من جامعة القرويين، ومعاهد تارودانت التي أسسها المقاوم عمر الساحلي ومدارس الفقه والأصول المتعددة بتراب المملكة، وكلية اللغة بمراكش، والمدارس الفقهية بسوس.