يلاحظ أنه في الحالتين التونسية والمصرية، لم تتجاهل قناة «الجزيرة» أو تقاطع الأنظمة القائمة أبدا. كما نلمس الرغبة الواضحة في المعالجة المتوازنة ما بين كلا الطرفين الأمر الذي لم يتكرر بالنسبة للثورات العربية الأخرى. أما في ما يتعلق بالبحرين، فإن قناة الدوحة لم تحاول أن تعارض الرواية الرسمية القائلة بوجود مؤامرة شيعية وإيرانية. فخلال محاورتهم خلال البث المباشر، كان من المفروض على عدد من أعضاء حزب المعارضة الوفاق شرح علاقاتهم المزعومة مع إيران ، ولم تمنح لهم الفرصة الكافية كي يتمكنوا من الدفاع عن وجهة نظرهم. لقد تعاملت قناة «الجزيرة» مع التدخل العسكري بنوع من الحد الأدنى من المعالجة الإعلامية، هذا في الوقت الذي يشكل في هذا التدخل فعلا كبيرا مضادا للثورة وحدثا غير عادي في تاريخ العلاقات ما بين الممالك النفطية في المنطقة. كما انه الحذر الشديد ذاته كان إزاء التظاهرات في سوريا: لقد كانت العبارات محسوبة، والمعالجة كانت واقعية جدا والهجمات ضد بشار الأسد ورؤساء سوريا كانت نادرة جدا. إن اللجوء إلى المعارضين كان لماما في حين تمكن مؤيدو النظام السوري من شرح على الهواء أن المظاهرات كانت من فعل الأجانب والإخوان المسلمين. وفي المقابل، نجد في حالة اليمن، قناة «الجزيرة» إلى جانب المتظاهرين. فهي تلح، من خلال تحاليلها والإيقاع العام لمواضيعها، على رحيل الرئيس علي صالح. إنه ثمة موقف يتوافق وموقف بلدان مجلس التعاون الخليجي كون اليمن هذا البلد الفقير جدا لا يمكنه أن يشكل جزءا من لعبة المؤامرة والمنادين إليها. وعندما عمل محلل سياسي سعودي على التحذير من انفجار الوضع في هذا البلد ذي الطبيعة القبلية، مشبها ذلك بما حدث في الصومال، تتدخل إحدى الصحفيات قناة الجزيرة لأجل ان تصحح الوضع، غير أنه لا تردد في أنه يعاب على القناة خيانتها ل «إخوانها» في اليمن. كما أن الانحياز كان صارخا بشكل كبير في ما يتعلق بليبيا. فقناة «الجزيرة» تبث بشكل متوال توليفات فيديو تصور وحشية نظام القذافي وتؤيد بدون تحفظ تدخل حلف شمال الأطلسي (الأمر الذي سبب خلطا كبيرا من مشاهديها). كما أن الإمام الشهير يوسف القرضاوي -- الذي كان قد دعا خلال خطبة الجمعة ، إلى «قتل» القذافي - قد حل ضيفا على بلاطو القناة الشاشة ليشرح أن الأمر لا يتعلق ب «حملة صليبية جديدة» . إنه سند ديني عزز قرار حكومة دولة قطر للمشاركة في العمليات الجوية ضد القوات الموالية للقذافي. وتواجه الجزيرة بشدة في كثير من الأحيان ، أولئك الذين ينتقدون هذه الحرب ، سواء أكانوا أو لا من أنصار «القائد» الليبي :فقد تم توبيخ عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، على الهواء حينما أعرب عن شكوك حول كيفية قراءة التحالف لقرار مجلس الأمن الذي يجيز الضربات الجوية. كما، قدمت انسحاب موسى كوسا، وزير سابق للشؤون الخارجية الليبية ، كانتصار، وتناست الإشارة إلى الدور الفعال للرجل في قمع معارضي النظام في السنوات الأخيرة. بالتأكيد ، فإن وفاة أحد مصوريها التلفزيونيين في ليبيا كان بمثابة صدمة لهيئة تحرير «الجزيرة» والأمر ذاته سجن العديد من صحفييها. ولكن اليوم ، مهمة قناة الجزيرة هي الدفاع عن غزو بري من قبل حلف شمال الأطلسي. إلا أنه يجب الإشارة إلى أن فوكس نيوز إنه ليس من دور قناة إخبارية النضال من أجل الحرب .