بعد خمسين سنة من التسيير الهاوي، قررت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم دخول عالم الاحتراف، تنفيذا لقرار الفيفا ، الذي لا يعترف بنظام ما قبل الهواية، والذي خصصت له الحكومة المغربية في البداية 280 مليون درهم لتجهيز 16 ملعبا بالعشب الاصطناعي، وبناء 15 مركزا للتكوين. كما خصصت الجامعة كذلك منحا للفرق المتفوقة في البطولة والكأس، وأخذت على عاتقها كل نفقات المشاركة في البطولات الإفريقية للأندية المغربية. إن نجاح الاحتراف في المغرب مرتبط بوجود مرجعية قانونية، تحدد الشروط الأساسية لهيكلة الأندية في شكل «نادي شركة»، وتوضح طرق التدبير والتسيير للموارد المالية والبشرية، وكذلك المنهج المحاسباتي الذي يجب أن تتبعه مع فرض المراقبة المستمرة والتدقيق والافتحاص. وانطلاقا من واقع المغرب السوسيو اقتصادي والسياسي، فإن الشركة ذات الاقتصاد المختلط، هي التي يمكن أن تكون الحل الأنسب على الصعيد الوطني، والوسيلة الناجعة للإقلاع بالاحتراف في المغرب لجل فرق المجموعة الوطنية. ففي ظل هذا النمط من الشراكة، يمكن للجماعة المحلية أن تساهم في مجال التدبير والتسيير الرياضي وتساعد أندية مدنها على الخروج من الأزمات المالية. أي مسير لقيادة الفريق المحترف؟ بعد سنوات من الاحتضان، لم نرق بكرة القدم المغربية إلى مستوى الاحتراف، لأن جزءا كبيرا من المسؤولية يتحمله التسيير الهاوي، الذي أضاع هذه الفترة بإهداره لأموال الاحتضان خلال الثمانينيات. وإذا كانت هناك من إساءة قد تعرض لها المشهد الكروي ببلادنا خلال تلك الفترة، فتبعاتها تقع على مسؤولية الوزارة الوصية والجامعة، حيث لم تتمكنا من وضع مرجعية قانونية للأندية، وفرض بعض المواصفات الضرورية لمن أراد أن يتحمل مسؤولية التسيير الرياضي لفرق كرة القدم، بالاعتماد على الكفاءة والديمقراطية للمرشح وبتقديم مشروع رياضي للنادي خلال تقدمه إلى منصب الرئيس، وشرح الاستراتيجية العامة على المدى المتوسط والطويل للإقلاع بالنادي. فكفاءة المسير المؤهل للاحتراف، يجب أن تكون كذلك مبنية على ثقافة النادي، وثقافة المقاولة، مع الإحاطة بعلم المستقبليات من أجل التخطيط والتهييء لاستراتيجية النادي في المستقبل لمعاصرة كل المستجدات. الفوارق بين الأندية يجب أن لايكرس الاحتراف الهوة بين فرق المجموعة الوطنية، كي لاتصبح القوية منها تشتري خدمات أحسن اللاعبين وتنتج أحسن فرجة وتحصل على أكبر مداخيل وتجلب المحتضنين والمستشهرين وتحقق أحسن النتائج، ثم توظف هذا التفوق بطريقة مستمرة في جلب أحسن اللاعبين وأجود المدربين ...الخ. فهذه الوضعية ستؤدي حتما إلى بطولة احترافية غير متوازنة تسيطر عليها بعض الفرق ماديا ورياضيا واستشهاريا، مما سيفقد للاحتراف أهم مميزاته الاقتصادية للفرجة، الإثارة والتشويق. تخليق كرة القدم المغربية تخليق كرة القدم يأتي أولا عبر تغيير العقلية للمسير وتحسيسه بمسؤوليته الأخلاقية والقانونية والرياضية للنادي ومحيطه وقيمه. وإيجاد قانون لحماية المنخرطين والمحبين و«الزبناء»، وينص على محاربة الشغب والعنف في الملاعب وتناول المنشطات. وهذا لن يتأتى إلا بإعداد دراسة حول جموع المحبين والمنخرطين لمعرفة توجهاتهم والأسباب الحقيقية وراء عزوفهم عن الملاعب من جهة، وما هي العوامل التي تؤدي إلى الشغب في المدرجات من جهة أخرى حتى يمكن القضاء عليها.