حينما عززت الثورتان الليبية والتونسية مكانتهما كمرجعية رئيسية في ما يتعلق بالحصول على الأخبار حول العالم العربي والاسلام، فإن قناة الجزيرة تضع مصداقيتها موضع خطر. والسبب تغطيتها غير المحايدة للأحداث في البحرين وسوريا، وأيضا دعمها الكامل للثوار الليبيين والمعارضة اليمنية. يبدو أن القناة القطرية، التي انساقت بشكل كلي في حركية الثورة، يبدو أنها لم تعد تكتفي بدور المراقب المحايد. ففي الوقت الذي تقتصر فيه أختها الصغيرة الانكليزية على اللعب بشكل (جيد) دورها كوسيلة إعلام محايدة، فإن الجزيرة الناطقة باللغة العربية تتصرف كما لو أنها رأس حربة الربيع العربي. فلنتنازل أولا، بالقول إن تغطيتها للثورتين التونسية والمصرية كانت نموذجا للجدية الصحفية. قد يكون من غير المهم عندما نعلم أن هذا التلفزيون كان مثار انتقادات لوقت طويل بسبب افتقاره للموضوعية، وخطابه المعادي للغرب، وتضخيمه في اضفاء صورة الضحية على العالم العربي الاسلامي، وطبيعتها المقلقة التي يرمز لها بنشره لصور دموية. كما أنه في حالة تونس، وفي المساء ذاته من يوم السابع عشر من شهر دجنبر، وهو اليوم الذي أحرق فيه البوعزيزي نفسه، خصصت قناة الجزيرة حيزا من بثها سيكون شرارة اندلاع عاصفة لا يمكن تصورها. إن الجزيرة هي من بثت تقريرا حول القمع داخل تونس، خاصة في منطقة القصرين، في الوقت الذي اكتفت فيه وسائل الاعلام الغربية بالحديث عن أعياد نهاية السنة. كما كانت في الموعد لنقل لحظة هروب بنعلي. لقد لعبت القناة الطرية هاته دور القاطرة الصحافية وذلك بشكل أكثر مهنية خلال الازمة المصرية. هذا وعلى الرغم من حظرها وبشكل سريع من قبل السلطات المحلية، فإنها تمكنت من ايجاد الوسائل الضرورية،ومن بينها التقنية، من أجل مواصلة بث صور الحشود المجتمعة في ميدان التحرير وأيضا التظاهرات التي شهدتها عدد من المدن على ضفة وادي النيل وسيناء. إنه بدون قناة الجزيرة، كانت عدد من القنوات في الشرق الاوسط الواقعة تحت تأثير المملكة العربية السعودية التي كانت تعارض سقوط مبارك ستقدم أخبارا مشوشة، سواء للمصريين وباقي بلدان العالم العربي. لقد كان مذهلا، أن نسمع بداية شهر فبراير صحفيا من قناة العربية يؤكد أن متظاهرين مساندين ومقربين من مبارك تم الهجوم عليهم من قبل محتجين، هذا في الوقت الذي كانت قناة الجزيرة تبث صورا تم جمعهاعبر الانترنيت تثبت العكس.