غريب أمر مايحدث في المغرب.. في الوقت الذي يعاني فيه آلاف الشباب من العطالة ، وفي الوقت الذي يفضل فيه البعض الآخر ركوب الأمواج للضفة الأخرى، هناك فئة قليلة من المحظوظين الذين ، لسبب أو لآخر، وجدوا أنفسهم من ذوي الامتيازات! لم يسلم أي قطاع من القطاعات من تدخلهم، فهناك الذين يعدون حبات الرمل التي تتحول إلى ذهب في جيوبهم، وهناك من تتحول المسافات بين المدن على يديه إلى أموال تضخ في حساباته البنكية، وآخرون حولوا البحر إلى منجم للذهب بطعم السمك. وهناك منهم من «بغاها واجدة!» ولم يجد الطريق سالكة فيما سبق ذكره وتوجه إلى أسواق الجملة للخضر والفواكه للإغتناء منها. إنهم مجموعة من الوكلاء الذين يفترض أن ينظم عملهم القانون، إلا أنهم، ولاعتبارات خاصة ولحسابات أخص، تُركوا أحرارا يستخلصون الأموال مقابل خدمات «وهمية» لايقومون بها. حولوا المربعات التي يشغلونها إلى فضاءات «لاستنزاف» جيوب التجار والعمال والمواطنين على حد سواء، ولمن يريد معرفة خبايا ماجرى ويجري، ما عليه سوى زيارة مربعات بعض الوكلاء بسوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء. الأخبار الواردة من بعض أسواق الجملة تتحدث عن فوضى وتسلط لبعض من هؤلاء الوكلاء الذين ليسوا في الأصل إلا أناس يفترض أن يجروا مباراة ليزاولوا هذه المهمة، إلا أن البعض منهم حولها إلى إرث يرثه أبا عن جد وكل واحد منهم بمسمى! فهناك وكلاء انتقلوا إلى عفو الله، وما زالوا مع ذلك «يزاولون» مهامهم في أسواق الجملة، حيث الإجراءات والوثائق توقَّع بأسمائهم، وهو ما يتناقض مع القانون الذي أقرّته وزارة الداخلية لتنظيم أسواق الجملة في المغرب. حيث ينص الفصل ال18 من القانون الأساسي لوكلاء أسواق الجملة على أن الوكيل يفقد صفته بعد وفاته أو استقالة، مبررة، بعد إشعار مدته شهران، أو بعد سحب للوكالة، على إثر مخالفات للواجبات المهنية. لكن الملاحظ أن هناك من فوت هذا الحق إلى ورثة من الدرجة الثانية والثالثة من دون إجراءات قانونية ومن دون أن تتدخل وزارة الداخلية لاتخاذ من يلزم من إجراءات لتطبيق القانون الذي ينص، في فصله السابع، حسب هؤلاء، على أن مهنة الوكيل تمنح لمدة ثلاث سنوات تحدد بدايتها في قرار التعيين. نظام الوكلاء والدي يستفيذ منه مجموعة ممن يحسبون على أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحير برز مجددا إلى السطح بعد أن انطلق الحديث عن مباشرة إصلاح نظام أسواق الجملة بالمغرب والذي انخرطت فيه المندوبية السامية للمقاومين مقترحة تعويض جزافي للمقاومين مقابل حق الاستغلال، تعويض تم اقتراحه من خلال تصريحات ربحية للوكلاء. نظام وكلاء أسواق الجملة بالمغرب، نظام يكرس منطق الريع والامتيازات فمنح امتياز مهمة الوكيل تمت خارج قواعد الشفافية والمهنية وتخللتها المحسوبية وعدم مباشرتهم لمهام المنوطة بهم كما ينص عليها القانون فأكثرية هؤلاء الوكلاء لا يحضرون إلى الأسواق، ووضعهم القانوني غير واضح لأن المقتضيات التنظيمية تنص على أن ولايتهم مدتها 3 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، في حين أن أغلب الوكلاء ظلوا في مناصبهم منذ 30 سنة. الوضعية غير القانونية للوكلاء بأسواق الجملة أثارتها تقارير المجالس الجهوية للحسابات وفتح بشأنها تحقيق بل وصلت إلى حد المتابعة الجنائية للبعض ممن تم تسجيل اختلالات مالية في حقهم الأمر الذي يستوجب تسريع اصلاح نظام أسواق الجملة وإلغاء سياسة الوكلاء التي تكرس الفوارق الطبقية وسياسة الامتيازات. فكيف يعقل مثلا ألا تنظم المباراة الخاصة بالوكلاء لأزيد من 20 سنة ؟ وألا تسهر سلطة الوصاية على تطبيق القانون؟ وكيف يعقل أن يتنصل هؤلاء الوكلاء من مسؤولياتهم تجاه التجار ويغلبون منطق الربح على منطق العمل وتنفيذ الإلتزامات؟ وفي انتظار إلغاء هذا النظام تبقى أسواق الجملة تحت رحمة اقتصاد الريع وسياسة الامتيازات...