ليس بدعا أن يتم الاحتفاء بالمرأة في اليوم العالمي لها، والذي أَجْبَرَتْ فيه العالمَ بمنظماته الحقوقية الدولية ومؤتمراته على إقرار يوم 08 مارس من كل سنة يوما لتاء التأنيث « المتحركة « لا الساكنة ..كان تحركها في»معقل» الغرب أولا (سنة 1857 بنيويورك )وهي تحمل « خبزا وورودا « ، في ثورتها على الظروف اللاإنسانية التي كانت تُجْبَرُ على العمل تحتها .. وبعد مرور نصف قرن على ذلك أعادت احتجاجها وتجمهرها في شوارع نيويورك في الثامن من مارس 1908 ؛ ليظل صمودها قويا طوال قرن ونصف من النضال ؛ ولتسمع العالم في لحظات هادئة أن الاحتفال بهذا اليوم « لا يأخذ الأبعاد نفسها التي رافقت مراحل إقراره، ولا يرتبط فقط بالاعتراف بأن حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان ، وكأنها قيمة مصنفة خارج تصنيفات الإنسانية وجب استدماجها ضمن القرارات والقوانين المتعارف عليها ، بقدر ما هو فرصةٌ لتأكيد أهمية أدوار المرأة في تحقيق التنمية الشاملة ، وتجسيدٌ لنتائج الإرادة السياسية الجادة ، والمخططات الإنمائية الفاعلة لإدماج المرأة في العديد من مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية ». لحظات الاحتفال كانت قوية ومتميزة لدى فئة من نساء التربية والتكوين في التظاهرة التي نظمتها وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي يوم 11 مارس 2011 بمركز التكوينات والملتقيات الوطنية بالرباط ؛ بحضور السيد الوزير والسيدة كاتبة الدولة ، وفعاليات من قطاع التربية والتكوين ، كانت احتفالا تربويا بيوم 08 مارس ،ويوم 09 مارس 2011 ؛ يومان متلازمان سيظلان متلاحمين في تاريخ المرأة المغربية المعاصرة ؛ احتفاء بما تحقق للمرأة في الماضي ، وبما هو آت .. بعد الخطاب التاريخي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ؛ الذي أعلن فيه عن «جملة من الإصلاحات الدستورية الساعية إلى ترسيخ دعائم المجتمع الديموقراطي الحداثي الذي يجب أن تحتل فيه المرأة المكانة التي تستحقها عبر تعزيز مشاركتها في تدبير الشأن الجهوي خاصة وفي الحقوق السياسية عامة ( كما ورد في كلمة الوزارة التي ألقيت بالمناسبة ) . كانت لحظة تكريم نساء التربية والتكوين قوية جدا؛ تكريم نساء تركن بصمات جلية ليس فقط في قطاع التربية والتعليم ؛ بل عمَّ خصبهن وثراء مشاركتهن مجالات الثقافة والإبداع داخل مختلف منابر العمل الجاد والرصين : في مراكز الإصلاح وحماية الطفولة ، وفي دعم تمدرس الفتيات ، والاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ، وفي مجالات الأدب ، والفكر، والفلسفة ؛ سواء داخل الوطن أو خارجه . فكن فخرا لهذا البلد في المحافل والمنتديات الوطنية والدولية .. ألف تحية إليهن ؛ في تواضعهن ، وفي إشعاعهن ، وفي تألقهن ؛ إلى السيدات الفاضلات : رحيمو نجاة ( الأستاذة) / السعدية بوفتاس ( المفتشة التربوية )/ خناثة بنونة ( الأديبة المديرة ) /هنية الغيسي ( المديرة ) / شادية وارد ( رئيسة القسم بالوزارة ) /عائشة أبو فراس ( أول نائبة امرأة للوزارة ) / التجانية فرتات( أول مديرة أكاديمية امرأة بالمغرب ) . وقد بَهُِجَتْ لحظاتُ الحفل بأداء وصلات موسيقية راقية جدا لأستاذات وأساتذة من قطاع التربية والتكوين . إن التوجه إلى إرساء الثقافة الحقوقية للمرأة خاصة ببلدنا أخذ أشكالا متعددة من الممارسات الميدانية بدءا من أولى سنوات الاستقلال ، وإلى الآن ، في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية وغيرها ، ولن نكتفي بالقول بسبق المغرب للكثير من الدول في إقرار هذه الثقافة وترسيخها في مختلف مجالات الحياة ، لأن الطريق ما زال شاقا وطويلا لجعل انخراط المرأة واضحا جليا ، وذلك بالعمل على ترسيخ مقاربة النوع من خلال رفع الحواجز السوسيو اقتصادية والجغرافية التي تحول دون تعميم تمدرس الفتاة في العالم القروي ، وعلى إقدارها على المساهمة في بناء المجتمع والنهوض به في مختلف جهات المغرب ، والعمل على تحفيزها للمشاركة في تحمل المسؤولية دون شروط الحدود التي يفرضها النصاب والنسبة العددية بجوار الرجل لتدبير الشأن العام ، والسعي إلى رفع حجب النكوص التي أثقلت موازين تقلدها للمهام ، خاصة في ألصق الميادين بممارستها التربوية التي ما زالت بعيدة عن المشاركة الكثيفة الوازنة بها ؛ سواء على مستوى ممارسة التدريس بالأسلاك العليا للتعليم ، أو على مستوى تحمل مهام الإدارة التربوية مركزيا وجهويا وإقليميا أو محليا ( إذ لا يوجد حاليا إلا حوالي 300 امرأة فقط مديرة بالتعليم الابتدائي من حوالي 7000 منصب للإدارة ؛ أي بنسبة % 06،04 ، وبالثانوي الإعدادي 64 مديرة من ما يقارب 1500 منصبا ، و 13 مديرة فقط بالتعليم الثانوي التأهيلي من ما يقارب 800 منصبا ) .æ فلنجعل من محطة الاحتفاء بنساء المغرب والعالم عامة ؛وبنساء التربية والتكوين خاصة محطة تحتم علينا جميعا الحرص على « تقليص هذه الفوارق بين طبائع مشاركة المرأة والرجل على حد سواء في تدبير الشأن العام ، والسعي إلى اعتبار حقوق المرأة ؛ عامة ؛ قضية كل إنسان ، وحقوق نساء التربية والتكوين ؛ خاصة ؛ قضية كل أطر قطاع التربية والتكوين ؛ لرفع التحديات التي تحد من مشاركتها في العملية الإنمائية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية الحيوية ؛قياسا إلى باقي دول العالم ؛ لترسيخ الاقتناع بحقوق المرأة ؛ أولا ؛ ولإبراز قدرتها في المشاركة الفاعلة في مختلف مناحي الحياة ؛ ثانيا ؛ بما ينسجم وتوجهات العصر ، ويتلاءم وخصوصيات المرحلة البنائية الحالية للمجتمع» .