في تطورات متلاحقة بالعالم العربي الذي تحولت إليه أنظار العالم كله فيما بات يعرف بربيع الديموقراطية في آخر قلاع الاستبداد والدكتاتورية ، شهدت سوريا أمس تظاهرات في دمشق وفي محافظة درعا ، جنوبا ، انطلقت عقب صلاة الجمعة ، حيث اعتقلت خلالها قوات الامن خمسة أشخاص على الأقل ، وذلك غداة إعلان السلطات عن نيتها القيام بإصلاحات وبخاصة لجهة دراسة إلغاء قانون الطوارئ المعمول به منذ عام1963 . وأفادت مراسلة وكالة فرانس برس أن نحو300 شخص انطلقوا عقب صلاة الجمعة من جامع بني أمية الكبير في وسط العاصمة دمشق نحو سوق الحميدية هاتفين « الله، سوريا، حرية وبس « و» درعا هي سوريا» و» كلنا فداء درعا» . بالمقابل احتشد انصار للرئيس بشار الأسد في ساحة المسكية المقابلة للجامع حاملين صورا للرئيس السوري ولوالده حافظ وهم يهتفون « الله ، سوريا، بشار وبس» و» بالروح ، بالدم ، نفديك يا بشار» . وكان ناشطون حقوقيون أفادوا أن مئة شخص على الأقل قتلوا الاربعاء على أيدي قوات الأمن السورية في درعا ، فيما سعت السلطات السورية الخميس إلى احتواء حركة الاحتجاج بالاعلان عن سلسلة إصلاحات « تلبي طموحات» الشعب والإعلان عن إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية أحداث درعا بأمر رئاسي. وفي اليمن ، واصل الرئيس علي عبد الله صالح الجمعة إصراره على عدم التنحي ، حيث أكد أنه « ثابت» في وجه الحركة الاحتجاجية المطالبة برحيله رغم أنه مستعد « لتسليم السلطة الى أيادي أمينة» ، وذلك في خطاب ألقاه أمام حشود صخمة من مؤيديه في صنعاء. وقد أطلق الجيش اليمني الجمعة الرصاص في الهواء لمنع أنصار النظام من الاقتراب من المحتجين في صنعاء المطالبين بإنهاء حكم صالح . وحاول أنصار النظام المحتشدون في شارع قريب من ساحة يتجمع فيها المنادون بإنهاء حكم صالح ، الاقتراب من المتظاهرين الخارجين من « ساحة التغيير» ، إلا ان عناصرالجيش المنتشرة في المكان أطلقت النار في الهواء لمنعهم. ومعلوم أن عشرات الضباط أعلنوا انضمامهم إلى « ثورة الشباب» ، في وقت يجري اللواء علي محسن الاحمر الذي كان يعد من أهم أعمدة النظام وانحاز إلى المحتجين ، مشاورات لتشكيل مجلس انتقالي. وقتل52 متظاهرا واصيب اكثر من120 بجروح قبل أسبوع أمام جامعة صنعاء ، بعدما هاجم المعتصمين مسلحون قال المتظاهرون إنهم يؤيدون النظام. وفي وقت تواصل كتائب القذافي استهداف عدة مدن في غرب ليبيا ، دون تفريق بين المدنيين والمسلحين ، قال ساركوزي إن التدخل العسكري في ليبيا « حال دون سقوط آلاف وآلاف القتلى» ، مؤكدا أنه يمكن أن يتوقف فور عودة القوات الموالية للقذافي إلى ثكناتها. واعتبر ساركوزي أن الحركات التي يشهدها العالم العربي حاليا تشكل « لحظة تاريخية» . وفي هذا الاطار، دعا إلى وقف أعمال العنف ضد المتظاهرين في سوريا مؤكدا أنه لا يمكن لأي ديموقراطية أن تقبل بإطلاق النار على محتجين مسالمين. أما بان كي مون ، الأمين العام الأممي ، فقد أكد أن ليبيا لم تفعل شيئا لتنفيذ التزاماتها الواردة في قرار مجلس الامن الدولي الذي صدر قبل أسبوع. وقال بان كي مون في تقرير حول الوضع في ليبيا خلال اجتماع للدول ال15 الاعضاء في مجلس الأمن مساء الخميس إن « السلطات الليبية أعلنت مرارا أنها التزمت وقفا لاطلاق النار» ، وأضاف «لم نر أي دليل على أن الامر كذلك ، بل بالعكس استمرت مواجهات عنيفة» . وقال بان كي مون أيضا إن انتهاكات حقوق الإنسان ما زالت مستمرة في ليبيا وأن « المسؤولين عن الجرائم ضد الشعب سيحاسبون» ، مضيفا « ما زلنا نشعر بقلق جدي بشأن حماية المدنيين» . وأكد بان كي مون أنه «إذا لم تتحرك ليبيا للامتثال للقرار1973 ... فإن مجلس الأمن الدولي مستعد لاتخاذ إجراءات إضافية» . ميدانيا أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن طائرات مقاتلة من طراز تورنيدو تابعة لسلاح الجو البريطاني أطلقت ليلة الخميس الجمعة صواريخ على آليات مدرعة ليبية كانت « تهدد» مدنيين في مدينة اجدابيا ، شرق ليبيا. وتسيطر قوات القذافي على اجدابيا التي تبعد160 كلم جنوب بنغازي معقل المعارضة في شرق ليبيا . وقد توصلت دول حلف شمال الاطلسي ، بعد مناقشات محتدمة ، مساء الخميس إلى اتفاق ينص على أن يتولى الحلف فرض منطقة الحظر الجوي فوق ليبيا ولكن من دون أن يشمل هذا الاتفاق تنفيذ ضربات عسكرية التي لا تزال من مهمة التحالف الدولي. وينص القرار1973 الصادر عن مجلس الأمن الدولي على اتخاذ «كل الإجراءات الضرورية» لحماية المدنيين وفرض وقف إطلاق النار على الجيش الليبي حتى وإن اقتضى ذلك شن غارات جوية ، لكنه يرفض الاحتلال العسكري على الأرض.