كم من طبيب توفي هو أو أحد أفراد عائلته المصاب بمرض مزمن أو خطير لعدم توفره على التغطية الصحية التي تستمر الدولة في حرمانهم منها؟! سؤال أوجهه للرئيس المؤقت/ الدائم للهيئة الوطنية للأطباء. وعليه أن يقدم الجواب للرأي العام الوطني قبل الدولة التي لا تريد حتى اليوم أن تتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب وضمنه فئة مهمة منه وهم الأطباء والممرضون والتقنيون العاملون بقطاع الصحة. شخصياً، سمعت خلال حياتي عن موت بعض الأطباء أو بعض ذويهم وغيرهم من الطاقم شبه الطبي لأسباب عدة أهمها عدم توفرهم على التأمين والتغطية الصحية، هم الذين أولى بها منا جميعاً، لكونهم سخرهم الله لنا لعلاجنا. كما سمعت عن قيام بعض الجمعيات المختصة في هذا النوع من المرض أو ذاك لتقديم الدعم المالي اللازم لإجراء عمليات داخل المغرب وخارجه لمواطنين آخرين، وعلمت أن المؤسسة الملكية تفضلت بتحمل مصاريف علاج الكثير من الفنانين والرياضيين وغيرهم من أبناء هذا الوطن. اليوم، أمام الجميع حالة إنسانية لطبيب اشتغل بالقطاع العام لمدة 11 سنة وبالقطاع الخاص طيلة 20 عاماً إلى أن أصيب بداية 2007 بمرض خطير يقتضي عملية زرع النخاع العظمي، فواجهه بإمكانياته ومساعدة بعض زملائه، لكن وضعيته اليوم تتدهور باستمرار في اتجاه الموت المحقق إن لم يخضع لعملية بفرنسا، حسب تقرير طبي لمختص. مثل هذا السبب وغيره هو الذي دفع آلاف الأطباء المغاربة الأكفاء للهجرة (لإنقاذ أنفسهم وذويهم وقد أسدى لنا بعضهم خدمة كبيرة لحالة إنسانية)، ولاستمرار الدولة في عدم الاستجابة لمطالبهم النقابية المشروعة التي حققتها لغيرهم، علماً بأن الشعب محتاج اليوم للأطباء والممرضين وغيرهم من المهن المرتبطة بقطاع الطب والصيدلة. يتعلق الأمر بحالة الدكتور عبد الرزاق السلاوي بالدار البيضاء الذي يعرف أنه سيموت مخلفاً زوجة وثلاث بنات، لكنه ينظر للحياة بأمل لكونه راسل جمعية محاربة داء السرطان بالرباط، كما راسل المؤسسة الملكية عبر بعض مستشاريها وهو ينتظر الفرج. وحتى لا تتكرر هذه الحالة، ليس فقط للأطباء، ولكن كذلك لغيرهم من ممارسي المهن الحرة، وباقي المواطنين، فإن الإصرار على حرمانهم من التأمين والتغطية الصحية يعتبر جريمة، ولو كنا فعلا في بلد ديمقراطي لحوكمت الدولة ومؤسساتها على ذلك.