ما المقصود بالترويض الطبي والعلاج الفيزيائي، وهل هناك أي اختلاف بينهما؟ يتعلّق الأمر بتخصص واحد، لكن الإشكال يكمن في التسمية بالنظر إلى أنه في المغرب يسمى بالترويض الطبي، في حين أنه في كل الدول العربية يسمى بالعلاج الفيزيائي أو العلاج الطبيعي، وذلك انسجاما وترجمة الاسم انطلاقا من اللغة الإنجليزية ‹فيزيكال ثيرابي»، لهذا ارتأينا أن ندمج التسميتين معا، في الإطار الذي يهمّنا حتى يكون جامعا وشاملا. من هو المروض الطبي وماهي مجالات تدخله؟ في المغرب، المروض الطبي، هو شخص، إمرأة أو رجل، حاصل على شهادة الباكلوريا العلمية، إضافة إلى درجة الإجازة في الترويض الطبي نظريا وتطبيقيا، في حين أنه في معظم دول العالم تمتد مدة التكوين لتصل إلى مابين خمس إلى ستة سنوات. ويعمل المروض على تقديم خدماته بالاعتماد على التشخيص الأولي للطبيب المعالج، كما عُرف مبكرا وعبر العالم على أن هذا التخصص هو تشخيص وعلاج للعجز والمرض وتخفيف للآلام بالوسائل الطبيعية، كالعلاج الحركي بالتمارين الرياضية، والتدليك الطبي، وبتطبيق العوامل الفيزيائية من حرارة وبرودة بوسائط مائية وكهربائية، وباستخدام أسلوب شامل للوقاية والتشخيص والمعالجة، والتأهيل وإعادة التأهيل للمشاكل والاضطرابات الحركية الوظيفية، والحالات المرضية التي تصيب المفاصل والجهاز العظمي والعضلي والعصبي والتنفسي، وإضطرابات الدورة الدموية واللمفاوية وإضطرابات الجهاز البولي والتناسلي خصوصا عند المرأة، ويتم التعامل مع كل حالة على حدة وفقا لبروتوكول علاجي خاص. هل هناك إحصائيات عن عدد مهنيي الترويض بالقطاع الخاص في المغرب؟ للأسف ليس هناك رقم مضبوط يحدّد عدد المروضين الحاصلين على تراخيص لمزاولة المهنة في القطاع الخاص، وذلك راجع لإشكالات متعددة، فهناك من يزاول تحت إشراف الأطباء أو زملاء لهم بعياداتهم أو مراكزهم الخاصة، وهناك من يكتفي وبشكل فردي أو جماعي بالتردد على منازل المرضى للتقديم العلاجات، وكل صور العمل المذكور تتم دون الحصول على رخصة المزاولة من الأمانة العامة للحكومة. إلا أنهه وبالرجوع إلى رقم سابق يشكل عيّنة محصل عليها من الأمانة العامة للحكومة، والذي يخص المروضين الحاصلين على تراخيص للمزاولة خلال الفترة ما بين 2008 و 2014، فإننا نجد على أن العدد هو محدد في 1036 مروضا طبيا، إلا أن الرقم الفعلي و المضبوط غير متوفر. ماهي أبرز المشاكل التي يتخبّط فيها هذا القطاع؟ هناك العديد من المشاكل، التي تظهر يوما عن يوم مع ازدياد الطلب على هذا النوع من العلاجات رغم أن هذا التخصص لم يأخذ بعد مكانته التي يستحقها ضمن المنظومة الصحية، إلا أنه يواجه مشاكل متنوعة ، نظرا لغياب قانون منظم لمزاولته بالقطاع الخاص، من أخطرها التطفل على المهنة والممارسة غير الشرعية، ضعف جودة التكوين النظري والتطبيقي وذلك راجع إلى غياب آليات مراقبة مدارس ومعاهد تابعة لوزارات وصية مختلفة «وزارة التعليم و التكوين المهني، وزارة التعليم العالي، ومعاهد تابعة إلى وزارة الصحة»، وكذا وجود مؤسسات تعليمية تابعة للتكوين المهني الدبلوم فيها بدرجة تقني متخصص في الترويض، ومؤسسات تابعة للتعليم العالي بدبلوم متخصص في الترويض الطبي، إضافة إلى المعاهد التابعة للدولة، أخذا بعين الاعتبار أن الدبلوم يصدر باسم تخصص شعبة التدليك والحال أن رخصة مزاولة المهنة تصدر باسم الترويض الطبي، مع أن الحكومة والسلطة التشريعية صادقت على نظام الإجازة، الماستر والدكتوراة، دون إغفال أن الشواهد التي تمنح لخريجي المعاهد والمدارس الخاصة لا تخول لهم العمل في القطاع العمومي مع العلم أن الدستور ينشد تكافؤ الفرص لحاملي الشهادات، في حين أن الحل يكمن في توحيد التقييم النهائي للطلاب سواء بالتعليم الخاص أو العمومي من خلال امتحان موحد، لتجنب تشكيلات متعددة، وانحرافات كبيرة من ناحية جودة التكوين بين مختلف المدارس، وشهادات ذات نوعية و قيمة جد مختلفة. ثم هناك مشاكل ذات طابع تنظيمي، إلى جانب التوزيع غير المعقلن وتمركز عدد من المراكز في تجمعات ضيّقة مقابل حرمان فئات عريضة من المواطنين من هذه الخدمات في مناطق أخرى، مما يخلق إشكالات كثيرة مع ضعف الثقافة عند المواطنين بالالتجاء إلى المروض الطبي، وهو الإشكال الذي يطرح عندما تغيب وصفة الطبيب المعالج مع وجود حالات تكون في حاجة إلى تدخل المروض الطبي ولايتم توجيهها في الوقت المناسب، دون إغفال مشكل ضعف التعويضات المقدمة من طرف مؤسسات التأمين الصحي عن حصص العلاج بالترويض. وإلى جانب ماسبق هناك مشكل يرتبط بممارسة بعض المهنيين، حيث نجد تباينا في تسعيرة الحصة، إذ يختلف ثمنها في الأحياء الراقية عن غيرها من الأحياء الشعبية، وذلك راجع لكون البعض يخفض من الأثمنة سعيا لجلب المزيد من المرضى، بالنظر إلى أنه ليست هناك تعريفة موحدة، وهو ماينعكس سلبا على جودة الخدمات المقدمة وعلى صحة المريض. الإشكالات التي تطرقت إليها لن تنسينا صلبها، والنقطة البالغة الأهمية، والتي هي محور كل تلك التفاصيل والمتمثلة في كون هذا القطاع هو لا يتوفر إلى حد الآن على قانون ينظمه ويؤطره، ولا على هيئة تحميه و ترعاه، وتنظمه بالقانون كما هو موجود عند الأطباء و الصيادلة ... إلخ وهنا يجب أن أذكر بأن وزارة الصحة سبق وان أحالت على المؤسسة التشريعية في الولاية السابقة قانونا لايخص المروضين لوحدهم بل يشمل عددا من الفئات كالنظاراتيين والاخصائيين النفسانيين حركيين، ومقومي السمع والبصر والنطق، ومركبي الأجهزة ، وغيرهم، والذي تقدمنا بمذكرة في إطار تحالف جمعوي، تتضمن ملاحظاتنا بشأن عدد من بنوده، وقد أعاده مجلس المستشارين إلى لجنة الشؤون الاجتماعية لمراجعته وتعديله وننتظر ما الذي ستسفر عنه الأيام المقبلة في هذا الصدد. أسستم حديثا نقابة تخص المروضين بالقطاع الخاص، لماذا أقدمتم على هذه الخطوة؟ أمام مشاكل بهذا الحجم والتي ترخي بظلالها على يوميات مهنيي القطاع، كان لزاما علينا وبعد تفكير عميق من تأسيس إطار نقابي اخترنا له إسم «النقابة الوطنية المستقلة للمروضين الطبيين المعالجين الفزيائيين والطبيعيين بالقطاع الخاص»، هدفها توحيد كلمة المروضين الطبيين المعالجين الفيزيائيين الطبيعيين بالقطاع الخاص، والدفاع عن الحقوق والمصالح المادية والمعنوية والمهنية، الفردية والجماعية للمهنيين بالمغرب لدى الجهات الوصية المختصة، المؤسسات العمومية، شبه العمومية، السلطة القضائية، مؤسسات القطاع الخاص، الأشخاص الذاتيين، وكذلك العمل والإسهام في رسم السياسة التعليمية للترويض الطبي العلاج الفيزيائي الطبيعي وتطوير المناهج وفقا لحاجة المجتمع ودراسة الوسائل المختلفة لتحسين العمل في المهنة، ومتابعة ما يستجد من بحوث علمية وتطبيقية، مع العمل على تنظيم المهنة بشراكة مع الوزارة الوصية وكافة المتدخلين، والمساهمة في تأهيل القطاع ومنحه المكانة الطبيعية التي يستحقها إلى جانب التخصصات الطبية الأخرى بما يخدم صحة المواطنين ويرفع من جودة الخدمات. اختصاصي في الترويض الطبي والعلاج الفيزيائي.