شكلت الزيارة الرسمية التي يقوم بها الملك محمد السادس لزامبيا، اختراقا دبلوماسيا واقتصاديا مغربيا غير مسبوق لمنطقة إفريقيا الجنوبية، ويتعلق الأمر بأول دخول للمغرب لهذه المنطقة الشاسعة، التي تظل، بحسب آراء الخبراء، فضاء مفعما بالوعود. فقد ترأس الملك محمد السادس ورئيس جمهورية زامبيا، إدغار شاكوا لونغو، أول أمس الاثنين بالقصر الرئاسي بلوساكا، مراسم التوقيع على 19 اتفاقية حكومية وأخرى تهم الشراكة الاقتصادية بين البلدين. وتشكل هذه الاتفاقيات، التي تنسجم تمام الانسجام مع التوجه الملكي الرامي إلى تعزيز الشراكة جنوب-جنوب، إطارا قانونيا ملائما، يتوخى تفعيل تعاون مثمر سواء بين الحكومتين أو بين الفاعلين الخواص بالبلدين. وتغطي هذه الاتفاقيات قطاعات متنوعة، تهم المشاورات السياسية والخدمات الجوية وحماية الاستثمارات، والمالية والتأمين والتعليم والتكوين والسياحة والفلاحة والتكنولوجيا والصناعة والمعادن والطاقات المتجددة. ومن بين التوقيعات اتفاق عام للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني والثقافي، ومذكرة تفاهم لإرساء آلية للمشاورات السياسية، واتفاق للتعاون في مجال التربية والتكوين والتدريب، واتفاقية بشأن الخدمات الجوية، وأخرى للنهوض بالحماية المتبادلة للاستثمارات، بالإضافة إلى مذكرات تفاهم في قطاعات الصناعة والفلاحة والمعادن والطاقات المتجددة والسياحة.. وبهذه المناسبة، أعرب رئيس غرفة التجارة والصناعة لزامبيا، السيد جيوفري ساكيلاندا، في كلمة أمام جلالة الملك والرئيس الزامبي، عن سعادته للزيارة الملكية لبلاده، والتي شكلت فرصة لأوساط الأعمال بالبلدين، للقاء والتباحث بشأن فرص الشراكة الاقتصادية المتاحة. وبعد أن ذكر بانعقاد منتدى الاعمال المغربي الزامبي اول امس السبت بلوساكا، أشاد السيد ساكيلاندا بإحداث مجلس للأعمال بين البلدين، ليشكل بنية للتنسيق والمواكبة، ويساهم بشكل فعال في خلق تكامل بين اقتصادي البلدين. واستعرض فرص الاستثمار التي تتيحها بلاده، خصوصا ما تزخر به من موارد طبيعية، وما تنعم به من استقرار سياسي ومناخ ملائم للأعمال، وموقع جغرافي، فضلا عن السياسات التنموية القطاعية التي تنهجها الحكومة. من جهتها، سجلت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، السيدة مريم بنصالح شقرون، أن التوجه الجديد لاقتصاد زامبيا نحو التنويع، وفق مقاربة مندمجة، ينسجم مع الاستراتيجية الاقتصادية للمغرب. وذكرت السيدة بنصالح في هذا الصدد، أن منتدى الاعمال المغربي الزامبي الأخير، مكن من تحديد العديد من مجالات التعاون، وخصوصا الطاقات والفلاحة والصناعة الغدائية والمعادن والسياحة والتكنولوجيات الجديدة للإعلام والتواصل والمالية والبنيات التحتية والسكن. وتابعت أن هذا المنتدى كان مناسبة أيضا للتأكيد على ضرورة تقوية الاندماج الاقتصادي جنوب جنوب الذي ما فتئ يدعو إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، موضحة أن المشاركين في المنتدى اتفقوا على إحداث مجلس للأعمال بغرض تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين. وأضافت انه في سياق عولمة متعثرة، يتعين علينا العمل من أجل ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة والعمل سويا لرفع التحديات المشتركة المرتبطة بخلق فرص الشغل، وتحقيق التنمية المستدامة والاندماج الاقليمي. وحول اختراق المغرب للفضاء الاقتصادي لمنطقة جنوب القارة ، قالت المحللة المختصة في الاستثمارات بإفريقيا، شانتال ماركس، إن الشركات المغربية، التي أبانت عن كفاءة وخبرة بغرب وشرق إفريقيا، ستجد في هذه المنطقة، بيئة ملائمة لتطوير استثماراتها. وأوضحت ماركس أن ولوج الشركات المغربية إلى إفريقيا الجنوبية من شأنه أن يعطي قيمة مضافة لقطاع الاستثمارات بهذه الرقعة الشاسعة من القارة، التي تهيمن عليها الشركات الجنوب إفريقية. وأشارت إلى أن الأمر يتعلق بمنطقة توفر إمكانات كبيرة للشركات المغربية، لاسيما في مجالات الفلاحة والمواصلات والبناء والمالية، مسجلة أن الخبرة التي راكمتها الشركات المغربية، ستمكنها من فرض نفسها في هذا الحيز الجغرافي. وذكرت شانتال، أن المغرب يعد، في الوقت الراهن، أول بلد مستثمر بغرب إفريقيا وثاني مستثمر في القارة برمتها، مبرزة أن طموح المغرب للاضطلاع بدور ريادي على الساحة الاقتصادية القارية، يجعل من اختراقه للسوق الإفريقية الجنوبية أمرا مشروعا. وتساهم هذه المنطقة، وفقا للتقارير الدولية، بأكثر من نصف الناتج الداخلي الخام لبلدان إفريقيا جنوب الصحراء، بالإضافة إلى توفرها على موارد طبيعية وافرة وإمكانات اقتصادية واعدة.