شكل موضوع "صناعة الإرهاب وآليات مواجهته فكريا عبر تفكيك خطابه المتطرف"، محور الندوة التي عقدت أول أمس على هامش الدورة 23 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، وهي الندوة التي شارك فيها الأستاذ محمد بلكبير رئيس مركز الدراسات والابحاث في القيم التابع للرابطة المحمدية للعلماء والأستاذ محمد منتار رئيس مركز الدراسات القرآنية التابع للرابطة وسيرها عبد الحق التيجاني. ميز محمد بلكبير في البداية بين المصطلحات التي لا يجب الخلط بينها كمفهوم الإسلامي والمسلم من حيث الخطابات والمرجعيات، بالإضافة إلى مصطلح الأصولية الذي لا يعني التطرف، بل النظر إلى القضايا والإشكالات الراهنة بمنظور سلفي ينتصر للأصول، قبل أن يتطرق إلى مفهوم التكفير الذي ميز فيه بين التكفير الذي يدفع الانفصال عن المجتمع وبين التكفير الذي يعتمدالعنف، مشيرا إلى أنه عند الحديث عن الارهاب يجب استحضار معطى أساسي هو أن الارهاب ليس سلوكا فطريا بل صناعة لها خبراؤها ومختبراتها، لكن تصريفها يتم على مستويين: مستوى الزعماء ذوي الكاريزما وموكول لهم مهمة التنظير ووضع التصورات الكبرى للمشروع الإرهابي، فيما المستوى الثاني يشكله المجندون وأغلبهم من الشباب المتشبع بالفكر المتطرف وبالتأويل الخاطئ والمغرض للدين، والذي يتولى مهمته الزعماء، وهو ما يجد ترجمته في مبدأ الانغماس الذي يندمج فيه الشباب بحثا عن دولة الخلافة التي تعتبر خلاص الناس عبر تحقيق الأحلام الأربعة: الصفاء ، الكرامة، الوحدة، الخلاص. القادة والماسكون بخيوط اللعبة، في تأطيرهم لفئة المجندين يعملون على تغيير الخرائط الذهنية عن طريق الشحن الايديولوجي بالنظر إلى هشاشة هذه الفئة، ليلجأوا في ما بعد إلى التغلغل وبناء شبكات والبحث عن حاضنات لهذا الفكر مع التكوين المستمر لمواكبة المستجدات التي تطرح وتقسيم العمل في ما بين المجموعات التي تتركز في بؤر الصراع كما يحدث مع جماعات ليبيا، سوريا، بوكوحرام لتأتي في الأخير مرحلة التقييمات، ومقابل هذه الصناعة المدمرة يجب أن تكون المعركة الفكرية موجهة نحو صناعة الانسان، وهي صناعة يرى بلكبير يجب أن تبدأ بطرح الأسئلة القيمية والابستيمولوجية على الشباب ورصد احتياجاتهم وانتظاراتهم بعيدا عن بعض لغة الخطاب والخطاب المضاد، بل يجب صياغة خطاب بديل يجيب عن كل التساؤلات المجتمعية، لكن دون إغفال المواجهة الأمنية و التنموية. فتفكيك خطاب التطرف يبدأ من إعادة قراءة المفاهيم والخطاب الارهابي، بدون نية الهدم، بل يجب أن ينطلق التفكيك من البناء المنطقي للخطاب الارهابي والذي قد يكون سمعيا، بصريا، ورقيا للوقوف على تناقضاته وإعادة قراءة المفاهيم الشرعية، كما يجب طرح السؤال: هل هذه المفاهيم تمس الجانب الشرعي في جانبه الصحيح، مؤكدا أن المنهج التفكيكي هو المنهج العلمي الوحيد القادر على تبيان مزالق هذه التنظيمات. في مقاربته لموضوع صناعة الإرهاب والخطابات المتطرفة، اعتبر محمد منتار رئيس مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماءء أن المعركة كانت دوما مع الجماعات المتطرفة، يمينا ويسارا، وكانت معركة تأويلية بالأساس (القرآن، الحديث، الآثار) والتي كانت تجتزأ من سياقها الزمني والمكاني، معتبرا إطلاق اسم الدولة الاسلامية مجافيا للعديد من الوقائع التاريخية في الاسلام ومنها مقاصد الشريعة التي تؤكد على حفظ (الحياة، الدين، النسل، الكرامة، العقل، الملكية) وهي المقاصد التي أطرت فهم علماء المسلمين لكل تأويل للنصوص الدينية، مشيرا إلى أن الجماعات المتطرفة تشتغل اليوم من داخل هذه النصوص، ما يعني أنها تراهن على معركة تأويل الدين مما يجعل الضرورة ملحة أمام المؤسسات الدينية لإعادة هيكلتها لتصحيح مسار الاستدلال بهذه النصوص، خصوصا في عصر الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي، وبالنظر إلى المضمون العلمي الدي يبث في المواقع الالكترونية وهو ما يطرح ملحاحية حضور الثقافة الوسطية عبر مقاربة فكرية تعمل في تكامل مع المقاربة الأمنية والتنموية، معتبرا أن المفاهيم الشرعية والمعركة المضمونية لها دور في دححر هذا الخطاب الذي يتأسس على مفاهيم الدولة الاسلامية، الحاكمية الجهاد - إمارة المؤمنين - الحسبة - الحد) وهي معركة انخرطت فيها الرابطة عبر عدة واجهات ذكر منها: دفاتر الرابطة السبعة، المثقِفون النظراء (تكوين 220 مثقِفا نظريا) العلماء الوسطاء منصات الرابطة.