فاجأ الموقف المغربي قطاع الصيد البحري الإسباني، والذي تشكل المياه الإقليمية المغربية المجال الأساسي لممارسة نشاطه. وعبر بيدرو مازا رئيس فدرالية الجمعيات الأندلسية للصيد البحري ونائب رئيس الفدرالية الإسبانية للصيد البحري، في تصريح صحافي عن أسفه للتوظيف السياسوي لملفات اقتصادية صرفة، معتبرا أن الموقف الذي عبر عنه المغرب مشروع ومفهوم. ويرتقب أن تشهد بروكسل في الساعات المقبلة تحركات مكثفة للوبي الصيد الإسباني للضغط على السلطات الأوروبية ودعم مطالب المغرب. وللإشارة، فإن هذا التوتر حول الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي تزامنت أيضا مع نقص مهول في إنتاج الخضراوات جنوب أوروبا بسبب البرد، والذي يعول الأوروبيون على الواردات لسده، خاصة من دول الضفة الجنوبية للمتوسط ومنها على الخصوص المغرب ومصر. وحسب المعطيات المتوفرة، فإن انخفاض إنتاج الخضراوات في إسبانيا يقدر بنحو 35 في المئة، في حين تجاوزت نسبته 60 في المئة في إيطاليا. وفي سياق متصل، صرح لنا أحمد أوعياش رئيس «الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية «كومادير» أن الكرة الآن باتت في ملعب الاتحاد الاوربي الذي عليه أن يحسم في مواقفه من الشراكة بشكل واضح. وقال أوعياش إن البيان الذي أصدرته وزارة الفلاحة كان واضحا ويحمل رسالة مفادها أن المغرب لن يتساهل عند المس بمصالحه ولن يقبل أي انتهاك لبنود الاتفاقات التي وقع عليها مع الاتحاد الاوربي والتي تشمل كافة أراضيه.. واستطرد الخبير في الشؤون الفلاحية، أن هذا البيان سيكون له ما بعده، متوقعا أن الرد من الجانب الأوربي لن يتأخر، خصوصا وأن الموضوع يتعلق بمصالح العديد من المهنيين الأوربيين أنفسهم : كمصدري القمح الفرنسيين والصيادين الإسبان و المجهزين الفلاحيين الألمان ومستوردي الخضر والفواكه وغيرهم..كل هؤلاء معنيون بتطورات الملف ولاشك سيكون لهم تأثير على الموقف الأوربي. وفي الضفة الأخرى، قال مصدر دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي لرويترز إن بيان الوزارة جاء ردا على تصريح لمفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي ميجيل أرياس كانيتي في البرلمان الأوروبي يشير إلى الوضع «الانفصالي والمستقل» لل»صحراء الغربية». من جهته، قال وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش إن بيان أول أمس ليس ردا على تعليقات كانيتي التي تمثل توجها عاما بمؤسسات الاتحاد الأوروبي. وقال أخنوش لرويترز بالهاتف «إنه يتعلق بما يعنيه قرار المحكمة الأوروبية.. إنه يعني بالنسبة للمغرب أن الاتفاقات ينبغي تنفيذها على النحو الذي كانت عليه عند توقيعها.» وأضاف أن المسؤولين الأوروبيين لم يبدأوا بعد محادثات رسمية بخصوص ما يعنيه الحكم لكن المغرب يستعد لآثاره المحتملة. وتابع «نحن قوم عقلاء وندرك أننا نحتاج أوروبا وأن أوروبا بحاجة إلينا. لكننا نريد منهم أن يروا جميع الجهود التي يبذلها المغرب لإنجاح الشراكة.» وأشارت المحكمة دون الخوض في تفاصيل الاتفاقات التجارية إلى أن بعض مصائد أسماك الاتحاد الأوروبي التي تقع في مياه ساحلية متنازع عليها تعد انتهاكا للحكم. وقالت إن الاتفاقات الموقعة مع المغرب ربما لا تشمل موارد «الصحراء الغربية» نظرا لأن سكان المنطقة لم يوافقوا على ذلك. من جهة أخرى، دعا وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش إلى «أن تكون الأمور واضحة وصريحة» حول المستقبل الذي تريد الرباطوبروكسل تطويره بخصوص الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وقال أخنوش، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية (أ إف بي)، إن «هناك حكما قضائيا، ويجب أن تكون الأمور بيننا واضحة وصريحة حول المستقبل الذي نريد أن نبنيه ونطوره بين المغرب والاتحاد الأوروبي». وأوضح السيد أنه «لدينا اتفاق تجاري للتبادل الحر من المفروض أنه مبني على أساس شراكة رابح- رابح (...) لكن للأسف هناك اليوم مساحات من الشك حول ما يجري في العاصمة الأوروبية بروكسل»، مشيرا إلى أنه لا يفهم «حتى الآن موقف مفوضية الاتحاد الأوروبي تجاه الأقاليم الجنوبية». وأضاف الوزير «ليس لدينا وقت نضيعه أمام المحاكم، ولا نريد أن نحشر أنفسنا في مطبخ المؤسسات الأوروبية»، موضحا أن هناك «الكثير من الضغوط» من طرف الفلاحين والصيادين المغاربة. وقال «لقد وقعت اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي. كل ما أود معرفته هل لايزال هذا الاتفاق ذا راهنية». وكانت وزارة الفلاحة والصيد البحري قد أكدت، في بلاغ لها أول أمس، أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي تأمين الإطار الضروري لتنفيذ مقتضيات الاتفاق الفلاحي الذي يربطه بالمغرب في أحسن الظروف، مضيفة أن اللجنة الأوروبية وكذا المجلس الأوروبي يتحملان مسؤولية إجهاض محاولات التشويش من خلال مواقف وخطابات واضحة ومنسجمة مع قرارات دافعت عنها واعتمدتها الهيئتان نفسهما.