لم تتسبب التساقطات الثلجية الكثيفة، التي شهدتها ، مؤخرا، بعض المناطق الجبلية، في عرقلة السير العادي لحياة الأسر التي تعيش ظروفا صعبة تتفاوت مستوياتها بحسب القرب أو البعد من المراكز الحضرية فقط؛ بل أرغمت أيضا التلاميذ والأساتذة على اعتماد «استعمالات زمنية» من نوع استثنائي و الاستفادة من «عطل»غير مبرمجة في أجندة مصالح التعليم، وذلك تماشيا مع أحوال الطقس الاستثنائية. في كل فصل شتاء تتجدد معاناة التلاميذ والشغيلة التعليمية في المناطق الجبلية النائية، المعزولة، حيث يواجه سكانها معاناة كثيرة و مشاكل لا حصر لها، خاصة في ظل موجة البرد الشديد. فالدراسة تتوقف أحيانا لأسبوع أو أكثر ببعض المناطق كجماعات أمركي، آيت بولي، آيت أمليل، آيت بلال ، وهي جماعات متضررة ومترامية في الحدود مع ورزازات وزاكورة. حيث لم يستطع العديد من التلاميذ مسايرة الدراسة في عدد من مناطق المغرب التي تعرف تساقط الثلوج، كما أن المئات من المدرسين لم يستطيعوا الوصول إلى مقرات عملهم، كما أن الثلوج وبرودة الطقس أسهمت وبشكل ملحوظ في ارتفاع نسبة الهدر المدرسي. ففي الوقت الذي يفضل العديد من التلاميذ عدم مغادرة منازلهم مفضلين دفء المسكن المفقود أصلا ؛ يضطر البعض الآخر منهم ، تحت إلحاح الأسرة، إلى التوجه نحو الحجرة الدراسية في مشهد يحيلنا إلى عقود خلت من مغرب كنا نعتقد أن صفحات كتابه طويت، مع برامج التنمية البشرية والحديث الرسمي عن برامج فك العزلة عن سكان «المغرب العميق»... إلا أنه، وللأسف، مازالت هناك صور مؤلمة تؤثث «المشهد العام» تتناقلها، مع كل تغير مناخي ، وسائل الإعلام المختلفة ، محلية كانت أو خارجية ، كعنوان يلخص درجة العزلة، التي يعيش تحت مخالبها القاسية تلاميذ وتلميذات يكابدون من أجل نيل حظهم من التعليم والتمدرس، أملا في مستقبل مغاير لما عاشه الآباء والأجداد ، الذين حرم أغلبهم من نور العلم والمعرفة... ولعل شهادة «معلمة» بنواحي تونفيت، خير تعبير عن حجم معاناة أسرة التعليم والتلاميذ سواء مع برودة الطقس أوالثلوج، فقد أكدت أنها في وضع غير طبيعي بسبب برودة الطقس على مدار عدة أشهر من السنة الدراسية، إلى درجة أن بشرتها اسودت، وفي حديثها عن واقع التمدرس وكيف يستطيع التلميذ التعلم في ظل تساقط الثلوج والأمطار، قالت « أنا شخصيا رغم كبر سني أجد صعوبة في إعطاء الدروس بسبب البرد القارس، فبالأحرى التلميذ المسكين، والذي قد لا يلبس ملابس تقيه جيدا من البرد، فبمجرد ما يدخل التلاميذ إلى الفصل، إلا ويبادروا بالشكاوى على شاكلة «أستاذة قرفني» أي أصابني برد شديد، ذلك أني أبادر إلى مساعدتهم من خلال إشعال نار داخل الفصل قصد التدفئة وتجاوز صعوبة الطقس». في هذا الملف نلامس جزءا من هذه المعاناة، ونعرض وجهة نظر بعض المسؤولين، بخصوص هذا الوضع الاستثنائي، ليس تبخيسا لجهود بذلت، ولا محاباة لأحد، ولكن بغاية نقل جوانب من «واقع تعليمي متجمد في مغربنا العميق»...