ثلث الولادات بالمغرب تتم في المنازل و 75,5 في المائة من وفيات الأمهات التي تم فحصها وقعت في المؤسسات الصحية، و 52.1 في المائة من هذه الوفيات وقعت في فترة ما بعد الولادة مباشرة... ذلك ما كشفت عنه آخر المعطيات الصادرة عن وزارة الصحة العمومية. ففي بحث تضمنه مخطط العمل الذي سبق أن أعدته وزارة الصحة برسم الأربع سنوات الممتدة من 2012 إلى 2016، اعتبرت أن أسباب وفيات الأمهات والمواليد حديثي الولادة ترتبط بعوامل متعددة تتوزع بين عوامل طبية، اقتصادية، اجتماعية وثقافية. وسجلت فيما يخص المواليد حديثي الولادة، أن 16,7 منهم سواء المتوفين داخل الرحم والمواليد الأحياء الذين توفوا بعد 48 ساعة من ولادتهم، كان بالإمكان إنقاذ حياتهم لو أن أمهاتهم وصلن إلى مصالح الرعاية الصحية في الوقت المناسب، وأن 75 في المائة من حالات الوفاة ارتبطت بسبب مباشر، و77 في المائة كان يمكن تفاديها، مشيرة في هذا الصدد إلى عاملي الفقر والتعليم كعناصر حاسمة في الاستفادة من خدمات الصحة الإنجابية، ذلك أن أكثر من نصف النساء الأكثر فقرا لا يستفدن من تتبع الحمل، علما بأن خصوبة النساء الأكثر فقرا مرتفعة بشكل كبير مقارنة بخصوبة النساء الأكثر ثراء، كما تفيد المعطيات، فيما المستوى التعليمي للنساء يؤثر على فرص استفادتهن من الرعاية الصحية قبل الولادة، والولادة في وسط صحي مراقب. وكانت الوزارة قد كشفت أن 78 في المائة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 و49 سنة يفضلن تجنب الحمل، وارتفاع عدد النساء اللواتي يلجأن لاستعمال وسائل منع الحمل في إطار برنامج تنظيم الأسرة، حيث بلغ المعدل 67 في المائة في حين كانت نسبتهن قبل نحو 18 سنة، أي سنة 1992، لا تفوق 32 في المائة من النساء. يذكر أن آخر تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية واليونيسيف وصندوق الأممالمتحدة للسكان ومجموعة البنك الدولي وشعبة السكان بالأممالمتحدة، أفاد بأن المغرب من بين 39 دولة في العالم استطاعت بذل جهود كبيرة من أجل تقليص نسبة وفيات الأمهات، حيث تراجعت نسبة وفيات الأمهات بالمغرب ب61.8 في المائة خلال 25 سنة الأخيرة. وذكر التقرير الصادر تحت عنوان «اتجاهات وفيات الأمومة: من عام 1990إلى 2015 «، أن المغرب لا زال يسجل 121حالة وفاة من بين كل 100 ألف أم حديثة الولادة ، مقابل 317 حالة وفاة لكل 100 ألف أم حديثة الولادة قبل 25 سنة. ورغم تسجيل تراجع حالات وفيات الأمهات في المغرب، إلا أن ذات التقرير دعا المسؤولين المغاربة إلى مضاعفة الجهود في هذا المجال، خصوصا أن دول الجوار تحقق نسب وفيات أمهات أقل بكثير مما يسجله المغرب، حيث لا تتجاوز نسب وفيات الأمهات 9 حالات من بين 100 ألف أم في ليبيا ، و 33 من بين 100 ألف في مصر، و 62من بين 100 ألف في تونس، في حين لا تزال الجزائر تشكل أعلى نسبة بين دول الجوار ، حيث تصل نسبة وفيات النساء الأمهات فيها إلى 140 حالة وفاة من بين كل 100 ألف أم حديثة الولادة. ويعرف التقرير الأممي وفيات الأمومة بأنها وفاة المرأة أثناء الحمل أو الولادة أو في غضون 6 أسابيع من الولادة، كما يدعو التقرير ذاته الدول إلى ضمان إتاحة الخدمات الصحية العالية الجودة أثناء الحمل والولادة لإنقاذ أرواح النساء. يشار إلى أن وزارة الصحة أصبحت تقر بكون الإهمال الطبي وتدني الخدمات الصحية داخل الوسط القروي والحضري، يشكل أهم أسباب ارتفاع نسبة وفيات الأمهات والأطفال عند الولادة. وفي هذا الاتجاه، عملت الوزارة ، خلال السنتين الأخيرتين، على تعميم مجانية الولادة داخل المستشفيات العمومية، وكذا التحاليل البيولوجية الخاصة بتتبع الحمل، فضلا عن التكفل بالحالات التي تتعرض لخطر حدوث مضاعفات أثناء الولادة، ثم النقل المجاني لجميع النساء والأطفال حديثي الولادة من دور الولادة إلى مستشفيات الولادة في القرى، مع تعزيز الوحدات الطبية المنتقلة بالريف لتغطية 20 منطقة جديدة، لتخفيض نسب الوفيات بين الأمهات حديثات الولادة و الأطفال الرضع.