نشرت صحيفة «موند أفريك» الفرنسية، تقريرا سلطت من خلاله الضوء على التداعيات المتوقعة في عام 2017 على الشعب الجزائري، «حيث إن بلد المليون شهيد يعاني -في الوقت الراهن- أزمة مالية حادة، نتيجة تراجع صادرات النفط بنسبة 40 بالمائة». وقالت الصحيفة في تقريرها إن هذه الأزمة المالية قد سببت عجزا في الميزان التجاري يبلغ مليارات الدولارات، إضافة إلى انهيار قيمة العملة الوطنية، الذي أعقبه إلغاء عدة مشاريع كبرى، كمترو الجزائر، والعديد من المستشفيات، والطرق السيارة. وأوضحت أن الجزائر اتبعت منذ مدة طويلة سياسة التقشف لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجهها، «وإثر ذلك؛ تم سن قانون مالية جديد، يرتكز أساسا على رفع الأسعار وقيمة بعض الضرائب». وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الأزمات المالية والاقتصادية «تسببت في إثارة غضب المواطنين الجزائريين، الذين خرجوا للشوارع احتجاجا على صعوبة المعيشة وارتفاع الضرائب، التي لم يُلزم القانون الأغنياء بدفعها». وفي هذا السياق؛ شهدت مدينة بجاية، الواقعة في إقليم القبائل، عدة مظاهرات ومناوشات بين المحتجين ورجال الأمن، تلتها بعض التحركات الاحتجاجية في شوارع الجزائر العاصمة. وأضافت الصحيفة أن شبح أحداث عام 2011 عاد من جديد ليحوم حول الجزائر، «فخلال شهر كانون الثاني/ يناير من نفس السنة؛ شهدت الجزائر عدة مظاهرات واحتجاجات غير سلمية بسبب غلاء المعيشة». وقالت إن المحتجين كانوا قد طالبوا بإحداث تغيير سياسي جذري في البلاد، قبل أن تنجح أجهزة الأمن والمخابرات في تهدئة الشارع، وخاصة بعد أن تلقى العديد منهم وعودا من الحكومة بتحسين الأوضاع المعيشية. وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الجزائرية بعد أن اقتنعت بأن القمع لن يوقف تقدم المحتجين، بل سيزيد من تعقيد هذه الأزمة؛ قررت أن تقدم تضحيات وتنازلات، «كان من أهمها؛ الدخول في مفاوضات مع أحزاب المعارضة، والسماح للإسلاميين بالمشاركة في الحياة السياسية، كالانتخابات التشريعية»، مبينة أن «هذه الإصلاحات السياسية تمكنت من تهدئة الشارع الجزائري». وفي المقابل؛ أكدت الصحيفة أن جبهة التحرير الوطني الجزائري، الحزب الحاكم، أعلن مؤخرا على لسان أمينه العام، جمال ولد عباس، المقرب من حاشية بوتفليقة، عن دعم الجبهة لترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، مشيرة إلى أنه «في أعقاب تولي ولد عباس قيادة الحزب الحاكم؛ تم التخلي عن عضوية نشطاء الجبهة التابعين للأمين العام السابق عمار السعداني». وتحدثت الصحيفة عن بعض التدابير التي اتخذتها الحكومة لمحاولة تجاوز الأزمة الاقتصادية والتحديات الاجتماعية خلال عام 2017، لافتة إلى أن «أبرز التدابير تتمثل في سعي الحكومة بطرق شتى لاستقطاب المستثمرين الأجانب من أجل تجاوز الصعوبات المالية». وقالت إن الجزائر تشهد توافدا للعديد من الشركات الأجنبية، على رأسها مصنع الشاحنات الفرنسي التابع لرينو، مشيرة إلى أن الصين تكفلت بتمويل مشروع ميناء في مدينة شرشال الساحلية؛ من المؤمل أن يضفي ديناميكية اقتصادية كبيرة على الجزائر. وتابعت: «أما بالنسبة للقطاع الزراعي والفلاحي؛ فقد وضع مستثمرون أمريكيون أيديهم على أكبر المزارع والمنشآت الفلاحية». وأوضحت الصحيفة أن التشريعات الجزائرية ترفض تدخل الأجانب في الاقتصاد الجزائري، «لكن نظرا للظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، لا يمكن التفريط في المستثمرين الأجانب. بالإضافة إلى ذلك؛ فإن الدولة تحتاج إلى تركيز عدة شركات ومشاريع؛ لتعزيز اقتصادها، والمحافظة على نموه». وأكدت أن هدف الحكومة الجزائرية الأول «يتمثل في التخفيض من قيمة الواردات، دون اعتبار الواردات العسكرية التي ينفق عليها الجيش الجزائري أموالا طائلة لا تخضع لأية رقابة من قبل أجهزة الدولة». وفي هذا الصدد؛ عمد الجيش لبعث مؤسساته الاقتصادية الخاصة، بالشراكة مع مؤسسات أجنبية كشركة «مارشديز بنز»، وشركات إماراتية أخرى، بهدف التخفيف من حدة الانتقادات ضد ميزانية وزارة الدفاع الضخمة، بحسب «موند أفريك». وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن سنة 2017 ستكون بلا شك هي الأصعب اقتصاديا وماليا على الجزائر، وخصوصا على الحكومة الجزائرية، التي سوف يكون مستقبل بقائها في السلطة على المحك؛ إذا لم تتمكن من إيجاد حلول سريعة وناجعة.