قتل عسكريان مغربيان، أحدهما برتبة ضابط، ينتميان إلى تجريدة القوات المسلحة الملكية العاملة ضمن بعثة الأممالمتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى (مينوسكا)، وجرح جندي آخر، في هجوم مسلح ، قرب مدينة بريا شمال شرق بانغي. ولم تتبن أية جهة هدا الهجوم الإرهابي الغادر الذي تعرض له العسكريون المغاربة، وهم يقومون بدورهم في الدفاع عن الاستقرار والأمن في أدغال القارة السمراء، حيث يتطوع المغرب إراديا دفاعا عن شعوب القارة في العيش الآمن والرخاء. وسارعت الأممالمتحدة إلى إدانة الهجوم وتوعدت بتعقب الجناة وتقديمهم للعدالة، وعبرت عن رفضها المطلق لأي مبرر لاستهداف بعثتها العسكرية. وقدمت الأممالمتحدة تعازيها للمغرب، حيث قال فرحان حق، متحدث باسم الأممالمتحدة، في المؤتمر الصحفي الذي عقده لهدا الغرض «إننا نعرب عن تعازينا لشعب وحكومة المغرب». ونفذت هذا الهجوم جماعة مسلحة مجهولة على دورية لتجريدة القوات المسلحة الملكية العاملة ضمن بعثة (مينوسكا) أثناء خفرها لقافلة لوجستيكية للأمم المتحدة، جنوب شرق مدينة بريا، مكان نشر التجريدة المغربية. وأوضح الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة (مينوسكا)، بارفيه أونانغا-أنيانغا، في بلاغ، أن «أية مطالب، لا يمكن أن تبرر قيام أفراد بتوجيه غضبهم ضد القبعات الزرق التي لا هدف آخر من تواجدها على أراضي إفريقيا الوسطى سوى مساعدة البلاد على الخروج من دوامة العنف». وأضاف أنه «سيتم القيام بكل ما يمكن لتقفي آثر مرتكبي هذه الهجمات من أجل تقديمهم للعدالة». ويجسد هذا الحادث المأساوي الذي ينضاف لحوادث مماثلة وقعت قبل ذلك في القارة الأفريقية، بشكل جلي، الإرادة القوية للمملكة للاستمرار في مساهمتها في جهود حفظ السلام والاستقرار حتى لو كلف ذلك ثمنا باهظا يتمثل في إراقة دماء أبنائها من أجل قضايا عادلة ومشروعة. كما أن المغرب لم يدخر جهدا وعبأ كل الوسائل مهما كان حجمها، من أجل الوقوف إلى جانب البلدان الشقيقة في القارة سواء منها التي تعاني من ويلات الحرب وعدم الاستقرار أو تلك التي تعاني من التقلبات المناخية أو الراغبة في الاستفادة من تجربته في مختلف المجالات في إطار التعاون جنوب- جنوب. ولم يفتأ هذا التعاون الذي يشكل حجر الزاوية في السياسة الإفريقية للمملكة، يتكرس مع مرور السنوات، ليتجسد في شراكات استراتيجية حقيقية مع العديد من البلدان الإفريقية جنوب الصحراء، خصوصا بفضل العديد من الجولات المثمرة والواعدة التي قام بها جلالة الملك محمد السادس في القارة الإفريقية. والمغرب، أحد أهم المساهمين الأفارقة في بعثات السلام الأممية لحفظ السلام وثاني مستثمر إفريقي في إفريقيا، يستثمر وينخرط في القارة التي أضحت عمقه الاستراتيجي. ونالت القبعات الزرق إعجاب واحترام الأممالمتحدة نظير التضحيات التي تبذلها دوما لفائدة القارة وبسخاء، نظرا للمكانة التي يحظى بها العمق الإفريقي لدى المغرب، حيث سبق وأكد الأمين العام الأممي المساعد لعمليات حفظ السلام هيرفي لادسو في نيويورك أن القبعات الزرق المغاربة شرفوا المغرب. وقال لادسو في تصريح للصحافة على إثر مناقشة مجلس الأمن الدولي موضوع عمليات حفظ السلام في العالم أن القبعات الزرق المغاربة شرفوا المملكة٬ حيث تميزوا بالفعالية والشجاعة والانضباط. وترمي هذه الندوة التي انعقدت بمبادرة من المغرب ٬الذي يرأس مجلس الأمن الدولي بالأممالمتحدة خلال شهر دجنبر الجاري، إلى التفكير في سبل تحسين التعاون على مستوى مختلف عمليات حفظ السلام الجارية. وقال لادسو في هذا السياق «لدي نظرة جد إيجابية عن القبعات الزرق المغاربة ٬لما قاموا به من عمل جيد في كوت ديفوار٬ على الحدود مع ليبيريا وكذلك في الكونغو». وأضاف لادسو أن الأمر يتعلق ب«مساهمة جيدة للمغرب من خلال تدخله لفائدة عمليات حفظ السلام». ويعد المغرب من بين البلدان الهامة التي تساهم قواتها بتجريدة تتكون من 1600 عسكري ٬يعملون حاليا ضمن بعثتين لحفظ السلام الذي تقوم به منظمة الأممالمتحدة في الكونغو (مونيسكو) وفي كوت ديفوار (أونيسي)» وينتظر نقل شهداء القوات المسلحة الملكية وشهداء واجب الدفاع عن القارة السمراء إلى المغرب، لدفنهم وفق المراسيم العسكرية المتعارف عليها.