إسبانيا.. توقيف عنصرين مواليين ل "داعش" بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    مباراة لكرة القدم بطنجة تنتهي بوفاة شخص إثر أزمة قلبية    أمانة المصباح: "اغتيال السنوار لن توقف مسيرة النضال والجهاد على طريق تحرير فلسطين"    بالإجماع.. انتخاب نصر الله الكرطيط رئيسا جديدا لنادي اتحاد طنجة وهذه تشكيلة المكتب المديري    مجلس وزاري برئاسة الملك يصادق على الخطوط العريضة لمالية 2025 ويعين في مناصب سامية (بلاغ)    تكريم الشوبي والزياني يزين حفل افتتاح المهرجان الوطني للفيلم بطنجة        الأمين العام الأممي يُطْلِع مجلس الأمن على دينامية فتح قنصليات عامة في الصحراء المغربية    مكناس.. ترويج "الماحيا" يقود شخصا للاعتقال    كان متوجهاً لإلقاء خطبة الجمعة.. إمام يتعرض لحادثة سير خطيرة بالدريوش (صور)    سفيرة الاتحاد الأوربي بالمغرب تنشر خلاصات المجلس الأوربي: تجديد التأكيد على ضرورة الحفاظ على العلاقات الوثيقة ومواصلة تعزيزها في كافة مجالات الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي    دورة جماعة بوعرك تنتهي ب"لا شيء"    شباب السوالم يقلب الطاولة على الرجاء    جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان لتقديم مشروع قانون المالية    عاجل.. الملك محمد السادس يعين شكيب بنموسى مندوبا ساميا للتخطيط خلفا للحليمي    اللجنة الرابعة للجمعية العامة الأممية تعتمد قرارا جديدا بخصوص الصحراء المغربية يجدد الدعم للعملية السياسية    الملك ترأس الجمعة مجلسا وزاريا تداول حول التوجهات العامة لمشروع قانون المالية وصادق على تعيينات في مناصب عليا    ارتفاع واردات إسبانيا من الفواكه القادمة من المغرب بنسبة 80 بالمائة    فرقة ثفسوين من الحسيمة تتوج بالجائزة الوطنية للثقافة الامازيغية    قرعة متوازنة للجيش في "كان السيدات"    المغرب يسجل حالة وفاة ب"كوفيد- 19"    ثلاثة أشخاص من الناظور ينجحون في الوصول إلى مليلية سباحة    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    ياسين كني وبوشعيب الساوري يتوجان بجائزة كتارا للرواية    بوريطة يؤكد على "سواحل بحرية للمملكة تشمل 3500 كيلومترا" خلال مباحثات مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية    نمو حركة النقل الجوي بمطار الحسيمة بنحو 19 في المائة مع متم غشت الماضي    المنتخب الوطني النسوي يخوض مباراتين وديتين أمام تنزانيا والسنغال    الدولي المغربي إلياس بن الصغير ضمن قائمة ال 25 مرشحا لجائزة "الفتى الذهبي 2024"    عقوبات صارمة تنتظرأرباب المطاعم والفنادق بالناظور بسبب لحوم الدجاج    مصدر يوضح حقيقة حذف زياش صوره مع المنتخب المغربي    المنتخب المغربي يتقدم مركزا في التصنيف العالمي للفيفا        حركة حماس تنعي رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار    حماس تخرج بأول رد لها عقب اغتيال القيادي يحيى السنوار    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    في تقرير حديث للأرصاد.. 2023 الأكثر حرارة بالمغرب خلال 80 سنة الماضية    شفشاون تحتضن فعاليات مهرجان الضحك في نسخته الرابعة    تامسنا: عرض مسرحية "دوخة" للتحسيس بمرض السرطان    التوترات الجيوسياسية تدفع الذهب لأعلى مستوياته على الإطلاق    ⁨انفوجرافيك | تدهور مستوى المعيشة للأسر المغربية خلال الفصل الثالث من 2024⁩    كائنٌ مجازي في رُكْن التّعازي! (من رواية لم تبدأ ولم تكتمل)    السنة الثقافية 2024 .. مبادرة "قطر تقرأ" تقرب الأطفال من ثقافات البلدين    سعر الذهب يتجاوز 2700 دولار للأونصة    لواء سابق بالجيش الاسرائيلي: "قطيع من الحمقى يقود دولتنا نحو خطر يهدد وجودها"    نسبة الفقر تقارب مائة في المائة في قطاع غزة بعد عام على بدء الحرب    بعد طوفان الأقصى أي أفق لمقترح "حل الدولتين" ؟    علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    أمريكا: مقتل السنوار فرصة لنهاية الحرب    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: في الحروب يقف الموت على الأبواب    المديني: المثقفون العرب في فرنسا يتخوفون من إبداء التضامن مع قطاع غزة    الدولي المغربي رضا بلحيان محط اهتمام مجموعة من الأندية الأوروبية    تسجيل أزيد من 42 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2024    دراسة تظهر وجود علاقة بين فصيلة الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا: النظام قلب الموازين، انتكاسة جديدة لدول الخليج

نجح الرئيس بشار الاسد الذي بقي لسنوات محور حملات عنيفة من دول غربية وخليجية تطالب برحيله، في تكذيب كل التوقعات، نتيجة قناعة بعدم وجود بديل له، وخصوصا بفضل دعم لا شائبة فيه من روسيا وايران، وفق ما يرى محللون.
واعلن الجيش السوري مساء الخميس استعادة مدينة حلب ثاني اكبر مدن سوريا، محرزا انتصاره الاكبر على الفصائل المعارضة منذ بداية النزاع في 2011.
ويقول الدبلوماسي الهولندي السابق والخبير في الشؤون السورية نيكولاس فان دام لوكالة فرانس برس "لطالما كان الامر بالنسبة الى الاسد معركة حياة او موت. لم يكن خيار وقف الحرب مطروحا لديه اصلا. فإما النصر واما الهزيمة".
ويرى مؤلف كتاب "القتال من اجل السلطة في سوريا" ان "النظام يمتلك خبرة عمرها نصف قرن حول كيفية البقاء في السلطة. كما يحظى بدعم الجيش والاجهزة الامنية".
وعلاوة على اعتماده على جيش كابد نحو عشر سنوات من الحرب لكنه بقي وفيا له، وعلى جهاز مخابرات موال وشعب يخاف ممارسات الجهاديين، فان الرئيس الاسد واجه معارضة مقسمة رفض رعاتها باستمرار التورط عسكريا معها.
وفي هذا الظرف فان الدعم الشعبي "ليس حاسما" وهو يأتي اساسا من الاقليات التي تشعر بانها مهددة من الاسلاميين والجهاديين، على غرار المسيحيين والطائفة العلوية التي ينتمي الاسد اليها. بحسب فان دام.
وصل بشار الاسد (51 عاما) الى السلطة في العام 2000 بعد وفاة والده الرئيس السابق حافظ الاسد الذي حكم سوريا بقبضة من حديد طيلة ثلاثين عاما .
ومع اندلاع "الربيع العربي"، واجه الاسد حركة احتجاجات ضخمة في العام 2011، اختار قمعها بالقوة، مصنفا معارضيه على الفور بالمتطرفين، قبل ان تظهر المجموعات الجهادية او الاسلامية. واعتبر التحركات المعارضة لنظامه مؤامرة نسجتها الولايات المتحدة واسرائيل ضد "محور المقاومة" الذي يضم ايران وحزب الله اللبناني ويعتبر نفسه ممثلا له.
ويرى محللون اليوم ان ما سمح للاسد بالنصر، هو في الواقع قناعته الراسخة بالفوز.
ويقول مدير ابحاث الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما جوشوا لانديس "ردد مستشارو الاسد منذ البداية انهم واثقون بالنجاح طالما ان الطيران الاميركي لا يقصف دمشق والولايات المتحدة لم تتورط مباشرة في الحرب".
ويضيف ان مستشاري الاسد دأبوا على "تقديم الخسائر على انها محدودة، ولطالما امتلكوا ثقة كبيرة بالنصر النهائي" حتى في اسوأ اللحظات حين طردت الفصائل المعارضة والجهادية الجيش من محافظة ادلب (شمال غرب) في العام 2015.
وعلى غرار والده، عرف الاسد كيف يصبر وينتظر التوقيت المناسب.
يقول رئيس تحرير صحيفة "الوطن" السورية القريبة من دمشق وضاح عبد ربه ان الاسد "ينتمي الى مدرسة والده، وهذه المدرسة لطالما أتقنت التحكم بعامل الوقت وبتحويل مسار الرياح غير المؤاتية لصالحها".
الا ان مفتاح النصر الذي يملكه الاسد هو صلابة التحالفات، بخلاف خصومه.
ويضيف عبد ربه "لم يشك يوميا بالنصر لانه كان يعلم ان بلاده انشأت منذ عقود تحالفا صلبا واستراتيجيا مع روسيا وايران وسواهما".
وتعود علاقة دمشق مع موسكو وطهران الى اكثر من اربعين عاما، اي الى مرحلة الاتحاد السوفياتي من جهة والحرب العراقية الايرانية في الثمانينات من جهة ثانية.
ويقول الباحث في العلوم السياسية في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف سهيل بلحاج "هي علاقة قديمة قائمة على لقاء المصالح المادية والاستراتيجية والايديولوجية، هي مصالح ما زالت قائمة حتى اليوم".
ويوضح "اثبت النظام السوري ايضا منذ بدء هذا التحالف انه حليف موثوق به عسكريا واستراتيجيا وسياسيا وايديولوجيا واقتصاديا ".
في المقابل ومع مرور الوقت منذ بدء النزاع السوري، خسرت الفصائل المقاتلة تدريجا الكثير من الدعم.
ويعتقد فان دام ان "ضعف اعداء الاسد ناتج في جزء كبير منه عن الدعم غير الكافي من اصدقاء المعارضة".
وفي اوج الحراك السوري السياسي والعسكري، تشكلت في فبراير العام 2012 مجموعة "اصدقاء سوريا" المؤلفة من دول غربية وعربية داعمة للمعارضة السورية. وقد اعترفت 11 دولة في وقت لاحق بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية كممثل شرعي وحيد للشعب السوري. وبدا الاسد في تلك الفترة رئيسا معزولا عن المجتمع الدولي في وقت فرضت العقوبات على بلاده.
لكن بعد اربع سنوات واثر نجاحات متتالية، لا يزال الاسد في منصبه ويتوقع المحللون استمراره في مسؤولياته.
ويقول لانديس "سيقود البلاد كما في الماضي بالتخويف والمحسوبية. الاسد غير قادر على تغيير طبيعة النظام المتجذرة".
ويرجح فان دام بدوره ان يبقى الاسد "في الحكم بلا شريك مع اجراء بعض الاصلاحات التجميلية، لكن لا يمكن ضمان موقع الاسد هذا الى الابد".
انتكاسة جديدة لدول الخليج
تشكل خسارة الفصائل السورية لمدينة حلب التي استعادتها قوات النظام المدعوم من طهران بالكامل، انتكاسة جديدة للسعودية وقطر الداعمتين للمعارضة المسلحة في سوريا وضربة قوية لسعيهما الحثيث للاطاحة بالرئيس بشار الاسد.
واعلن الجيش السوري مساء الخميس استعادته كامل مدينة حلب، ثاني اهم المدن السورية، في انتصار يعد الاكبر للنظام السوري على فصائل المعارضة منذ اندلاع النزاع في 2011.
ومنذ العام 2012، شهدت حلب التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد، معارك بين قوات النظام التي تسيطر على الاحياء الغربية حيث يعيش 1,2 مليون شخص، والفصائل التي كانت تسيطر على الاحياء الشرقية حيث كان يعيش اكثر من 250 الف شخص.
وجاء اعلان الجيش السوري بعد انتهاء عملية اجلاء عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين من آخر جيب كان تحت سيطرة الفصائل المعارضة نحو مناطق تقع خارج سيطرة النظام، في عملية تمت بموجب اتفاق روسي ايراني تركي بعد نحو شهر من هجوم عنيف شنه الجيش السوري على الاحياء الشرقية.
وتحظى قوات النظام السوري بدعم عسكري روسي وايراني وبمساندة جماعات مسلحة بينها حزب الله اللبناني، بينما تلقى الفصائل المعارضة التي تقدم على انها جماعات "معتدلة" دعم الولايات المتحدة وتركيا ودول خليجية على راسها السعودية وقطر.
ويقول الاستاذ المتخصص في الشؤون الجيوسياسية في الشرق الاوسط في جامعة تولوز ماثيو غيدار لوكالة فرانس برس ان "مصير سوريا لم يعد في ايدي الدول الخليجية".
مع عودة حلب الى كنف النظام، سيقتصر وجود فصائل المعارضة الى جانب محافظة ادلب (شمال غرب)، على بعض المناطق في درعا (جنوب) التي كانت مهد الانتفاضة ضد النظام وفي ريف دمشق حيث تراجعت الفصائل ايضا مع خسارة اثنين من معاقلها، داريا ومعضمية الشام.
وتخضع ادلب لسيطرة "جيش الفتح"، وهو تحالف فصائل اسلامية بينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، بينما يسيطر تنظيم الدولة الاسلامية على مدينة الرقة.
واصبح بامكان النظام التباهي بسيطرته على المدن الثلاث الرئيسية دمشق وحمص وحلب فضلا عن الجزء الاكبر من "سوريا المفيدة"، اي غرب البلاد. اما الجزء الاكبر مما تبقى فهو عبارة عن مناطق صحراوية.
كما سيكون النظام السوري قد امسك بمفاتيح مفاوضات السلام المحتملة بعد فشل ثلاث جولات حوار هذه السنة باشراف الامم المتحدة.
ويقول ابراهيم فريحات استاذ تسوية النزاعات في معهد الدوحة للدراسات العليا ان "سقوط حلب يضعف موقف المعارضة السورية وحلفائها في المفاوضات" مع النظام.
ويرى ان على "الدول الخليجية الداعمة (للمعارضة) ان تنخرط في مسار يقود نحو تسوية سياسية للنزاع بما ان الحل العسكري بات اقل احتمالا من اي وقت مضى".
لكنه يضيف ان على هذه الدول في الوقت ذاته دعم المعارضة باسلحة اضافية وبينها الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف "لتجنب تدهور اضافي في موازين القوى" يصعب حتى من الحل السياسي.
يرى غيدار من جهته انه "بعد سقوط حلب، لن يعود الاسد التحدي الرئيسي لدول الخليج، بل التحالف الجديد بين روسيا وتركيا وايران".
ففي ظل التطورات الاخيرة، كشفت روسيا وايران وتركيا عن تقارب جديد حيال الملف السوري، معلنة الاتفاق على اهمية "توسيع" وقف اطلاق النار والاستعداد للعب دور الضامن في محادثات سلام، وذلك بعد اجتماع لوزراء خارجية الدول الثلاث في موسكو.
ويقول استاذ العلوم السياسية الاماراتي عبدالخالق عبدالله ان تركيا التي تقاتل قواتها الجهاديين في سوريا بدأت تعيد حساباتها السياسية لتنتقل من الحلف الذي سعى الى الاطاحة بالاسد منذ بداية النزاع، الى الحلف المقابل الذي يعمل على ابقائه في الحكم.
وقال في تغريدة على تويتر "ودعت تركيا جبهة المطالبين بالاطاحة بالاسد مع امريكا والسعودية وانتقلت لجبهة بقاء الاسد مع روسيا وايران. خسر من راهن على حلف تركي سعودي قطري".
ويؤكد تعاون تركيا مع روسيا موقع موسكو كلاعب رئيسي لا يمكن تخطيه في سوريا، وهو دور مرشح لان يتعزز في ظل ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي ينظر اليه على انه يحمل توجهات سياسية قريبة من روسيا.
ويرى المحلل والخبير في شؤون الخليج نيل بارتريك ان "السعودية ومعها الدول الاخرى يدركون انه في ظل ولاية ترامب سيتسارع التقارب الغربي تجاه الاسد"، مضيفا "هذا الامر يعني فشل مشروع اقامة دولة سنية بديلة في سوريا تتنافس فيها على الريادة السعودية، والاتراك، والقطريون بشكل اقل".
ويشير بارتريك الى ان الدول الخليجية خلصت الى ان روسيا هي اللاعب الرئيسي في سوريا، وان واشنطن قد تحاول التوصل الى اتفاق مع موسكو حيال المرحلة المقبلة.
ويقول "على السعودية ان تتحلى بالذكاء وان ترسل اشارات الى الاسد الان، كما بدأت تفعل تركيا ومصر".
عجز الأمم المتحدة
التحذير الذي وجهه مبعوث الامم المتحدة كان صارخا: حلب التي تتعرض لحملة ضربات جوية مكثفة ستدمر بالكامل بحلول عيد الميلاد اذا لم يتم وقف المذبحة، لكن في الاسابيع التي تلت ذلك لم يسجل تحرك يذكر في المنظمة الدولية.
اثار نداء ستافان دي ميستورا في مطلع اكتوبر موجة تنديد عالمية فيما كانت قوات النظام تشن هجوما بدعم من روسيا لاستعادة الاحياء الشرقية التي كانت خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في المدينة، لكن عمليا لم يتحقق الكثير.
استخدمت روسيا مرتين حق النقض في مجلس الامن لوقف حملة الضربات وحماية المدنيين، فيما لم تلق بيانات الامم المتحدة التي اكدت انه لا يمكن حل الحرب المدمرة في سوريا عسكريا، آذانا صاغية.
ويقول ريتشارد غوان الخبير في شؤون الامم المتحدة في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ان استعادة حلب "تشكل اكبر ازمة للامم المتحدة منذ حرب العراق".ويضيف "لقد خلقت ازمة ثقة هائلة في مجلس الامن".
ويوجه دبلوماسيون اصابع الاتهام الى روسيا المتهمة بتأمين غطاء دبلوماسي فيما كان حليفها السوري يشن هجوما واسع النطاق على حلب.
لكن الانتقادات توجه ايضا الى قوى غربية والامين العام للامم المتحدة ونظام المنظمة الدولية بشكل اشمل بسبب العجز عن تقديم مساعدة انسانية الى مليون سوري تحت الحصار.
اثر تقارير الامم المتحدة عن قيام قوات النظام باعدام عشرات المدنيين في شرق حلب، دعت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الى ارسال مراقبين للاطلاع على الوضع على الارض.
واستغرق الامر اربعة ايام لكي يتبنى مجلس الامن الدولي اخيرا قرارا حول نشر مراقبين للامم المتحدة، ولم يصل المراقبون بعد الى الاحياء الشرقية في حلب.
واعتبرت منظمة العفو الدولية ان هذا الاجراء "جاء متأخرا جدا" محذرة من ان "العالم يراقب كيف تواجه الامم المتحدة معاناة حلب".
ودافع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي تنتهي مهامه الاسبوع المقبل بعد عشر سنوات على رأس المنظمة، عن طريقة تعامل المنظمة الدولية مع الازمة السورية رغم ان الحرب احتدمت اثناء ولايته.
وفي مقابلة مع فرانس برس في الاونة الاخيرة قال بان كي مون ان الانقسامات في صفوف قوى العالم والاطراف الاقليمية وبين الاطراف السوريين انفسهم خلقت "عاصفة مؤاتية" لاشتداد الحرب التي اسفرت عن مقتل اكثر من 310 الاف شخص.
وقال "اذا كان هناك اي انتقاد، انا مستعد لتحمل ذلك" مضيفا "لكن في بعض الاحيان يتطور الوضع بشكل خارج عن سيطرتي، وعن سيطرة الامم المتحدة".
وعين بان كي مون ثلاثة مبعوثين لترؤس جهود الامم المتحدة لانهاء الحرب مع تولي دي ميستورا مهامه في يوليو 2014 بعد الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان وكذلك الدبلوماسي المخضرم الاخضر الابراهيمي.
بعد قرابة ست سنوات من النزاع، ليس هناك اي تحقيق دولي حول جرائم حرب في سوريا بعدما استخدمت روسيا وبدعم من الصين حق النقض في 2014 لعرقلة طلب احالة الملف الى المحكمة الجنائية الدولية.
والاربعاء اقرت الجمعية العامة للامم المتحدة تشكيل مجموعة عمل مهمتها جمع ادلة حول جرائم حرب في سوريا، في خطوة اولى يفترض ان تتيح بدء ملاحقات.
وخلافا لنزاعات اخرى مثل جنوب السودان واليمن، لم يتم فرض عقوبات دولية على الاشخاص الذين يعتبرون مسؤولين عن اراقة الدماء.
والاسبوع المقبل، ستقدم فرنسا وبريطانيا مشروع قرار يطالب بعقوبات مرتبطة بقضية استخدام اسلحة كيميائية في سوريا، لكن روسيا ستستخدم بدون شك حق النقض ضده.
وستكون تلك سابع مرة تستخدم فيها موسكو الفيتو منذ بدء النزاع في 2011.
وقال غوان ان "الازمة السورية اضرت كثيرا بسمعة الامم المتحدة في العالم العربي" مضيفا ان "الكثير من الحكومات العربية السنية تنظر الى مجلس الامن وكأنه اداة روسية".
وتدافع روسيا بشدة عن دعمها للرئيس السوري بشار الاسد.
ولفت السفير الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين الى انه "لولا التدخل العسكري الروسي لكانت الرايات السوداء لتنظيم الدولة الاسلامية رفعت في دمشق".
وسيرث انتونيو غوتيريس الذي سيخلف بان كي مون في 1يناير فشل الامم المتحدة في سوريا.
وقال رئيس الوزراء البرتغالي السابق ومفوض اللاجئين لدى الامم المتحدة سابقا انه آن الاوان لوقف الحرب في سوريا رغم انه سيكون عليه التعامل مع الادارة الاميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب.
وبالنسبة للكثير من الدبلوماسيين، فان حلب تنضم الى رواندا وسريبرينيتسا على لائحة اخفاقات الامم المتحدة الطويلة لتشكل نقطة سلبية اضافية في تاريخ المنظمة الدولية الطويل الذي يعود الى 71 عاما.
وقال مارتن ادواردز استاذ الدبلوماسية في جامعة سيتون هول ان "المقارنة بين حلب ورواندا وسريبيرنيتسا توضح كل شيء حول حجم الكارثة الحالية".
انتصارات ايران
سجلت ايران سلسلة انتصارات في الشرق الاوسط بعد عقود من العزلة ما يعني انها ستكون قادرة على التعامل مع ما تخبئه حقبة رئاسة دونالد ترامب، لكن الخبراء يؤكدون ان الخوف من هيمنتها على المنطقة مبالغ به.
وبعد ان تحفظت غالبا عن التعليق على دورها في النزاع السوري، قررت طهران فجأة الاحتفال بالنصر حتى قبل اعلان سيطرة قوات النظام السوري بالكامل على مدينة حلب.
وقال يحيى صفوي كبير المستشارين السياسيين للمرشد الاعلى آية الله خامنئي للصحافيين الاسبوع الماضي ان "تحرير حلب أبرز الثقل السياسي لجمهورية ايران الاسلامية. وعلى الرئيس الاميركي الجديد ان يقر بحقيقة ان ايران هي القوة الاولى في المنطقة".
وبدا أن الرياح تجري بما تشتهيه ايران خلال الاسابيع الماضية.
فالدعم الذي تقدمه الى الرئيس السوري بشار الاسد من خلال المستشارين العسكريين والمقاتلين المتطوعين يؤتي ثماره ويبدو ان عدوها تنظيم الدولة الاسلامية سيتم اخراجه من الموصل وان تطلب الامر بعض الوقت.
وفي لبنان، انتهت معركة رئاسة الجمهورية بانتخاب العماد ميشال عون المتحالف مع حزب الله الشيعي الذي يحظى بدعم ايران.
وتمكنت ايران من استعادة مليارات الدولارات من الاموال المجمدة ومبيعات النفط بفضل الاتفاق النووي مع القوى العظمى السنة الماضية وتمكن حلفاؤها الحوثيون في اليمن من الصمود على الرغم من التدخل العسكري الذي قادته السعودية ضدهم وحملة قصف جوي استمرت لاكثر من سنة.
ومن ثم هناك التنصيب الوشيك لدونالد ترامب الذي احاط نفسه بمستشارين معادين لايران والذي انتقد كذلك السعودية لحصولها على الدعم الاميركي ولنشر الاسلام السلفي.
فبعد عقود من العزلة قد تكون ايران في افضل موقع للتعامل مع حالة الغموض التي ستثيرها مواقف ترامب من قضايا الشرق الاوسط، وفق ما يقول عدنان طبطبائي المحلل ورئيس مجلس ادارة معهد "كاربو" الفكري في المانيا.
ويضيف انه "من الاسهل بكثير بالنسبة لايران الا تعتمد على الولايات المتحدة لأنها استغنت عن ذلك طيلة العقود الثلاثة الماضية في حين ان عدم الاعتماد على واشنطن سيشكل تغيرا جوهريا بالنسبة للسعودية وللخصوم الاقليميين الاخرين لايران".
حتى قبل تولي ترامب منصبه، يواجه السعوديون جملة من المشكلات بدءا بالاقتصاد الذي يعاني جراء تدهور اسعار النفط وتشرذم الفصائل المقاتلة التي دعموها في سوريا وشعور حلفائهم الغربيين بالحرج جراء حملة القصف الوحشي في اليمن.
ومع كل هذا، يقول محللون ان لا اساس للمخاوف المتعلقة بهيمنة ايران على الشرق الاوسط.
ويقول طبطبائي ان "الكثير من نجاحات ايران في المنطقة هي في الحقيقة نتيجة اخفاقات الاخرين. ليس علينا ان نبالغ في تقدير قدراتها".
ويضيف ان "سوريا مهمة من اجل الابقاء على تواصل مع حزب الله في لبنان والذي يعتبر بمثابة قوة حماية بالنسبة لايران في وجه تفوذ اسرائيل في المنطقة، ولكن الاولوية بالنسبة لايران تكمن ببساطة في حماية حدودها مع العراق وافغانستان وضمان سلامة ووحدة اراضيها".
ويقول استاذ السياسة الدولية في جامعة طهران فؤاد ازادي ان دعم الهجوم الدامي للاسد كان "شرا لا بد منه" ودفاعيا في طبيعته في نهاية الامر.
ويضيف "اذا سقطت سوريا، فاما ان تحصل على حكومة موالية لاسرائيل فيها او على تنظيم الدولة الاسلامية او على ما يشبه ليبيا. هذه ليست خيارات جيدة بالنسبة لنا".
ويتابع "اذا تفككت سوريا، سيتفكك العراق، وهذا في الجوار. هذا لا علاقة له بالهيمنة على المنطقة، هذا يتعلق بتجنب الحرب الدائمة".
ولكن ايران تواجه كذلك قيودا تمنعها من توسيع نفوذها.
يقول ارام نرغيزيان المحلل في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن ان "بعد كل ما يقال عن تحسن مكانة ايران فان هذا لا يغير واقع ان ايران هي قوة شيعية في منطقة ذات غالبية سنية. لا يريد اي من الطرفين حربا شاملة. وفي مرحلة ما، عليهما ان يقبلا بان يحظى الطرف الاخر ببعض النفوذ. البديل عن ذلك سيكون حربا ايديولوجية لا نهاية لها بين السنة والشيعة وهذا لا يمكن لاي طرف تحمله".
ويضيف نرغيزيان ان السعودية لا تزال تسجل بعض النقاط لصالحها، ليس اقلها ترسانة عسكرية بمليارات الدولارات اشترتها من حلفائها الغربيين.
ويقول ان "البعض يتوقع انهيار مملكة آل سعود منذ ستين عاما ولكن الامر لم يحدث" مضيفا "فعلى الرغم من عدم استقرارها، تمكنت دول الخليج من تحقيق تكامل افضل مع الاقتصاد العالمي مقارنة مع ايران ولا تزال تحظى بدعم حلفاء غربيين رئيسيين".
ولا يمكن لايران ان تعتمد تماما على روسيا، حليفها المقرب في النزاع السوري.
ويقول نرغيزيان ان "علاقة ايران مع القوى الكبرى مثل روسيا والصين ليست ثابتة. فهذه الدول لديها اولوياتها الخاصة. سوريا هي مجرد جزء صغير من المنطقة. وعندما يتعلق الامر بامور مثل الطاقة، ستكون روسيا سعيدة باقامة شراكات مع دول اخرى في منطقة الخليج".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.