في المغرب،هناك ملف اسمه «اكديم إزيك» سيعرض أمام الغرفة الجنائية لمحكمة الاستئناف بالرباط في ال 26 من الشهر الجاري. الملف، عمره ست سنوات.حقيقته الرئيسية وعنوانه الأساسي أن قتلا بشعا طال أَحد عشر فردا من القوات العمومية ومدنيين، وتم التمثيل بجثث بعضهم بطرق لاإنسانية ومهينة للكرامة البشرية. الملف، كما هو معروف، نجم عن تفكيك مخيم بضواحي مدينة العيون في نونبر 2010 كان عدد من المحتجين عن ظروف اجتماعية تهم البطالة والسكن ...نصبوه في سياق حركة مطلبية، لكن عناصر من الانفصاليين، سعوا إلى المتاجرة السياسية به، واستغلوا ظروف تفكيكه لإثارة ردود فعل أبرز وقائعها أن أشخاصا أزهقوا أرواحا وأتلفوا ممتلكات... وبالفعل، تم اعتقال عدد من الأشخاص قدموا أمام المحكمة العسكرية بالرباط، أصدرت بشأنهم أحكاما في فبراير 2013، تراوحت مابين المؤبد و20 سنة سجنا. وإذ نثير هذا الملف ، فلأن تطورات واعتبارات مبدئية تحيط به وهو عشية النظر فيه أمام محكمة الاستئناف بالعاصمة باعتبارها محكمة مدنية أحالته عليها محكمة النقض التي قررت ذلك قبل أشهر. أولا ، لابد من الإشارة إلى أن المغرب عرف، والملف في سياق تفاعلاته القضائية، إصلاحا مهما لقضائه العسكري، جعل من قراراته قابلة للطعن أمام محكمة النقض ومنع مثول المدنيين أمام المحاكم العسكرية مهما كانت الجريمة، وإحالة العسكريين على القضاء العادي عند اقترافهم جرائم الحق العام...وهذا الإصلاح، كان له دور في إعادة الملف من مجال عسكري إلى مجال مدني، وتم بموجبه إلغاء الأحكام السابقة في انتظار أحكام الغرفة الجنائية بالقضاء العادي.. ثانيا ، لقد تاجر الانفصاليون بهذا الملف، وقاموا بحملات دولية للادعاء بأن المتابعين فيه هم معتقلون سياسيون، وذلك في سياق تغليط الرأي العام الدولي، وتزييف الحقائق، والتي ماهي إلا أن قتلا بشعا شمل أشخاصا عزلا، ووقائعُ الجريمة موثقة بالصورة وبالشهود ... ثالثا ، لامناصّ من التأكيد على ضرورة أن تتوفر كل ضمانات المحاكمة العادلة للمتابعين، وإتاحة الفرصة لهم، ولدفاعهم، وللشهود، ولهيئة المحكمة، كي تحترم كل المساطر والمقتضيات القانونية ، وأن تتوفر كل الظروف حتى يقوم الملاحظون من منظمات حقوقية، بإنجاز عملهم بشكل موضوعي وفي إطار القانون. ثالثا ، أن يتم الأخذ بعين الاعتبار ما خلفته الجريمة من آثار معنوية ومادية على أسر الضحايا وعائلاتهم ومؤسساتهم . وهنا تجدر الإشارة إلى أن العائلات أنشأت في سياق اليوم العالمي لحقوق الإنسان هذه السنة تنسيقية تسعى من خلالها إلى الانتصاب كطرف مطالب بالحق المدني بهدف إطلاع المحكمة على جوانب من معاناة أسر الضحايا وتقديم مطالبهم المشروعة . وتستند هذه التنسيقية بالإضافة إلى ما خلفته الجريمة من قلوب مكلومة، وحزن عميق على إيمانها بأن أقدس حق من حقوق الإنسان هو الحق في الحياة .. وبالتالي من مسّ هذا الحق وانتهكه، لا يمكن بتاتا أن يفلت من العقاب مهما وكيفما كانت الدواعي والمبررات . إذن، المنتظر من هذا الملف، أن تكون المحاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات وأن يتم إنصاف الضحايا ،وبالتالي إجهاض حملات التضليل التي يقوم بها الانفصاليون والذين سمحوا لأنفسهم بأن يكون لهم «امتياز» القتل والتمثيل بالكرامة البشرية وإراقة الدماء والمتاجرة بمجرمي الحق العام وتحويلهم إلى «أبطال».