مرة أخرى يجد المغاربة أنفسهم أمام مشروع من بين مشاريع رفع الدعم على المواد الاساسية في انتظار تصفية صندوق المقاصة بصفة نهائية ؛ سياسة أسالت الكثير من المداد وأثارت الكثير الجدل الذي رافق الحكومة مند تنصيبها سنة 2011. بدون الخوض في الجدل حول مدى ملاءمة القرار للوضع العام بالمغرب من عدمه، لابد من دراسة المشروع من خلال معطيات مختلفة ، بدء ا بتسليط الضوء على أسلوب الحكومة من حيث المنهجية السياسية و مراعاتها للشقين الاقتصادي و الاجتماعي.. فهل الدولة قادرة على الاستمرار في أوراشها من دون ان يتحمل المواطن عبء فاتورة الاصلاح؟ و ما هو حجم مسؤولية الدولة للتصدي لظاهرة ارتفاع الاسعار، هذه الظاهرة التي انتقلت مع تحرير قطاع المحروقات وستستمر لا محالة إلى آخر مادة في لائحة صندوق المقاصة؟ أسلوب الحكومة المنتهية ولايتها أسلوب «متميز» - ماكر- فترتيب الاولويات لم تغفل عنه الحكومة؛ اسلوب الحكومة في توقيت تمرير مشاريع رفع الدعم و انزالها و اختيار المادة المعنية ليس بمحض الصدفة؛ بل يندرج ضمن أجندة محددة. فقد أعلن رئيس الحكومة، رسميا وأمام مجلس المستشارين، أثناء انعقاد إحدى الجلسات الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة، عن قرار رفع دعم صندوق المقاصة عن مادة السكر، و»تخصيص الأموال التي ستقتصدها الحكومة والتي قدرها بحوالي 200 مليار سنتيم، لسياسة الدعم المالي المباشر المخصص للأرامل والأشخاص ذوي الاحتيجات الخاصة، مؤكدا أنه سيتم رفع الدعم عن مادة السكر بشكل تدريجي، كما حصل بالنسبة لرفع الدعم عن المحروقات، بهدف تقليص نفقات صندوق المقاصة، وتخصيص أموال الدعم للنهوض بوضعية المستشفيات ودعم الأرامل والمعاقين». وحسب تقرير لصندوق المقاصة، فقد بلغ حجم الاستهلاك الوطني لمادة السكر بأنواعها الأربعة، (السكر المقرط، الصغير والكبير، والقالب، وحبيبات السكر)، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين يناير الماضي وغشت، ما قدره 814 ألف طن، مقابل 806 آلاف طن خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، مسجلا بذلك ارتفاعا بحوالي 1 في المائة. ويبلغ الغلاف المالي الإجمالي لدعم مادة السكر ما بين 3.2 ملايير درهم إلى 5 ملايير درهم، وتم التأسيس بالنسبة لصندوق المقاصة لنوعين من الاسترجاع، ويتعلق الأمر باسترجاع 1000 درهم للطن من منتجي المشروبات الغازية، واسترجاع مجموع الدعم من مصدري السكر. ويبلغ الاستهلاك السنوي من السكر حوالي مليون و200 ألف طن، وغالبية استهلاك السكر المدعم تتكون من السكر المحبب الذي يمثل 56 في المائة من إجمالي استهلاك السكر. وبلغ الدعم المالي الإجمالي لمادة السكر المستهلك خلال الفترة نفسها ما قدره 231 مليون سنتيم، مقابل 229 مليون سنتيم خلال الفترة ذاتها من سنة 2014، بارتفاع يصل إلى 1 في المائة. ويفوق الاستهلاك الوطني للسكر المليون طن سنويا، ويتطور بحوالي 1.8 في المائة كل سنة. ويتم تسويق السكر في المغرب على ثلاثة أنواع أساسية وهي (السكر القالب والسكر المقرط وسنيدة)، وتتم تغطية الاستهلاك الوطني من السكر بحوالي 40 في المائة من السكر الناتج عن تكرير النباتات السكرية المحلية (قصب السكر والشمندر)، بينما 60 في المائة المتبقية يتم توفيرها من تكرير السكر الخام المستورد. ويحتل قطاع السكر مكانة استراتيجية في الفلاحة المغربية ويعتبر من مجالات الصناعة الغذائية الأكثر أهمية بالنسبة للمغرب، ولمواجهة المنافسة الدولية والرهانات المرتبطة بالأمن الغذائي، بذل المغرب جهودا كبيرة لضمان الاكتفاء الذاتي لمادة السكر الأبيض عن طريق زيادة الطاقة الإنتاجية الإجمالية للتكرير لتصل إلى 1,65 مليون طن سنويا، وخصص أكثر من 5,5 ملايير درهم كحجم للاستثمار لرفع مستوى الإنتاج وتحديث مرافق الإنتاج، والرفع من القدرة على معالجة مادة السكرالخام إلى 5 ملايين طن سنويا. كما ارتفعت مردودية السكر في الهكتار الواحد من 7 طن من السكر/ هكتار في عام 2006 إلى 10 طن سكر/ هكتار في المتوسط خلال السنة، مع العلم أن معدل بعض المناطق قد يتجاوز 11 طنا من السكر/ هكتار، وقد ساعد ذلك على تحسين دخل المزارعين. بالإضافة إلى ارتفاع الإنتاج المحلي للسكر من 439.500 طن في سنة 2006 إلى 510.00 طن في سنة 2010، أي بزيادة قدرها 30%. أيضا، وقد مكن تطوير مكننة جميع الخطوات التي تدخل في تركيبة عملية الإنتاج من تحسين وتطوير القطاع خلال السنوات الأخيرة. وتعتبر شركة «كوزيمار» المنتج الوحيد للسكر بالمغرب، وتشتغل في 5 مناطق سقوية وهي الغرب، اللكوس، دكالة، تادلة وملوية، كما تنتج السكر عن طريق تحويل النباتات السكرية المحلية وكذلك عبر تحويل السكر الخام المستورد. وقد صرفت الدولة الكثير من اجل الاستمرار في تحلية اطباق الاسر المغربية ، عن طريق مجموعة من الاستثمارات توالت منذ سنة 1967 منها من كلل بالنجاح و اغلبها كان بمثابة جرح نزيف لميزانية الدولة ... فالشركة الوحيدة البين قوسين الخاصة ... في غرفة انعاش الشركات الوطنية يتم حقنها بالدعم السنوي لموازنة تسعيرة الكيلوغرام من السكر ..بذلت الدوالة كذلك مجهودات منذ اوائل التسعينيات على المستوى الفلاحي لتوفير المادة الخام و التخلي عن الاستيراد الذي يعد من بين الاسباب المباشرة في غلاء المادة ... وتم دعم 82 الف فلاح من اجل انتاج الشمندر او قصب السكر للاسف، لكن لعنة الرقم 43 في المئة لم تفارق المعطى الاقتصادي، فلم تستطع الحكومة أن تتحكم في الاسعار و رفع نسبة الانتاج الوطني ... بل قامت برفع الدعم عوض الدعم الآخر . وتبقى حجة الحكومة لتبرير رفع الدعم واهية .. و هي ان الشركات هي المستفيد الاول من الدعم قبل المواطن الفقير ...خطاب لا يقبله المنطق مادامت الدولة كانت تتكلم بالامس بلغة الاقتصاد و المال و الاعمال و تصرح انه يجب على المغرب خلق مناخ الاستثمار و دعم الشركات المصنعة من خلال توفير مواد خام بأثمنة مناسبة و يد عاملة ذات كفاءة . يبدو أن في السياسية لا تشكل الامور غير المنطقية عقبة ... اليوم الخطاب موجه للمواطن الذي لا يفقه «البيزنيس» يحمل كلمات التضامن و المواساة .صحيح ان اسلوب الحكومة في تنزيل هذا المشروع أخذت منه حصة الاسد ؛ المشاورات و التنسيق مع الباطرونا و الشركات المصنعة بالسكر ...محاولة من الدولة ضبط القطاع رغم ان هذا القطاع لا يفيد بل يستفيد ...بحيث أن الاسواق المغربية مليئة بمنتجات تلك الشركات ... منتوجات يفتقر بعضها للجودة ، سواء كانت مشروبات غازية سكرية أو حلويات معلبة؟