يسعى المغرب خلال السنوات الأخيرة إلى الاستفادة من مجموعة من العوامل الإيجابية التي أضحت تميز القارة الإفريقية سيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وهي العوامل التي جعلت بلدان القارة تعرف تعرف ﻧﻤوا اقتصاديا قويا وضعها في صلب المعترك الاقتصادي الدولي وحولها إلى حلية للتسابق بين الدول الأوربية وأمريكا والصين. ولقد وضع المغرب تصورا استراتيجيا لعلاقاته الاقتصادية ببلدان القارة، بحكم موقعه في مفترق طرق الأسواق العالمية، تصورمبني من جهة على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية جنوب-جنوب، من خلال اعتماد إفريقيا على مقوماتها وقدراتها الذاتية، والسعي من جهة أخرى إلى ترسيخ علاقاته التاريخية مع بلدان القارة عبر مبادرات لا تقتصر على الشق الاقتصادي فقط. ولقد عقد المغرب منذ الستينات من القرن الماضي ما يفوق 500 اتفاق للتعاون مع بلدان القارة في إطار التعاون الاقتصادي والتجاري الثناﺋﻲ، من منطلق تحقيق تعاون مالي متطور ومستمر يرتكز على تدخلات الوكالة المغربية للتعاون الدولي، وعلى تعزيز الانفتاح التجاري فضلا عن تشجيع الاستثمارات من وإلى إفريقيا من خلال تفادي الازدواج الضريبي وإلغاء ديون الدول الإفريقية الأقل ﻧﻤوا. وبفضل هذا النهج، انتعشت المبادلات التجارية بين المغرب وإفريقيا خلال السنوات الأخيرة حيث بلغ حجمها في الفترة الممتدة من 2004 إلى 2014 من 2.2 مليار درهم إلى 11.7 مليار درهم. كما شهد توسع القطاع البنكي المغربي نحو البلدان الإفريقية توسعا مهما، جعل المغرب يصبح في فترة زمنية قصيرة ثاني أكبر مستثمر إفريقي في القارة بعد جنوب إفريقيا. استثمارات شملت العديد من القطاعات من قبيل البنوك والتأمينات، التعمير والأشغال العمومية، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فضلا عن التعاون في القطاع الفلاحي. وفيﻤﺎ يتعلق بالاستثمارات المغربية في إفريقيا، فهي تتركز بالأساس في دول جنوب الصحراء وبالرغم من تذبذبها من سنة لأخرى فإن حصتها من إجمالي الاستثمارات المغربية في الخارج تظل مرتفعة حيث بلغت حوالي 54 % سنة 2013 ، وذلك بفضل الاستراتيجية المغربية في مجال الاستثمارات والتي تعطي الأولوية للدول الإفريقية. ولقد لعب القطب المالي للدار البيضاء دورا كبيرا في ترسيخ دور المغرب كبلد ميسر للمبادلات التجارية والمالية العالمية، إذ يعمل على جلب الرساميل الأجنبية ويشرف على إعادة استثمارها في القارة الإفريقية وذلك من أجل مواكبة الدينامية التي تعرفها القارة. وحسب ما سبق أن أوردته مديرية الخزينة والمالية الخارجية، فإن جميع الظروف الملاﺋﻤة للمستثمرين تم توفيرها حتى يتسنى لهم الحصول على مردود أمثل لاستثماراتهم في شمال وغرب ووسط إفريقيا. وتجسيدا لهذا التوجه الافريقي، تم اختيار القطب المالي للدار البيضاء سنة 2013 من قبل البنك الافريقي للتنمية من أجل احتضان صندوق «إفريقيا 50» الذي يروم تمكين القارة الإفريقية من حيازة آليات مبتكرة من شأنها الرفع من مستوى تعبئة الموارد وجلب ﺗﻤويلات خاصة لتنمية وﺗﻤويل مشاريع البنية التحتية في إفريقيا، وهكذا أضحى المغرب يشكل لكافة شركائه التجاريين ومستثمريه منفذا لسوق من مليار مستهلك في 55 دولة ﺗﻤثل حوالي 60 % من الناتج الداخلي الخام العالمي. وعلى مستوى التوزيع القطاعي للاستثمارات، فقد سبق أن كشفت وزارة الاقتصاد والمالية أن الاستثمارات المغربية في القارة الأفريقية تعرف هيمنة قطاعات المصارف، العقار، والاتصالات السلكية واللاسلكية. ففي قطاع العقار، عرفت الاستثمارات تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، لتحتل مع متم سنة 2014 المرتبة الأولى مناصفة مع قطاع المصارف . وشكلت حصة الاستثمارات إلى حدود نفس السنة وفي نفس القطاع %25من مجموع الاستثمارات المباشرة في القارة الإفريقية سنة 2014 مقابل %19,6 سنة 2013 في حين ﻟﻢ تتجاوز هذه النسبة 7,5 % سنة 2012. أما على مستوى قطاع الاتصالات، فقد احتل المرتبة الأولى خلال سنتي 2009 (%59,9) و 2010 (%42,5).