طال بنا الانتظار و توالت الوعود بإمكانية تجميع مثون العيطة الغابرة "سيدي حسن" حتى ذهب البعض إلى التشكيك في مدى صحة الخبر. لكن الشيخ جمال الزرهوني كان في الموعد، و أثبت أن أقدم عيوط عبدة أصبحت اليوم في متناول الباحثين و الغيورين على التراث الشعبي المغربي. تعتبر عيطة "سيدي حسن" الملقبة بالزيدانية أحد عيوط عبدة ميتة. تؤرخ هذه العيطة لحركة من حركات السلطان "الحسن الأول" و الذي قيل عنه"كان عرشه فوق صهوة جواده". العارفين بأصول فن العيطة تحدثوا كثيرا عن استحالة إحياء هذه القصيدة إذا ما نظرنا إلى صعوبة أرتامها و ندرة الشيوخ الحفظة. لكن الشيخ جمال و بفضل خبرته الطويلة في المجال و هوسه بالعيوط العبدية انتبه لوجود بعض المثون المتناثرة فيما يروج الآن من عيوط الحصبة و التي لها ارتباط مباشر بحقبة السلطان "الحسن الأول". فبحسب تصريح للشيخ جمال، فقد تمكن من جمع فصول و "حبات" العيطة الزيدانية وفق ما سمعه و ما رواه له مجموعة من شيوخ عبدة؛ الأحياء منهم: الشيخ الداهمو، الشيخة عيدة و الشيخ العربي لكحل؛ و الأموات منهم: الشيخ ابراهيم حميمة، الشيخ عبد السلام و الشيخ العيساوي شملهم الله جميعا برحمته. و قد تطلب من الشيخ جمال ما يقارب 25 سنة من البحث و التنقيب و السفر ما بين مجموعة من المناطق المتاخمة لآسفي من أجل الظفر ببعض الشذرات التائهة بين العيوط أو التي ظلت حبيسة ذاكرة بعض الشيوخ ممن لم تصلهم 'كنانيش' الباحثين الذين سبقوا للبحث في المجال. لا تعدو هذه سابقة في مسيرة الشيخ جمال الزرهوني، و هو الذي سبق و أعاد إحياء عدد من نوادر العيوط المغربية، نذكر منها العيطة الحوزية "الواد الواد" و التي ترصد مجرى واد "ال?رزي" بين منطقتي الرحامنة و الصويرية بآسفي؛ و كذا عيطة "الغزيل" و التي تصب في أغراض الغزل و مدح "الغزيل" زوجة خليفة و ابن القائد "عيسى بن عمر العبدي"وزير البحر أنذاك؛ و كان آخرها 'عصابة' أو مقدمة عيطة "خويتمو فيديا واحكامو عليا" و التي قدمها الشيخ جمال مؤخرا في برنامج 'نغمة عشقناها' على القناة الثانية. في زمن اختلت فيه الموازين، يتحفنا الشيخ جمال الزرهوني بعيطة 'سيدي حسن' ضمن ألبوم متكامل جديد يضم أيضا كل من عيطة "الواد الواد"، عيطة "خويتمو فيديا و حكامو عليا" وعيطة "اللي بغا حبيبو" عبدية الأداء. شاركه التسجيل كل من الشيخ 'عابدين الزرهوني' والمايسترو الشيخ 'عبد الدايم حبيبي' بالإضافة إلى حاملي مشعل العيطة من الشباب الفنان "أنوار الزرهوني" و الفنان "أمين الورديني". هي رسالة قوية أكثر منها إشارة للقائمين على الحقل الثقافي التراثي المغربي بضرورة الإهتمام بالموروث الشعبي المغربي و حفظه من الضياع، وذلك من خلال الدعم المادي و المعنوي لمثل هذه المبادرات الفردية و التي تحمل الشيخ جمال كل تفاصيلها المادية و مشقتها بمفرده.