تأتي النهاية هذه المرة استثنائية بكل المويحتضن ملعب الشيح محمد الأغضف بمدينة العيون يومه الجمعة 18 نونبر الجاري، والذي يصادف احتفالات الشعب المغربي بذكرى عيد الاستقلال المجيد، المباراة النهائية لنيل كأس العرش للموسم الرياضي 2015 – 2016. وهذه أول مرة تحتضن كبرى مدن الصحراء المغربية نهاية كأس العرش لكرة القدم، بعد أن احتضنت نهايات كأس العرش في كرة اليد والكرة الطائرة، علما بأن ملعب الشيخ محمد الأغضف، ومنذ أن احتضن العام الماضي مباراة نجوم العالم وإفريقيا، الذين كان يتقدمهم الأسطورة الارجنتيني دييغو مارادونا، خضع لعدة إصلاحات من أجل تأهيله لاحتضان مباريات كبرى. وأقيم نهائي النسخة الماضية بالملعب الكبير بمدينة طنجة، وشهد تتويج فريق أولمبيك خريبكة على حساب اتحاد الفتح الرياضي بالضربات الترجيحية. واحتكرت مدينة الدارالبيضاء لوحدها مباريات نهائي كأس العرش وذلك طيلة 15 سنة، ما بين 1957 و 1971، بينما لم تجر نهاية عام 1972 بين شباب المحمدية والراك، قبل أن ينقل الحدث لأول مرة خارج العاصمة الاقتصادية إلى ملعب الانبعاث بأكادير سنة 1973. ونظم أول نهائي كأس العرش بالرباط عام 1977 بين الرجاء البيضاوي والدفاع الحسني الجديدي، وانتهى بفوز الفريق البيضاوي 1 – 0، كما انتقل الحدث إلى طنجة التي احتضنت نهاية اتحاد الفتح الرياضي والنادي القنيطري 1 – 0 سنة 1976، قبل أن تنتقل من جديد إلى الرباط ثم ملعب سانية الرمل بمدينة بتطوان في العام الموالي 1978، وإلى الحارثي بمدينة مراكش سنة 1992 ومرتين بمدينة فاس عامي 1996 و2007. واحتضنت العاصمة الرباط 17 نهائي كأس العرش في آخر 18 سنة منذ انشاء المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد لله، لتتقدم الرباط بنهائيتين على مدينة الدارالبيضاء، بواقع 26 مقابل 24، بينما احتضنت فاسوطنجة نهايتين لكل منهما ثم نهاية واحدة في كل من تطوانومراكش وأكادير. اصفات ، ذلك أن طرفي المعادلة يختلفان من حيث علاقتهما بهذه الكأس ، ومن حيث الممارسة بالبطولة الوطنية، لكنهما يتوحدان من حيث الطموح والرغبة في معانقة الكأس الفضية التي ستحتضنها عيون الساقية الحمراء في أجواء الإحتفال الدائم والمستمر بإسترجاع الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة الوطن الأم. مباراة النهاية برمجت لأول مرة بملعب الشيخ محمد الأغضف يومه الجمعة، وهو اليوم الذي يتزامن مع الاحتفال بذكرى عيد الاستقلال، وستكون الانطلاقة في حدود الساعة الثالثة عصرا، وسيقودها الحكم رضوان جيد بمساعدة يوسف مبروك وهشام مامي ، وستجمع المغرب الفاسي وأولمبيك آسفي. الوصول إلى المباراة النهائية يضمن للفريقين معا مكافأة مالية تقدر بمائة وخمسين مليون سنتم ، وفي حالة الفوز باللقب، فالفريق المتوج سيحصل على مكافأة مالية تصل إلى مائتين وخمسين مليون سنتم ، بالإضافة إلى مرافقة اتحاد طنجة في المشاركة في منافسات كأس الكاف. الفريقان المتباريان يتطلعان إلى صنع رهان معانقة الكأس الفضية، وقد تسلح كل منهما بما يكفي من العدة النفسية والتكتيكية والذهنية للظفر بهذا اللقب لقيمته المعنوية ، خصوصا وأن مدينة العيون هي مسرح هذا الحدث الكروي الذي يستأثر بالاهتمام، والذي استعد له الفريقان ليكونا في مستوى تطلعات الجماهير التي ستحج بكثرة لتكون هي الأخرى في الموعد، حيث سافر جمهور الفريقين معا عبر مختلف وسائل التنقل التي وضعها مسيرو كل من الماص وأولمبيك آسفي رهن إشارة المشجعين لزرع الدفء في المدرجات وتقديم السند والمؤازرة للاعبين طيلة أطوار المباراة. فريق المغرب الفاسي ممثل أندية الدرجة الثانية الذي يلعب النهاية الحادية عشرة، سبق له أن توج بثلاثة ألقاب ، ويتطلع مدربه طارق السكتيوي الذي سبق أن فاز مع الماص كلاعب بالكأس الفضية لموسم 2011، إلى نقش اسمه في تاريخ كأس العرش كمدرب للماص، لذلك سيحاول الفاسيون استثمار هذا الرصيد التاريخي لتعزيز خزانة الفريق بلقب جديد يزرع الفرحة في قلوب الجماهير الفاسية التي لم ترض على تواجد فريقها ضمن أندية القسم الثاني. المدرب السكتيوي تشرب الأساليب التكتيكية الاحترافية عندما كان يمارس كلاعب بالدوريات الأوربية، ولاشك أنه سيستثمر نقط قوة فريقه لفرض أسلوبه، وتحقيق التفوق الميداني تكتيكيا، بعد التهيئ الذهني طبعا، لكن مكر المدرب هشام الدميعي قد يقلب كل الموازين، ويصنع رهانا ما أحوج كل مكونات مدينة آسفي إليه، ولعل صرف مبلغ أربعة ملايين سنتم لكل لاعب كمكافأة عن التأهل إلى مباراة النهاية مؤشر قوي على أن مسؤولي الفريق الآسفي يراهنون على دخول تاريخ التتويج عبر أول لقب لكأس العرش، ولعل الفرصة سانحة هذه المرة بالوصول إلى لقاء النهاية. واللافت، أن فريق المغرب الفاسي وضع مسؤولوه مبلغ تسعة ملايين سنتم كمكافأة للاعبين إذا ما توجوا باللقب الرابع في مشوار الماص، ما يعني بأن أحمد المرنيسي وضع منحة التتويج بالكامل رهن إشارة اللاعبين، وهذه سابقة في تاريخ الماص، الفريق الذي أزاح أقوى الفرق بدءا باتحاد اتمارة مرورا بالوداد البيضاوي والجيش الملكي واتحاد طنجة، فهل سينضاف أولمبيك آسفي إلى قائمة هذه الفرق؟ الفريق الآسفي شق طريقا وعرة قبل التأهل لأول مرة في تاريخه إلى لقاء النهاية ، حيث أزاح أولمبيك مراكش، ثم الاتحاد القاسمي والفتح الرباطي والدفاعى الجديدي وهو مسار يؤكد أن ممثل عبدة ليس فريقا سهل التجاوز، حتى وإن كان عطاؤه على مستوى البطولة لا يرقى إلى الحد الأدنى من الانتظارات. مباراة النهاية عادة ما تغلب عليها الصرامة التكتيكية، ولعل كل مدرب استعد لهذا الرهان الذي سوف لن يحسمه وزن هذا الفريق أو ذاك، بقدر ما تفصل فيه جزئيات صغيرة، فلمن ستدق أجراس الظفر بالنسخة 59 لكأس العرش؟