عاد ملف عمره أكثر من نصف قرن لينبعث من جديد بخنيفرة، وذلك بعد قيام العشرات من ممثلي أهالي وسكان قبيلة آيت موسى آيت لحسن أوسعيد، بالزحف نحو أراض بمزارع «تامزاويت»، ضواحي جماعة سيدي احساين، والاعتصام داخلها وسط طوق من القوات العمومية والدرك وعناصر السلطة المحلية التي منعتهم من نصب خيام تقيهم قساوة المناخ وظروف الليل، وذلك للمطالبة باسترجاع أراضيهم التي يؤكدون أنها مسلوبة منهم منذ العهد الاستعماري على يد «الباشا حسن»، والتشديد على الحسم في تفعيل بنود الاتفاقات المبرمة في هذا الشأن، ومواثيق الصلح التي تمت بين أطراف النزاع، حيث لا تزال القبيلة تطالب ب «تحرير» أراضيها. وتؤكد الوثائق المسلمة ل «الاتحاد الاشتراكي» أن لجنة ملكية كانت قد تشكلت للبت في ما يُعرف ب «أراضي إمحزان»، وجاء قرارها 519 منصفا للضحايا، بتأكيده على الالتزام بإرجاع الأراضي لأصحابها، غير أن بعض المتحكمين في هذه الأراضي امتنعوا عن تنفيذ قرار اللجنة الملكية، رغم جميع التحركات والوسائل التي قام بها المتضررون من مساطر قانونية، ومراسلات، واحتجاجات، وزيارات متكررة للديوان الملكي وللعمال المتعاقبين على الإقليم، وبين الفينة والأخرى تتم محاولة «تمرير» أراضيهم المذكورة لأشخاص نافذين دون موجب حق، على حد قولهم، ومنها مزارع تامزاورت الكبرى بأزغار ومزارع تملاكت بالجبل وأكرن علي بالكعيدة. ومعلوم أن سكان قبائل زيان كانوا قد تقدموا للمغفور له محمد الخامس، وهو بإفران، عقب عودته من المنفى، وسلموه شكايتهم حول الأراضي التي انتزعت منهم، فقرر تشكيل لجنة أوكلت لها مهمة السهر على فض النزاع القائم وإعادة الأراضي المتنازع عليها لأهلها، حيث قامت اللجنة بمهامها منذ 1963، وخرجت بعدة بنود، من صلح واتفاق، سجلت لدى قاضي التوثيق تحت عدد 519، صحيفة 230 بتاريخ 20 غشت 1965، وبناء على ذلك نفذ أبناء أمهروق بنود الاتفاق باستثناء ورثة «الباشا حسن» الذين واجهوا مساطر التنفيذ بالرفض، بما في ذلك البند 28 المتعلق بأراضي آيت موسى آيت لحسن أوسعيد، حسب مذكرة تسلمت «الاتحاد الاشتراكي» نسخة منها. وارتباطا بموضوع التطورات الأخيرة، تعذر على السلطات، بكل وسائل الترغيب والترهيب، ثني المعتصمين عن الاستمرار في معركتهم التي دخلوا فيها منذ الاثنين 26 شتنبر 2016، مع قرار نقلها من «تامزاويت» إلى «تملاكت»، علما بوجود مسنين بينهم، أحدهم في الثمانين من عمره كان قد نقل، صباح الأحد 23 أكتوبر 2016، إلى مستوصف أجلموس إثر وقوعه من منحدر تلي وأصيب بجروح على مستوى الرأس، في حين أصر المعتصمون، حسب مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، على مواصلة اعتصامهم لكون كل الحوارات والوعود لم تعط ثمارها جراء التعامل معها بعدم الاهتمام. وكم ارتقى المحتجون بمطالبهم إلى نحو رفع لافتة عريضة تطالب بلقاء مع جلالة الملك، في إشارة منهم لعجز السلطات الإقليمية عن القيام بدورها في ما يتعلق بهذا الملف الذي عمر طويلا، وفي تنفيذ اتفاق الصلح بين طرفي النزاع منذ 1965، وقرار اللجنة الملكية 519، علما أن سكان الأراضي المذكورة فات لهم أن نظموا، صباح الثلاثاء 7 أبريل 2009، وقفة احتجاجية أمام عمالة الإقليم، وقرروا حينها تنظيم مسيرة سلمية باتجاه الرباط العاصمة على أساس التوقف بها أمام القصر الملكي العامر، الأمر الذي أجبر عامل الإقليم آنذاك على التدخل لاحتواء لغة التصعيد باستقبال المحتجين ووعدهم بدراسة المشكل الذي لا يزال قائما.