نشرت مجلة «جون أفريك» الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن الدور الذي لعبه حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي، خلال الاضطرابات التي عاشها مؤخرا المشهد السياسي في تونس. وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته «عربي21»، إن حافظ قائد السبسي، الذي يشغل منصب المدير التنفيذي لحزب نداء تونس، لا يتوانى عن فرض هيمنته الكاملة على الحركة، ما أثار غضب باقي أعضاء الحزب، خاصة أن الشاهد اتخذ في مناسبات عدة قرارات فردية ومبادرات في غير أوانها، ما زاد في تعمق أزمة هذا الحزب. وذكرت المجلة أنه منذ العاميين الماضيين، أصبح الحزب الذي فاز في انتخابات سنة 2014، مسرحا لمعركة مبتذلة تطغى عليها المشاحنات والخلافات، والمصالح والأنانية المفرطة، وذلك بسبب الإدارة «الرجعية» وحتى «غير الديمقراطية» للمدير التنفيذي للحزب الذي أسسه والده. وفي هذا السياق، تحدث العضو المؤسس للحزب، بوجمعة الرميلي، عن السياسة الاستبدادية التي يتبعها حافظ السبسي في إدارة هذا الحزب، مستنكرا عملية اتخاذه لقرارات فردية وفرضها على الحزب دون استشارة أعضاء المجلس التنفيذي. وأفادت المجلة بأن الانتقادات ذاتها وُجّهت إلى القيادي في الحزب ورئيس الحكومة، يوسف الشاهد، خلال مفاوضات تشكيل حكومة وحدة وطنية، التي عُقدت في شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس من هذه السنة. وفي هذا السياق، أشار مدير المكتب السياسي للحزب، نبيل القروي، إلى سياسة التفرد باتخاذ القرارات التي يتبعها حافظ السبسي، والتي تتجاهل مضمون الاجتماعات التي تُعقد في قصر قرطاج، كما قال. وتجدر الإشارة إلى أنه خلال اجتماع عُقد في مدينة قمرت، يوم 18 أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلن حافظ السبسي بصفة غير متوقعة تعيين الشاهد رئيسا للجنة السياسات في الحزب، ودمجه لبعض الوزراء كأعضاء جدد في الحزب. وأشارت المجلة إلى أن قرار تعيين الشاهد كرئيس للجنة السياسات يعدّ إحدى مناورات حافظ السبسي، التي تهدف إلى تقويض مصداقية الشاهد، والذي يتطلب منصبه منه كرئيس لحكومة وحدة وطنية الابتعاد عن كل المواقف الحزبية، والسعي إلى تحقيق المصالح العليا للبلاد. وقال أحد الناشطين في حزب نداء تونس إنه «من الحكمة أن يوحّد يوسف الشاهد بين كل أحزاب تونس، ويكرّس كل جهوده نحو إنقاذ الدولة التونسية، عوضا عن الحزب». ويُعتقد أن مناورة حافظ السبسي الأخيرة تهدف بالدرجة الأولى إلى إحكام قبضته على السلطة التنفيذية، وبدرجة ثانية إلى إرضاء باقي أعضاء الحزب، الذين يعتقدون أن حزب نداء تونس ليس ممثلا بالشكل الكافي داخل الحكومة. وأكدت المجلة أن السبسي يقف وراء كل الأزمات التي مرّ بها الحزب منذ نشأته، فقد أدّت سياسته إلى خلق العديد من النزاعات والانشقاقات الداخلية، حيث دفعت قراراته المتعنتة إلى تهديد وزير التربية والتعليم بانسحابه من منصبه مؤخرا. كما اتهمه القيادي البارز في الحزب، خميس قسيلة، بإلحاق بالأذى للحزب وكامل كيان الدولة. كما أن رئيس اللجنة السياسية السابق، رضا بلحاج، الذي لطالما دافع بضراوة عن مواقف حافظ السبسي، أعرب عن قلقه من محاولة «الانقلاب» التي يقوم بها السبسي الابن، مؤكدا أنه الشخصية الرئيسية التي تقف وراء كل الأزمات التي يشهدها الحزب منذ تأسيسه. وبينت المجلة أن عدم امتلاك حافظ شرعية سياسية ساهم في تفاقم الغضب السياسي، حيث إن هذه الشخصية لطالما أثارت جدلا كبيرا؛ بسبب مبادراتها وقراراتها المقلقة التي كانت تتخذها دون التشاور مع بقية قيادات الحزب، وهو ما عكس مدى رغبته في إحكام قبضته على السلطة. وعندما طالب بعض أعضاء المجلس التنفيذي بتمثيل أفضل لهم، وبوضع حدّ لممارسات نجل رئيس الجمهورية، قال نبيل القروي إن حافظ قائد السبسي أكّد أنه المسؤول الوحيد عن الحزب، مشيرا إلى أن كل من لا يرغب في الانصياع لرغباته يمكنه التخلي عن عضويته بالحزب. وأفادت المجلة بأن المقربين من المدير التنفيذي لحزب نداء تونس ساهموا في تعزيز رغبته في الهيمنة على السلطة. كما أن الدعم الأولي الذي قدّمه والده له ساهم في تعمق استبداديته، ما أدى إلى اتهام النائب عن حزب العمال التونسي، عمار العمروسي، لرئيس الجمهورية، علنا، بإرباك النظام الجمهوري للدولة التونسية. وقالت المجلة إن أي أزمة جديدة سيشهدها هذا الحزب يمكن أن تؤدي إلى حدوث شرخ كبير داخل صفوفه في البرلمان، والتي من المرجح أن تكون لها تداعيات خطيرة على الحزب، كما يمكن أن تؤدّي إلى توتر الوضع السياسي في البلاد. وتساءلت المجلة عن مدى قدرة حزب نداء تونس على الاستمرار بمنافسة حركة النهضة، وإلى أي مدى ستسمح الأزمة التي يشهدها الحزب حاليا بظهور قوة سياسية جديدة، معتبرة أن الأزمات المتكررة لهذا الحزب فتحت المجال أمام أحزاب اليسار للاستفادة من الوضع.