كشفت دراسة حديثة أنجزها «مركز الابتكار التكنولوجي»، التابع لمركز «بروكينز» الأمريكي، أن حجب بعض خدمات الإنترنت في المغرب كبد البلد خسائر مادية هائلة تصل إلى 320 مليون دولار. وذكرت الدراسة، التي أشرف عليها الخبير الأمريكي، داريل ويست، أن المغرب بدأ يحصي خسائره منذ بداية السنة الجارية، عندما تم حجب خدمات الاتصال عبر الإنترنت التي تعتمد على تقنية «الصوت عبر بروتوكول الإنترنت»، والمعروفة اختصارا بتقنية (VoIP)، وهي التقنية التي تعتمدها العديد من التطبيقات واسعة الانتشار على الهواتف الذكية والحواسب من قبيل «سكايب»، «فايبر»، «تانغو»، «واتساب»، «ميسنجر»... وهو الحجب الذي بررته «الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات» (ANRT) بالقول إن الاستعمال المجاني لخدمات الاتصال الصوتي عبر الإنترنت لا يتماشى ومقتضيات قوانين الاتصال المعمول بها في المغرب، كما أن مقتضيات الفصل الأول من قرار الهيئة رقم 04-04 تشير إلى أن شركات الاتصالات في المغرب هي الوحيدة المخول لها قانونا توفير واستغلال خدمات الاتصال الصوتي عبر تقنية (VoIP)؛ لذلك فإن لجوء مستعملي الإنترنت إلى خدمات تطبيقات الإنترنت قد يشكل مسا بمصالح شركات الاتصال ويكبدها خسائر مادية هائلة. ولقد وضعت الدراسة المغرب في المرتبة الثالثة ضمن قائمة البلدان التي سجلت أكبر الخسائر خلال العام الماضي بسبب حجب خدمات الإنترنت، حيث جاءت الهند في المرتبة الأولى بخسائر وصلت إلى 968 مليون دولار، تليها المملكة العربية السعودية بما مجموعه 465 مليون دولار، أما المرتبة الرابعة فكانت من نصيب العراق بخسائر تقدر بحوالي 209 مليون دولار، ثم البرازيل (116 مليون دولار)، جمهورية الكونغو (72 مليون دولار)، باكستان وبانغلاديش (69 مليون دولار)، سوريا (48 مليون دولار)، تركيا (35 مليون دولار) فالجزائر (20 مليون دولار). وأوضح «داريل ويست»، المدير المؤسس لمركز الابتكار التكنولوجي التابع لمعهد بروكينز، الذي يشغل به أيضا منصب مدير دراسات الحكامة، أن إحصائيات الخسائر شملت فقط تأثير حجب خدمات الإنترنت على تراجع الأنشطة الاقتصادية، دون إحصاء باقي الخسائر المرتبطة بتراجع المداخيل الضريبية المترتبة عنها وتراجع المستثمرين والمقاولات وتراجع ثقة المستهلك. وجاء في هذه الدراسة التحليلية أن الإحصائيات تخص الفترة الممتدة من فاتح يوليوز 2015 إلى 30 يونيو 2016، وخلصت إلى أن مجموع الخسائر المالية التي تكبدها البلدان التي شملتها الدراسة في مختلف مناطق العالم وصل إلى 2.4 مليار دولار من الناتج الداخلي الخام لتلك البلدان. واعتبر «يويست» أن قرارات الحجب تهدد الطابع الحيوي للإنترنت، حيث أقدمت بعض البلدان في السنوات الأخيرة على حجب تطبيقات معينة، منع خدمات رقمية معينة، حجب متكرر لشبكات الاتصال للهواتف المحمولة أو قطع كامل للإنترنت لفترات معينة، وهي القرارات التي يحاول المسؤولون الحكوميون تبريرها، حسب «ويست»، بالدواعي الأمنية، الرغبة في خفض حدة الاحتجاجات الشعبية، مواجهة خطر الإرهاب وحماية مصالح المقاولات المحلية، غير أن تلك القرارات كان لها تأثير سلبي على سير الحياة العادية للأشخاص من خلال عرقلة التواصل بين المستخدمين لتلك الخدمات، إعاقة النمو الاقتصادي للمقاولات، والتدخل بشكل سلبي في المنظومة الاقتصادية للمقاولات المبتدئة وهو ما ستكون له عواقب مجتمعية في تلك البلدان.