تفرض نتائج الانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر إخضاعها للتحليل، من أجل فهم منطقها، والعوامل السياسية والسوسيولوجية، التي تحكمت فيها، والتي حددت الأرقام والنسب ومواقع التشكيلات الحزبية التي شاركت فيها. غير أن القراءة الأولية لهذه النتائج، على المستوى الشكلاني، تعطينا خريطة، متناقضة، يصعب تفسيرها، على ضوء المنطق السياسي للأغلبية والمعارضة، حيث إن هذا التموقع، غاب كلية، في تحديد النتائج. نجد من جهة، حزب العدالة والتنمية، متزعم الحكومة السابقة، يتبوأ المكانة الأولى، ويزيد في عدد نوابه، مما يعطي الانطباع بأن تصويت جزء هام من الناخبين، لصالحه، كان دعما للتجربة الحكومية، غير أن هذا الانطباع سرعان من يختفي، عندما نجد أن حلفاءه في الحكومة، التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، والحزب الأقرب له، التقدم والاشتراكية، يتراجعون في الترتيب والنتائج. المنطق السياسي الطبيعي، كان يفترض أن تتقدم الأحزاب، المتكتلة في الحكومة، كما تقدم حزب العدالة و التنمية، غير أن العكس هو الذي حصل، فلماذا تعرضت هذه الأحزاب الثلاثة المتراجعة، للتصويت العقابي، ما دامت قد تقاسمت في الحكومة، الحلو والمر؟ إذا كان التصويت لصالح العدالة والتنمية، دليلا من طرف جزء من الناخبين، على مساندتهم للتجربة الحكومية، فلِم لمْ ينعكس هذا على الأحزاب الأخرى، المشاركة في الحكومة؟ نفس هذه الأسئلة «المنطقية» يمكن طرحها حول المعارضة، حيث إن تقدم حزب الأصالة والمعاصرة، قد يعني أن هناك رفضا، من طرف جزء غير يسيرمن الرأي العام، للتجربة الحكومية، وكان مفترضا أن ينعكس أيضا، في التصويت، على باقي أحزاب المعارضة، غير أن العكس، هو الذي حصل، حيث تراجعت كلها، بدءا من الاستقلال مرورا بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وانتهاءً بالاتحاد الدستوري. لِمَ لمْ تنعكس مساندة التوجه الرافض للسياسة الحكومية، على أحزاب المعارضة الثلاثة، وظلت منحصرة في حزب الأصالة والمعاصرة؟ تؤكد هذه المعطيات الشكلانية، أن ما تحكم في تصويت الناخبين، ليس هو الموقف من التجربة الحكومية أو أي منطق سياسي واضح، بل ما تحكم في أغلب الناخبين، هو منطق الولاءات المختلفة، المؤسسة على شبكات زبونية، متعددة البنيات، بدءا من الروابط الإحسانية/النفعية، مرورا بالرشاوي الانتخابية، وانتهاءً بالانتماءات القبلية والإثنية. إنها انتخابات تكرّس منطق قليل من السياسة، كثير من الزبونية.