انتقلت نفقات تسديد فوائد قروض الخزينة من 17.5 مليار درهم في سنة 2011 إلى 28.3 مليار درهم في 2016، مسجلة ارتفاعا بنسبة 61.6 في المائة، لتصبح عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة، إذ انتقلت حصتها ضمن النفقات العادية للدولة من 9.4 في المائة في 2011 إلى 13.31 في المائة في 2016. هذا دون الحديث عن تسديد أقساط الدين التي ارتفعت بدورها بشكل صاروخي. وعلى مدى ولاية عبد الإله بنكيران ارتفعت المبالغ السنوية التي تؤديها الخزينة برسم تسديد الفوائد المترتبة عن مديونيتها بشكل متسارع ناهزت وتيرته 10.12 في المائة في المتوسط، وذلك على إيقاع ارتفاع المديونية العمومية. وعرفت نفقات فوائد الدين الخارجي على عهد بنكيران نموا أكثر تسارعا من نمو نفقات فوائد الدين الداخلي، إذ ارتفعت بين 2011 و2016 بنسبة 74 في المائة مقابل نمو بنسبة 60 في المائة للفوائد المستحقة على المديونية الداخلية للخزينة. وأصبحت نفقات فوائد الدين الخارجي تشكل 14 في المائة من إجمالي نفقات الدين العمومي، مقابل 86 في المائة بالنسبة لمبلغ الفوائد المؤداة على المديونية الداخلية. وشكلت المديونية العمومية الحائط القصير الذي تلجأ إليه الحكومة لتغطية عجزها وتعويض النقص الناتج عن سياساتها التقشفية التي تسير عكس متطلبات النمو الاقتصادي. وبلغ حجم القروض الجديدة التي أبرمتها حكومة بنكيران مند توليها 321 مليار درهم، استعملها لتمويل العجز السنوي للخزينة. وصرفت هذه القروض بنسبة 80 في المائة في تمويل الاستثمارات وبنسبة 20 في المائة لتغطية النقص في نفقات التسيير. أي أن حكومة بنكيران اقترضت زهاء 65 مليار درهم لتمويل استهلاك الإدارة. أما الحصة الموجهة للاستثمار ضمن هذه القروض، والبالغة 257 مليار، فاستعملت في تمويل استثمارات ذات وقع ضعيف جدا من حيث فرص الشغل والأثر على معدلات النمو، كما يتبين ذلك من إرتفاع معدل البطالة وانخفاض معدل النمو الاقتصادي خلال هذه المرحلة التي اتسمت بتراجع قوي لمساهمة الأنشطة غير الزراعية في الناتج الخام الداخلي. وتجدر الإشارة إلى اعتماد حكومة بنكيران بشكل كامل على المديونية في تمويل الاستثمارات المبرمجة في القوانين المالية المتتالية، علما بأن نسبة إنجاز هذه الاستثمارات لم تتجاوز 87 في المائة. وفي غضون ذلك تقوضت القدرة التمويلية للمغرب بشكل مقلق خلال هذه الفترة بفضل تراكم المديونية. فقد انتقل مؤشر مديونية الخزينة من 53 في المائة من الناتج الخام الداخلي في بداية ولاية بنكيران إلى أزيد من 65 في المائة من الناتج الخام الداخلي في نهاية ولايته، علما بأن المؤسسات المالية حددت نسبة 60 في المائة كخط أحمر. أما مؤشر المديونية العامة الإجمالية، التي تشمل بالإضافة إلى مديونية الخزينة كل القروض المضمونة من طرف الدولة، فناهز مؤشرها 81 في المائة من الناتج الخام الداخلي. أي أن البلاد أصبحت مديونة بأزيد من 81 في المائة من إجمالي القيمة المضافة التي تنتجها سنويا. وإضافة إلى صعوبة الحصول على قروض وتمويلات إضافية بالنظر إلى هذه المؤشرات، فإن ارتفاع المديونية وتكاليف خدمتها يعني استنزافا حادا للموارد العادية للمالية العمومية، فماذا تبقى للاستثمار والتنمية؟. وكان يمكن للوضع أن يكون أعوص لولا استفادة المغرب من الهبات الخليجية عقب الزيارة الملكية لدول مجلس التعاون الخليجي وإبرامه اتفاقية الشراكة الاستراتيجية معها.