تعتبر المرحلة الانتقالية التي تعقب وفاة رئيس أوزبكستان إسلام كريموف بعد 27 عاما في الحكم بمثابة اختبار لآسيا الوسطى التي يحكمها زعماء أقوياء وتواجه تصاعد التطرف الإسلامي. في مسقط رأسه سمرقند، دفنت أوزبكستان السبت زعيمها الذي حكمها إبان الحقبة السوفياتية وبقي في السلطة مع استقلال البلاد العام 1991 ثم أعيد انتخابه باستمرار حتى وفاته الجمعة عن 78 عاما جراء نزيف دماغي. وفي ظل نظام مغلق، يترقب سكان أوزبكستان خلافة كريموف الذي حافظ لأكثر من ربع قرن على استقرار بلد مسلم محاذ لأفغانستان وفي صلب صراع النفوذ بين روسيا والصين والغربيين، ولكن عبر سياسة قمعية وفق معارضيه. وقال عبد الحكيم أحد سكان سمرقند لوكالة فرانس برس متسائلا «هل سيتمكن زعيم جديد للأمة من مواصلة نهج الإزدهار على غرار كريموف؟». يتولى رئيس مجلس الشيوخ نعمة الله يولداشيف السلطة بالوكالة حتى إجراء انتخابات خلال ثلاثة أشهر. ولدى المحللين شبه يقين أنه سيتم اختيار أحد المقربين من الزعيم الراحل وانتخابه بغالبية كبيرة. في عامه الثامن والخمسين، يبدو رئيس الوزراء شوكت ميرزوييف الأوفر حظا بعدما أشرف على تنظيم مراسم التشييع، لكن الدور الذي سيضطلع به رئيس الأجهزة الأمنية ووزير المالية وحتى عائلة كريموف لا يزال مجهولا. واستبعد سكوت رادنيتز الخبير في شؤون المنطقة في جامعة واشنطن «صراعا على السلطة كون النخبة الحاكمة تستفيد من النظام الراهن وتقضي مصلحتها بان تتم الامور على ما يرام»، مع إقراره بصعوبة إطلاق تكهنات إنطلاقا من الطبيعة «المغلقة للنظام». الأسئلة التي تطرح حول خلافة كريموف تنطبق على آسيا الوسطى برمتها حيث الأنظمة المتشددة باتت هي المعيار. شمال أوزبكستان، تبقى كازاخستان باحتياطاتها الكبيرة من المحروقات آخر بلد في المنطقة يحكمه زعيم من الحقبة السوفياتية هو نور سلطان نزارباييف (76 عاما) الذي لا خلف رسميا له أيضا. وفي تركمانستان، خلف قوربان قولي بردي محمدوف بهدوء صابر مراد نيازوف، الرئيس أمد الحياة الذي توفي العام 2006. ومذذاك، يسيطر الرئيس الحالي في شكل شبه مطلق على وسائل الإعلام والمجتمع المدني. وكتب ألكسندر بوانوف من مركز كارنيغي في موسكو في مقال أن «استقرار الدول المجاورة (لاوزبكستان) يتوقف أيضا في شكل كبير على الضغوط التي يمارسها رؤساؤها». وأضاف «من المؤكد أن التغيير آت في أوزبكستان كما في باقي آسيا الوسطى. لكن الأمر غير الواضح هو ماهية هذا التغيير وأي شكل للخلافة ينتظر هذه البلدان». قلة من الخبراء تتوقع تقدما كبيرا على صعيد الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان في أوزبكستان بعد وفاة كريموف. وفي مواجهة الانتقادات، عرف الأخير أن يقيم توازنا بين روسيا، الحليف التقليدي، والصين ذات النفوذ الإقتصادي المتنامي والغربيين الذين أفادوا أحيانا من موقعه الإستراتيجي. وكان للولايات المتحدة قاعدة في أوزبكستان تستخدمها في عملياتها العسكرية في أفغانستان، لكن طشقند أمرت بإغلاقها إثر الانتقادات الأميركية لقمع انتفاضة انديجان في 2005 والذي أسفر عن مقتل بين 300 و500 متظاهر. ولسلطات المنطقة اليوم حجة مقنعة لإقناع الغربيين بضرورة الحفاظ على الإستقرار، تتمثل في تصاعد التطرف الإسلامي. ويقاتل العديد من الأوزبكستانيين في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وأبرزهم غول مراد حليموف القائد السابق للقوات الخاصة للشرطة في طاجيكستان والذي تلقى تدريبا في روسيا والولايات المتحدة. (أ. ف. ب)