ريال مدريد يقلص الفارق مع برشلونة    تطورات مفاجئة في قضية "سفاح بن احمد"..    بمشاركة واسعة للطلبة.. عميد كلية العلوم بتطوان يترأس فعاليات توعوية بمناسبة اليوم العالمي للأرض    بوعياش تدعو إلى صياغة مشروع قانون المسطرة الجنائية ببعد حقوقي    حموشي يستقبل مسؤول الاستعلامات ووفد أمني عن الحرس المدني الإسباني    موتسيبي: نجاح كرة القدم في المغرب يجسد القيادة المتبصرة للملك محمد السادس    61 مقعد ل"الأحرار" بالانتخابات الجزئية    محكمة الاستئناف بالحسيمة تقضي بإعدام شاب أنهى حياة والده    وزير الزراعة الفلسطيني يشيد بالدعم المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف للمزارعين المقدسيين    بنعلي تعلن عن إنشاء أول محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال بالناظور على خلفية ارتفاع لافت للاستثمار في الطاقات المتجددة    وزراء أفارقة يتفقون بمكناس على خطة زراعية ودعم تفاوضي موحّد للقارة    خبراء ينادون بتدريس التنشيط الرياضي    الأردن يتهم "الإخوان" بتصنيع الأسلحة    "توريد أسلحة لإسرائيل" يفجّر استقالات بفرع شركة "ميرسك" بميناء طنجة    الحكم الذاتي والاستفتاء البعدي!    شباب الريف الحسيمي يراهن على جماهيره في مواجهة وداد صفرو    رئيس الحكومة يشرف على انطلاق جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    مقاضاة الدولة وأزمة سيادة القانون: الواقع وال0فاق    سابقة قضائية.. محكمة النقض تنتصر لشابة تعاني اضطرابات عقلية أنجبت طفلا من شخص بالحسيمة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    وزراء الخارجية العرب يرحبون بانتخاب المغرب لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    بعد حوادث في طنجة ومدن أخرى.. العنف المدرسي يصل إلى البرلمان    الابتكار في قطاع المياه في صلب نقاشات الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    بالتعاون مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.. نقل سيدة إيفوارية من الداخلة إلى مراكش عبر طائرة طبية بعد تدهور حالتها الصحية    في حضرة الوطن... حين يُشوه المعنى باسم القيم    المغرب يجذب مزيدا من الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين الدوليين (صحيفة فرنسية)    وزراء الخارجية العرب يؤكدون على مركزية اتفاق الصخيرات كإطار عام للحل السياسي في ليبيا    الإتحاد الأوروبي يخاطر بإثارة غضب ترامب    بطلة مسلسل "سامحيني" تشكر الجمهور المغربي    الكتاب في يومه العالمي، بين عطر الورق وسرعة البكسل    عباس يطالب "حماس" بتسليم السلاح    نادي "الكاك" يعتذر لجمهور القنيطرة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب إسطنبول    وزارة التعليم العالي تدرس إمكانية صرف منحة الطلبة شهريا    نادي مولودية وجدة يحفز اللاعبين    وفاة الإعلامي الفني صبحي عطري    تراجع أسعار الذهب مع انحسار التوترات التجارية    "طنجة المتوسط" يؤكد دعم الصادرات في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    القضاء يستمع إلى متزوجين في برنامج تلفزيوني أسترالي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    هذه أغذية مفيدة لحركة الأمعاء في التخلص من الإمساك    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    في الحاجة إلى مغربة دراسات الهجرة..    نقل نعش البابا فرنسيس إلى كاتدرائية القديس بطرس    توقيع شراكة استراتيجية ومذكرة تفاهم لبحث الفرصة الواعدة في إفريقيا بين فيزا ومجموعة اتصالات المغرب    في جولة أبريل من الحوار الاجتماعي.. الاتحاد العام لمقاولات المغرب يؤكد على تجديد مدونة الشغل والتكوين    المنتخب المغربي للتايكواندو يشارك في كأس رئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو بأديس أبابا    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التشكيل المغربي، يمتطي ظهر الأحصنة الجمالية


-1-
يحتل الفرس، مساحة واسعة في التراث الشعبي المغربي، من خلال فنون الفروسية التي كانت وما تزال ترتبط بالاحتفالية الاجتماعية لساكنة العالم القروي في مناحي المغرب المختلفة.
ففي الأعياد الدينية، كما في المهرجانات الوطنية، والمواسم والمناسبات الاجتماعية من خلال فنون التبوريدة... وفنون السباقات التي تنظمها قبائل الأطلس، وقبائل الساحل، للتعبير عن بهجتها وأفراحها الدينية والموسمية، تبرز صورة الفرس، كعلامة قوية الوضوح في التراث الشعبي المغربي، وهو ما يؤكد موضوعة الخيول في الثقافة والتراث الوطني، كما في الوجدان الشعبي.
-2-
هكذا أخذت موضوعه الخيول في الفن التشكيلي المغربي، مكانا بارزا لما تمثله من قيم جمالية وثقافية واجتماعية / ومن قيم الشجاعة والنخوة والأصالة.
إن موضوعة الفرس والفروسية، كانت وما تزال مادة خصبة في المشهد التشكيلي المغربي، لما لهذا الكائن / الفرس من صفات النبل والرشاقة والشجاعة والجمال.
على امتداد تاريخ الحركة التشكيلية المغربية، تعددت رؤى المبدعين التشكيليين للفرس والفارس وفنون الفروسية، وتنوعت أساليبهم المدرسية الفطرية والأكاديمية، إذ رسموا هذا التراث تجريديا وواقعيا وانطباعيا وتعبيريا وسرياليا، لإعطاء الدليل القاطع أن كل ما يتعلق ب « الفرس» هو من صميم الهوية الإبداعية للتشكيل المغربي.
في إطار هذه الهوية، اهتم الفنان المغربي ،ليس فقط بأشكال الفرس، أو مرجعياته وسلالاته، ولكن تم تركيزه أيضا على حركاته وألعابه وألوانه، كما على سروجه، وما يحمله فرسانه من بنادق وسيوف وخناجر منقوشة ومطعمة بالفضة. وقوارير البارود ذات الأشكال والنماذج والزخارف المختلفة، ومحافظ جلدية مطرزة، وألبسة منقوشة بخيوط الذهب و الحرير...
في معرض جماعي بقاعة مرسم / الرباط (2014) حمل عنوان :» جمالية الفروسية « شارك به أزيد من ثلاثين فنانا، ينتمون إلى مختلف الأجيال والمدارس والاتجاهات التشكيلية برز الفرس كشاهد على هويته الوطنية، وهو ما أعطى للمشاهد بانوراما واسعة عن علاقة الفرس والفروسية ومحيطهما البيئي والاجتماعي بالثقافة التشكيلية في المغرب الراهن.
-3-
نتوقف في هذه الإضاءة قليلا عند اثنين من الفنانين المغاربة، الأول ينتمي إلى الجيل المؤسس، والثاني الى الجيل الراهن، للاقتراب من العلاقة الجدلية القائمة بين تراث «الفرس / الفروسية» بالمغرب العتيق والإبداعية الجمالية للفنون التشكيلية بالمغرب الراهن.
1/- تاريخيا : يعتبر الفنان حسن الكلاوي (مراكش 1924) من أقدم الفنانين المغاربة الذين اشتغلوا على الفرس والفروسية كفن وتراث وهوية.
فقد استطاع حسن الكلاوي، منذ بداياته الأولى / مطلع خمسينيات القرن الماضي، أن يخط لنفسه بصمة واضحة في الحركة التشكيلية المغربية، لوحاته استقطبت كل العناصر الإبداعية المتصلة بالفرس / بالتبوريدة / بالفروسية التقليدية، والتزمت صياغاتها الزخرفية بالتراث العتيق و بالواقعية.
إن أسلوب حسن الكلاوي، يمثل المدرسة التشخيصية، إنه رأى في الفرس منذ البداية كائنا تشريحيا ليس فقط من خلال ألعابه وسباقاته ومعاركه الحربية ولكن أيضا من خلال بروز تقاطيع جسده، وتناسقها ورشاقتها وجماليتها الفائقة، كما رأى في الفروسية ومواسمها واحتفالاتها وصراعاتها ميراثا وطنيا يبرز الهوية الإبداعية، كما يبرز الهوية الثقافية.
تميزت أعمال حسن الكلاوي بألوانها الترابية، وبعنايتها الفائقة بالبيئة المغربية، خاصة بيئة الجنوب المغربي حيث مسقط رأس مبدعها. أعماله التشكيلية، بقدر انتمائها إلى المدرسة الانطباعية، تحاول في الكثير منها، الاقتراب من المدرسة الواقعية، وفي الحالتين تسعى إلى طرح مفهوم ثابت للأصالة الإبداعية على مساحاتها اللونية.
2/- وبالنسبة للتشكيليين الشباب : (الألفية الثالثة) يبرز اسم سيدي محمد التومي، كأحد المبدعين الذين طوعوا ريشتهم للفرس في صيغ ابداعية جديدة.
إن الفرس « المخزني» يظهر في أعمال هذا الفنان معبرا عن هويته / عن أصالته، ممثلا للارتباط الأصيل بالتراث الوطني، إذ حاولت أعماله إبراز صفات الفرس والفروسية التي كانت وما تزال ترمز في البيئة المغربية إلى الشهامة والشجاعة والنخوة، مستفيدا في ذلك من قراءته لديوان الشعر العربي / الامازيغي عن الفرس والفروسية.
بذلك يكون الفنان محمد التومي، من أكثر الفنانين المغاربة المنتمين إلى جيل الألفية الثالثة، ارتباطا بالفرس حيث تعبر أعماله عن معايشته الدائمة والمستمرة للخيل وتقاليده وألعابه، إذ رسم الفرس حتى الآن في عشرات الأعمال، رسمه في حفلات « البيعة» المغربية / رسم شجاعته وسكونه ونشاطاته الرياضية / رسم ليونة حركاته وجمالية حضوره.
جاء وصف الفرس في أعمال محمد التومي تجريديا، ولكن انطلاقا من شروط البيئة المغربية ومواصفاتها، ومن الشعور المطلق بقيم الفروسية ومكانتها في البيئة المخزنية، إذ ركزت أعماله على الحركة / الإيقاعات / الخطاب البصري، وهو ما جعل هذه الأعمال تتجه إلى معالجات تشكيلية مغايرة، لتنوب حركاتها المبدعة عن الحكي، فهي تبوح بما في الرمز من سلطة سائدة بين الفرس وفارسه، دون أن تدعي لنفسها خطابا معينا أو توجها مدرسيا معينا.
-4-
إن الأسماء التي اشتغلت على الفرس والفروسية في التشكيل المغربي الحديث، كثيرة ومتعددة، قد كشفت على اختلاف رؤاها لهذا التراث عن دأب أصحابها على التفاصيل وعلى الحركة التي تحول العلاقات التشكيلية المتجانسة في العمل الفني، إلى عالم قوامه الشاعرية والجمالية، إلا أن القاسم المشترك بين حسن الكلاوي (جيل الخمسينيات) ومحمد التومي (جيل الألفية الثالثة)، إحساسهما الجمالي / الشاعري، بهذا التراث الذي يقرب بعضها إلى الانطباعية والواقعية، ويقرب بعضها الآخر إلى التجريدية، إلا أنها في كلياتها أعطت هوية مميزة لنفسها في المجال التراثي، وهي بذلك تثير العديد من الأسئلة والتساؤلات حول صيغة تعاملها مع تراث الفرس والفروسية وما يرتبط بهما من قيم ثقافية وجمالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.