دور المستشار الجماعي، كما هو متعارف عليه، يتمثل في المساهمة في تدبير الشأن المحلي وتقديم مقترحات ومشاريع تخدم المدينة، وبالتالي ساكنتها. لكن، مع الأسف، وبالنظر للنقائص العديدة التي رافقت وترافق التجربة الحالية لتسيير الشأن البيضاوي، يظهر أن «التعريف» الآنف الذكر لا ينطبق على العديد ممن يعتبرون أنفسهم «مُنتخبين» ممثلين للساكنة، كما يظهر من خلال عدم التجانس بين الأعضاء، وتسابق البعض على الامتيازات الشخصية. مستشارون غير قادرين على المساهمة في الرفع من مستوى مناقشة قضايا الشأن المحلي والتخطيط والبرمجة، بعضهم لا يحسن سوى «التحياح» خلال دورات مجلس المدينة ! أكثر من ذلك لم يستطيعوا حتى الحفاظ على ما تركه السابقون من مآثر تاريخية، أو التي تركها، بالأمس القريب، المستعمر. غيروا كل شيء، وتركوا «مآثر» عرضة للضياع. في هذا السياق يقف المرء مشدوها أمام إهمال أمر مرفق المراحيض! مع العلم أنه يستحيل تخيل مدينة من حجم الدارالبيضاء، بكثافتها السكانية وخاصة بالنسبة لبعض الساكنة المصابين بداء السكري بدون مراحيض عمومية! ويتساءل المرء : لماذا تحول الأمر إلى نهج متبع من قبل بعض المستشارين المسؤولين عن الشأن المحلي، يقضي بتفويت أو تحويل المراحيض إلى محلات تجارية؟ تفويت المراحيض لم يعد سرا، فقد أنجزت حوله عدة تقارير وجهت إلى الجهات المختصة ، ومازال المتتبعون ينتظرون الجواب أو نتائج هذه التقارير، مع العلم أنه من غير المقبول «بيع» مرفق عمومي بدون احترام المساطر القانونية. والأخطر هو تفويته إلى أعضاء بِعينهم، كما تطرح هذه العملية تساؤلات بشأن مصير المبالغ المستخلصة من عمليات التفويت والجهات المستفيدة منها ؟! وفي سياق الإهمال الذي مس المراحيض، نُذكر بالمُغلقة منها، كتلك المتواجدة وسط المدينة المعروفة ب (الممرات تحت أرضية)، حيث يعيش «ممر الزرقطوني» بجوار الكنيسة وضعا كارثيا، يثير استياء كل من عايش فترات زمنية سابقة السبعينات من القرن الماضي مثلا حين كان يحظى بالرعاية، فكانت جماليته ونظافة مراحيضه تسر الناظرين، أما اليوم فقد أضحى عبارة عن مطرح للأزبال. كان في السابق، بالاضافة إلى وظيفته الطبيعية، المتمثلة في توفير «مرفق صحي» لقضاء الناس لحاجاتهم الطبيعية، يعد ممرا «تحت أرضي» لعبور الاطفال المتمدرسين، نظرا لوجود مدرسة ابتدائية بمحيطه ، وكذا النساء والرجال، لحمايتهم من خطر السيارات ومختلف وسائل النقل، لكنه اليوم أصبح خرابا ومطرحا للنفايات والقاذورات بكل أنواعها، ومملوءا بالماء على حوالي ثلاثة أمتار، مُشكلا بذلك عنوانا إضافيا لمدى التردي الذي بلغه مستوى تدبير الشأن المحلي بالعاصمة الاقتصادية، حيث لم يتم الاكتفاء بعدم الاستجابة لانتظارات ملايين البيضاويين/ البيضاويات، بل وصل الإهمال حد «الإجهاز» على معظم المرافق الموروثة عن حقب زمنية سالفة! ألا يُعد هذا «الواقع» عنوانا فاضحا للعجز والفشل اللذين «يميزان» تدبير شؤون ملايين البيضاويين والبيضاويات؟