صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار، الملايين حول العالم لكن آلاف الأطفال الآخرين عالقون في دوامة الحرب في سوريا، تروعهم الغارات أو ينتظرهم الموت جوعا في المدن المحاصرة. وتصدرت صورة الطفل الحلبي البالغ من العمر أربع سنوات الصفحات الأولى في الصحف العالمية ومقدمات نشرات الأخبار وتناقلها الملايين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم في وقت اعتبرت واشنطن أنها تجسد «الوجه الحقيقي للحرب» التي تعصف بسوريا منذ منتصف مارس 2011. وظهر عمران بعد دقائق من نجاته من غارة استهدفت منزله في حي القاطرجي الواقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة، في شريط فيديو بثه مركز حلب الإعلامي القريب من المعارضة. يجلس على مقعد داخل سيارة إسعاف. يرتدي سروالا قصيرا والغبار يغطي جسده. ويبدو الطفل مذهولا ولا ينطق بكلمة. يمسح بيده الدماء التي سالت من وجهه ثم يعاينها بهدوء قبل أن يمسحها بالمقعد من دون أن يبدي أي ردة فعل. وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الصور المركبة تعبيرا عن امتعاضهم من صمت العالم إزاء الحرب السورية التي أوقعت منذ العام 2011 أكثر من 290 ألف قتيل. ويظهر عمران في إحدى هذه الصور وهو يتوسط الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، في تلميح إلى أن اطفال سوريا ضحايا صراع القوى الكبرى المنخرطة بالنزاع السوري. وفي صورة أخرى، يجلس عمران على مقعد سوريا في جامعة الدول العربية المتهمة بالتقاعس عن التدخل لإنهاء النزاع السوري. أما الصورة الأكثر تعبيرا فهي لرسام الكاريكاتور السوداني خالد البيه، ويظهر فيها عمران إلى جانب الطفل إيلان الكردي، اللاجئ السوري ذو الأعوام الثلاثة، الذي جرفته المياه بعد غرقه إلى أحد الشواطئ التركية في شتنبر الماضي. وتحولت صورته رمزا لمعاناة اللاجئين السوريين الهاربين في زوارق الموت باتجاه أوروبا. وأرفق الرسام صورته بعنوان بالانجليزية «خيارات الأطفال السوريين» وكتب تحت صورة عمران «إذا بقيت» وتحت صورة إيلان «إذا غادرت». في المقابل، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وموالون للنظام السوري صورا لأطفال قتلوا جراء القذائف التي تطلقها الفصائل المعارضة على الأحياء الغربية في حلب، مذكرين بأن مدنيين يقتلون ويصابون في الجهة الأخرى من المدينة. وترى المتحدثة الإعلامية لمنظمة الأممالمتحدة للطفولة «يونيسف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جولييت توما في تصريح لفرانس برس أن صورة عمران هي «تذكير بهول الحرب وتأثيرها الوحشي على الأطفال». وتضيف «يجب أن تهز هذه الصورة ضمائر العالم». وبحسب تقرير أصدرته منظمة يونيسف تزامنا مع بدء النزاع عامه السادس في مارس، فإن حوالى 3.7 مليون طفل سوري، أي واحد من بين ثلاثة أطفال سوريين، ولدوا منذ بدء النزاع «لم يعرفوا إلا العنف والخوف والنزوح». وأوردت أن «الملايين من الأطفال كبروا بسرعة هائلة وقبل أوانهم بسبب سنوات الحرب». ويعيش الاطفال ظروفا صعبة في مدينة حلب التي تشهد منذ نهاية يوليوز معارك عنيفة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة، يحشد فيها الطرفان الالاف من المقاتلين لحسم المعركة التي يقول محللون انها معركة «استنزاف» طويلة. وتقول توما «يتواجد الاطفال على خطوط المواجهات لان القصف يستهدف سيارات الاسعاف والعيادات والمنازل والحدائق والمستفيات والشوارع». موضحة ان بين سكان الاحياء الشرقية في حلب البالغ عددهم نحو 250 الف شخص، قرابة مئة الف طفل. وبحسب المنظمة، فإن أكثر من ثمانين في المائة من الأطفال في سوريا، تأثروا بسبب النزاع، سواء اكانوا داخل البلاد أو لاجئين في الدول المجاورة. وتوضح توما ان «ستة ملايين طفل يحتاجون الى مساعدة انسانية عاجلة في سوريا وان نصف الاشخاص المقيمين في مناطق محاصرة والبالغ عددهم 600 الف هم من الاطفال».