كشفت إحصائيات بنك المغرب أن الأسر المغربية أصبحت تلجأ بشكل متزايد للتسهيلات البنكية القصيرة جدا، من قبيل استعمال السحب على المكشوف الذي تخوله بعض بطائق الائتمان (DECOUVERT) أو الحسابات المدينة. وأبرزت السلسلة الإحصائية للبنك المركزي أن حجم هذه التسهيلات بلغ 22.2 مليار درهم نهاية يونيو الأخيرة، مسجلا زيادة بنسبة 46 في المائة مقارنة مع مستوى 15.2 مليار درهم الذي كان عليه عند تولي الحكومة النصف ملتحية مع بداية سنة 2012. وتؤكد هذه الإحصائيات استنتاجات البحث الدائم للمندوبية السامية للتخطيط حول ظرفية الأسر، والذي كشف الإصدار الأخير لنتائجها الأسبوع الماضي أن 32 في المائة من الأسر المغربية صرحت أنها تضطر للاستدانة بسبب عدم كفاية دخلها الشهري لتغطية متطلبات المعيشة. فمع بداية كل شهر يجد عدد متزايد من المغاربة أنفسهم في أوضاع مالية صعبة. فالأجرة الزهيدة تكون قد استنزفت بسبب الغلاء والاقتطاعات المختلفة فيما الشهر لم يبدأ بعد. فيضطر أغلب المواطنين إلى الاستدانة، سواء لدى البقال أو المعارف أو عبر اللجوء إلى تسهيلات السحب التي توفرها البنوك. غير أن الذي لا يعلمه العديد من المواطنين هو أن تكاليف هذه التسهيلات البنكية جد باهظة، إذ تتجاوز نسبة الفائدة عليها 14 في المائة في السنة. فنظرا لقصر أجلها الذي لا يتجاوز شهرا، فإن اقتطاع التكاليف عن كل عملية قد يبدو مبلغا ضئيلا، لكن عندما يتكرر استعمال هذه الخدمات وتتكرر الاقتطاعات المتعلقة بها فإنها على مدار العام، عندما تجمع المبالغ الصغيرة، يصبح لها وزن كبير. خاصة عندما يتحول استعمال هذه الخدمات إلى عادة مع بداية كل شهر يضطر إليها المواطن بسبب الحاجة، فتتحول إلى دوامة يصعب الخروج منها، وتتسبب نتيجة تكاليفها الباهظة في نزيف حاد للدخل والقدرة الشرائية. وهذا الحال الذي أصبح عليه العديد من المواطنين الذي قوضت السياسات التفقيرية لحكومة بنكيران قدرتهم الشرائية عبر تجميد الحوار الاجتماعي لسنوات، وتجميد الأجور، وتقويض منظومة المقاصة، والزيادات المتتالية في الأسعار، وتراجع التصنيع والتشغيل والنشاط الاقتصادي عموما، وزيادة البطالة. كما أبرزت إحصائيات بنك المغرب اللجوء المتزايد للمواطنين إلى سلفات الاستهلاك كمتنفس مؤقت للضائقة المالية. وكشفت أن جاري هذه السلفات ارتفع بنسبة 33 في المائة مند مجيء هذه الحكومة ليصل إلى 48 مليار درهم في نهاية يونيو. وتبين تركيبة هذه السلفات حسب الآجال توجه المواطنين المغلوبين على أمرهم بشكل متزايد نحو إعادة جدولة ديونهم والاستدانة من أجل التمكن من مواجهة الأقساط أو من أجل تحويل الديون القصيرة إلى ديون متوسطة وطويلة الأجل. هكذا ارتفعت نسبة الديون الطويلة الأجل من 1.5 في المائة من إجمالي سلفات الاستهلاك في بداية 2012 إلى 4.3 في المائة نهاية يونيو الماضي، وارتفعت نسبة الديون متوسطة الأجل من 74 في المائة إلى 87.3 في المائة، أما الديون القصيرة الأجل فانخفضت نسبتها من 24 في المائة إلى 8 في المائة. ومن بين أبرز المؤشرات على تدهور الوضعية المالية للأسر المغربية التي كشفتها هذه الإحصائيات التزايد الكبير لعدد المواطنين الذين يعجزون عن الوفاء بسداد أقساط القروض العقارية. فخلال هذه الفترة ارتفع حجم الأقساط غير المسددة للقروض العقارية بنسبة 48 في المائة نهاية يونيو مقارنة مع بداية 2012.