صحيح أن اسمه ورد طويلا كواحد من المرشحين المحتملين للفوز بجائزة نوبل للآداب، إلا أن قطار اللجنة الملكية السويدية، كان يفوته في كلّ عام، لدرجة أن الأمر انتهى بالجميع لأن يعتقدوا أن ماريو بارغاس يوسا، الكاتب البيروفي، سيبقى واقفا على رصيف المحطة ولن يفوز بها، وبخاصة أنه على درجة كبيرة من الشهرة، كما أنه حصل على عدد كبير من الجوائز الأدبية المهمة، في شتّى بقاع العالم. ?ينتج عن ثقافتنا التجارية المبيدة، عاملا فقر أساسيان هما: سرقة العقدة من القارئ، وسرقة القارئمن الكاتب.? ?إننا نحاول أن نرى في الظلام? قالت آني ديلارد في تأملاتها الرائعة حول الكتابة، ?إننا نتقاذف بأسئلتنا لتعلق بالأشجار.? رمز ما بعد الحداثة دونالد بارثلم (7 أبريل 1931، 23 يوليو 1989) لم يكن فقط واحدًا من الأصوات الأكثر ابتكارًا وتميزًا في فن الأدب القصصي للقرن العشرين، والذي يعرف بالسرد اللفظي الخالي من عقدة النص، بل أيضًا كان كاتبًا ذو حساسية نادرة تجاه اللغة التي بين يديه، وقدرة استثنائية في التعبير عن سحرها. في مقال له عام 1987 بعنوان ?عدم العلم? والذي أصبح عنوان مختارات رائعة له جمعت بعد وفاته ?عدم العلم: مقالات ومقابلات? يستكشف بارثلم جانبًا أساسيًا في الكتابة (وأيضًا كل الأعمال الإبداعية) وهي المهارة المزعجة والضرورية في الوقت نفسه، والتي أطلق عليها كيتس مسماه المشهور ?المقدرة السلبية? ? وهي القدرة على الاسترخاء في المجهول اللامحلول، واستخدامه كمادة خام للعمل الإبداعي. يبدأ بارثلم بتعريف الكاتب بشخص (غير عالم) باحتراف: ?الكاتب هو الذي يقدم على مهمة، ولا يعرف ماذا سيفعل.. الكتابة هي عملية التعامل مع (اللا علم)، قوة الماذا والكيف. سمعنا جميعنا الروائيون يشهدون على حقيقة أن الشروع في كتابة كتاب تتبعه حيرة تامة في كيفية المضي قدمًا بعد ذلك، ما الذي يجب أن يُكتب وكيف يجب أن يُكتب. على الرغم من أنهم قاموا بكتابة العديد من الكتب. في أحسن الأحوال يوجد هناك حدس ضئيل، لا يكون أكبر من مجرد حكة. حجم القلق الذي يصاحب هذا الوضع لا يستهان به، كما يصفها بيكيت من برام فان فيلدي ?لا شيء لترسمه، ولا شيء لترسم به?. إن مسألة (عدم المعرفة) ليست بسيطة، لأنها مطوّقة بالمحظورات والدروب التي لا يجب التطرق إليها. كلما كان الفنان أكثر جدية، كلما كثرت عدد المشاكل التي يجب عليه أن يأخذها بعين الاعتبار، وبزيادة عدد الاعتبارات، تحد من مبادراته المحتملة.? بعد ذلك يتطرق إلى المشاكل الأساسية التي تصادف الكاتب الجاد: ?إن المشاكل راحة. قال فيتجنشتاين عن الفلاسفة، أن بعضهم يعانون من ?انعدام المشاكل? وهي مرحلة يغدو فيها كل شيء، بالنسبة لهم، بسيطًا للغاية. وعندها، ما يكتبونه يصبح ?تافهًا وضحلًا لدرجة لا يمكن قياسها?. الأمر ذاته يمكن أن يقال عن الكُتاب. المشاكل التي يبدو لي أنها تحدد ما يواجهه الكاتب في هذا الزمن (إلى درجة أنه اختارها لتكون مشاكله) ليست ذلك النوع من المشاكل التي ترنو إلى تسهيل التواصل، التي تطمح إلى دفع العمل بصدر مفتوح نحو القارئ، بل على العكس. دعوني أذكر ثلاثة من هذه الصعوبات التي أعتبرها مهمة، وكلها لها علاقة باللغة. أولًا، هناك هدف الفن .. استعادة نضارة لغة كثر التعامل معها، والذي في جوهره، محاولة نحو إيجاد لغة بحيث تكون صناعة الفن أمرًا ممكنًا قبل كل شيء. هذه الإشكالية في هذه الإمكانية بالتحديد موجودةٌ اليوم كما كانت موجودة قبل قرن من الزمن. ثانيًا، هنالك التدنيس السياسي والاجتماعي للغة، من خلال استخدامها في التحايل على أوجه مختلفة عبر الزمن، والمحاولة الجاهدة في العثور على ما يمكن تسميته لغة ?نظيفة? .. وأخيرًا، هنالك ضغط على اللغة من الثقافة المعاصرة بمعنى الكلمة ? أعني ثقافتنا التجارية المبيدة ? مما يولد عاملا فقر أساسيان هما: سرقة العقدة من القارئ، وسرقة القارئ من الكاتب.? وبالنظر إلى هذه المشاكل ?الشائكة?، يضيف بارثلم: ? الفن ليس صعبًا لأنه يرغب في أن يكون صعبًا، بل لأنه يرغب في أن يكون فنًا. رغم ذلك، مهما رام الكاتب، في أن يكون عمله بسيطًا وصادقًا ومباشرًا، فإن تلك الفضائل لم تعد متوفرة لديه. ذلك أنه اكتشف في كونه بسيط وصادق وواضح، لا شيء ينتج عن ذلك يستحق الذكر: فهو يتحدث عن الذي يمكن الحديث عنه، في حين أن ما نبحث عنه هو الذي لا يمكننا الحديث عنه بعد، الذي لم نتحدث عنه بعد.? يناقش بارثليم الوعي الذاتي للغة نفسها، مساهمًا إلى حد كبير في هذه المسألة الشائكة، وضرورة عدم الوضوح في الكتابة: ? إننا نملك لغة متشككة بقدرة نفسها؛ على الرغم من أن هذا الشك لا يختلف في نوعه عن ملاحظة همنغواي، في وقت مبكر من هذا القرن، أن كلمات مثل الشرف والمجد والوطن هي كلمات كاذبة، مزيفة، فإن الشك صار أعمق بكثير الآن. إلى أن بلغ كذلك فلاسفة اللغة، والبنيويين، وأرباب الترقيم في اللغة. حتى حروف العطف صار يجب فحصها بعناية. يقول فيتجنشتاين ? أقرأ كل كلمة بالشعور المناسب لها? كما يقول كذلك: ?كلمة (لكن) على سبيل المثال، الشعور بال(لكن)...? وإنه على حق. أليس شعور ال(لكن) هذا، كما يسميها، يقذف بنا رأسًا في منحدر زلق قبل أن يتسنى لنا معرفة التحوّل الذي حدث بعد ال(لكن)؟ عدم وجود الدقة في الأخبار اليوم هو أمر أرثي له كثيرًا. ولكن في حين أنها بالتأكيد ليس أمرًا يتفرد به عصرنا ? معاملة وسائل الإعلام لرسالة انتحار فرجينيا وولف تشهد على ذلك ? فإن كلمات بارثلم ترن بمرارة مضاعفة اليوم، وسط المشهد الإعلامي لدينا الذي يطفح بمقالات ال?عشرة أمور لم تعرفها من قبل حول..? والإعلانات الإلكترونية التي تنصب لك الفخ لتنقر عليها: ? ثقافة الصحافة فيما مضى، والتي كانت تتطلب مستوى معين من الوضوح والمرح، والمنزلة العالية من الثقافة، تدهورت بشكل صادم.. حيث كنا وقتها بمجرد أن نضع علامات اقتباس زائفة في ورقة وننسب العبارة إلى أمبروز بيرس ونكون على ثقة تامة أن عددًا كافيًا من القراء سوف يفهم المزحة، وأن المزحة سوف تكون جديرة من وجهة نظر كل من القارئ والكاتب. أما الآن فلا يوجد تفاهم مشترك من هذا القبيل.. عندما يستبدل المرء ثقافة راقية بثقافة تجارية ? حيث يستغرق الأمر، حسب تقديري، حوالي خمسة وأربعين دقيقة لأي فن إبداعي أن يسافر من معرض ماري بون في غرب برودواي إلى نوافذ العرض في هنري بندل على الشارع السابع والخمسون ? يبدأ حينها المرء بتقدير إغراءات الصمت.? ثم يعود بارثليم إلى دور الكاتب في المجتمع، وهو دور ينضح بالنقد ? سواء للأفضل أو للأسوأ: ? إذا أُعتبر الكاتب أنه هو طريقة العمل بأن يُكتب، بأن يشبه مانعة الصواعق في تصريفها تراكمات الاضطرابات الجوية، بأن يكون شهيدًا كالقديس سيباستيان ويتصدى للرماح الذي يطلقها زمانه نحو صدره الممزق، فإن ذلك لا يعد كثيرًا في تغيير النظرة التقليدية للفنان. لكنه يمنح عذرًا لكمٍ كبير من النقد الإمبريالي. [...] هناك، في [بعض الأنواع] من الانتقادات، عنصر من العدوانية يجعل المرء يقف ليتأملها. فالتفكيكية هي مؤسسة تعلن عن نواياها بصراحة مذهلة. أي عمل فني يعتمد على سلسلة معقدة من الأمور التي تعتمد على شيء آخر بشكل مترابط.. النقاد في العصر الحديث يتحدثون عن ?إشفاء? النص، مقترحين بذلك ممارستهم في المعالجة العاجلة، ومن المحتمل أن تكون عنيفة، لنص مريض، ومن المرجح أنه نص لا يعي في ذاته أنه مريض. أريد أن أزعم هنا أنه في المنهجيات المتنافسة بين الانتقادات المعاصرة، كثير منهم يطبق ذلك، وهو نوع من طغيان التوقعات، والغضب لتفسيرات نهائية، ورفض السماح بذلك الغموض للعمل والذي هو ضروري له. أرجو ألا أكون أنا نفسي أمارس ذلك الغموض بقولي هذا، بأن المحاولة ليست هي التي ينبغي عدم تواجدها، بل أن الغموض يكون موجود. وإني لا أجد أي وسيلة حالية للخروج من هذه المفارقة ? مزق الغموض لأسمال ولن يبقى لك سوى أسمال، وليس غموض ? إنها ملاحظة أدوّنها وأمضي.? عبر نظرته الفكرية التي لا لبس فيها، ينظر بارثلم للتفاعل بين المادي، واللفظي، والمجازي، والفوضى اللازمة لإثارة هذه العوامل: ? دعونا نناقش حالة مكتبي مثلًا. إنه فوضوي، وفوضوي أقل ما يقال في وصفه. الفوضى هنا مادية (أكواب قهوة وأعقاب سجائر) ونفسية (فواتير غير المسددة، وروايات غير مكتوبة). الحياة العاطفية للرجل الذي يجلس على هذا المكتب فوضوية كذلك ? أنا في حالة حب مع توأمين، هيلدا وهايدي، وفي نوبة من الحماس انضممت إلى الجيش البوليفي. الشقة التي يقع فيها المكتب يبدو أنه قد تم تأجيرها من مونبيم مكسواين. في الشوارع خارج الشقة الثلوج الذائبة قد كشفت عن وجود تشكيلة من المتحللات وهلم جرا. وعلاوة على ذلك، فإن التنظيم الاجتماعي للبلد نفسه غير مرتب، والوضع في العالم في حالة من الفوضى. كيف يمكنني ترجمة كل هذه الفوضى. حتى لو نجحت، فماذا أكون قد فعلت؟ [...] لترجمة معنى ?فوضوي? بشكل مناسب، لدرجة أن يتم تمكينك لأن تشعر بها ? يجب، بشكل مثالي، أن تخيفك من رأسك إلى أخمص قدميك ? سأحتاج لأن أكون أكثر حيوية في تصويري مما تسمح لي اللباقة لأن أفعل.. الكلمات التي أحاول استخدامها في ترجمة معنى ?فوضوي? كأي كلمات أخرى، ليست جامدة، إنما مهتاجة ونشيطة. نحن لا نخلط بين الكلمات التي تصف طعم الشوكولاته لطعم الشوكولاته ذاته، لأنه بنفس الوقت لا يمكننا التغافل عن أثر ?طعم?، وصدمة ?الشوكولاته?. الكلمات لها هالات، صديد، تتدلى، ولها أصداء. كلمة هالة على سبيل المثال تستحضر القديس هيلاريوس. وصديد كلمة تعيد إلى ذاكرتنا لمعة التاج النحاسي التي تكتنفها هالة القديس. تتدلى كلمة تذكرنا بأن ثقلًا يتدلى فوق رؤوسنا، موعد عشاء بصحبة القديس هيلاريوس، يا له من ملل ساحق. كلمة صدى تعيد ذكرى ?صدى? ذاتها، متزنة مثل فتاة الصخرة البيضاء، تتدلى من صخرتها على بحيرة. لا نريد لهذه الروح البريئة أن تسقط في البركة، هناك، حيث يزهر نارسيوس إلى الأبد، وإلا فسوف تصطدم جباههما ببعض، أو ربما أجزاء أخرى أقرب إلى منطقة القدم، فضيحة. هناك شوكولاته تلطخ كل جوانب هالة هيلاريوس?فوضى، فوضى ...^ مرددًا ما أكدت عليه فرجينيا وولف بأن ?الكلمات تنتمي إلى بعضها البعض،? يرى بارثلم الفروق الإبداعية الحاسمة بين الإنسان والآلة?هو فرق قائم على التباين بين ?عدم المعرفة? وهو عملة الفنان (وكذلك للعالِم) وبين اليقين الذي يمكن التنبؤ به، وتلك عملة الكمبيوتر: ?الإندماج في رشاقة الكلمات، الاستنباط الضروري للمعنى بعد السماح لهما النوم بالفراش سويًا، يتيح للكاتب أن يفاجئ نفسه، يجعل الفن ممكنًا، يزيل الستار عن القدر الكبير المجهول في كوننا موجودين لم نكتشفه بعد. يقال أن الكمبيوتر يمكنه صنع ذلك الشيء لنا، تشرف على أعمالها كمبيوترات نقد أخرى. عندما تتمكن الكمبيوترات من كتابة نكتة، فإن الفنانين سوف يكونون في ورطة كبيرة. غير أن الفنانين سوف يتصدون لذلك بجعل الفن مستحيلًا للكمبيوتر. سوف يعيدون تعريف الفن والأخذ بعين الاعتبار (وبذلك، سوف يقصون) التكنولوجيا ? تأثير فن الفوتوغراف على فن الرسم وتصدي الرسم العبقري لذلك مثال واضح وحديث نسبيًا. تاريخ الكلمات وجه من أوجه اللغة الذي يتخذها العالم طريقة في دسّ نفسه في العمل للهرب. إذا كان بإمكان العالم أن يلوث الكلمات، فإنها سوف تستطيع حمل خصائص ذلك العالم في العمل، والتي يمكن استخدامها بطريقة ايجابية. يجب علينا أن نجد الإيجابيات في سلبياتنا.? بعد اذعانه إلى أن العوائق في الغالب تعظّم من العمل الإبداعي بدلًا من تقييده، ينتقل بارثليم لينقاش الأسلوب: ?الأسلوب ليس أمرًا اختياريًا أكثر من كونه ردة فعل تجاه عائق وانتهاز الفرص معًا. وغالبًا يكون العائق فرصة.? ومن ثم يقوم بتعريف الفن لتكون إضافة إلى أرقى التعاريف للفن في التاريخ: ?الفن، دائمًا، عبارة عن تأمل الواقع الخارجي بدلًا من تصوير ذلك الواقع الخارجي أو أن يكون، في محاولة فاشلة، واقعًا خارجيًا. [...] قبل بضعة سنوات قمت بزيارة ستوديو ويليم دي كونينغ في شرق هامبتون. عندما فتحت الأبواب الكبيرة، لا يسع المرء سوى أن يرى- مصدومًا- العلاقة بين العالم الأخضر الراكض في كل الاتجاهات في الخارج، وبين لوحاته. كيف تمكّن دي كونينغ من القبض على الطبيعة ووضعها في الفن هكذا؟ إن ذلك محير. غير أن العلاقة المتفجّرة موجودة، لقد رأيتها هناك. ذات مرة عندما كنت في ستوديو إيلاين دي كونينغ في بروداي، آنذاك، كان النحّات المعدني هيربيرت فيربير يسكن الستوديو العلوي مباشرة. ومن ثم، اخترق السقف دوي فظيع وصوت تحطم. ?ما هذا بحق العالم؟? سألت، فقالت إيلاين ?أوه، إنه هيربيرت يفكر.? في رأي يعكس اعتقاد سوزان سونتاغ حول هدف الأدب، يختتم بارثليم بمناقشته هدف الفن الأعظم: ?الفن هو الرواية الحقيقية لما يحدث داخل العقل. لأن الوعي.. دائمًا يعي الشيء، أما الفن فإنه يفكّر أبدًا في العالم، وليس بإمكانه عدم التفكير بالعالم، ليس بمقدوره إدارة ظهره للعالم حتى لو رغب بذلك. وهذا لا يعني أنه سوف يكون صادقًا كساعي بريد، بل سيغدو أكثر كممثل دراغ كوين. المشاكل التي ذكرتها سابقًا، وأخرى لم نتطرق إليها، تفرض تعقيدات. ?إننا لا نقضي وقتًا كافيًا أمام لوحة ذات معاني واضحة.? كتب سيوران. ?الموسيقى ذات الطابع المحدد، والهيئة القاطعة، ترهق صبرنا. القصيدة الصريحة بشكل مفرط تصير غامضة.? فلانيري أوكونور، فنانة من الطراز الأول، المشهورة باستيائها لأي شيء غريب على الصفحة، ونفورها هذا أعتبره الكثير على أنه قمع وتحقير صعب المراس للأعمال التجريبية الطفولية. لكن، هل نفرت أوكونور من أي شيء غريب على الحائط؟ إذا حدث ذلك، فإنه حرمان قاسي. لا يمكن للفن أن يبقى في مكان واحد. إن قدر محدد من الانتقال، إلى الأعلى، أو الأسفل، أو عبر، أو حتى العدو نحو الماضي، شرط لا يمكن تخطّيه. الأسلوب يمنحنا القدرة على الكلام، على التخيل من جديد. يتحدث بيكيت عن ?سوناتا الموتى الطويلة?- من أين جاءت، بحق الأرض، كلمة سوناتا؟ جاءت لتفرض نظام، وصورة سامية لأكثر ظواهر عالمنا فوضوية ومأساوية. لم يجادل أحد الحقيقة، بل فُهمت، للحظة، بطريقة جديدة. قدرتنا على تخيل عوالم مغايرة، احتمالات مختلفة، إنه كنزنا المجيد. يمكننا محاربة العالم، بشكل بنّاء (ليس هناك من الأحياء من حارب العالم بشكل أعنف وأروع من بيكيت). يقول تشارلز باوديلاير ?الإيمان بالتقدم هو عقيدة الكسالى وأبناء بلجيكا.? ربما. لكن لو كان لدي شيئًا استثنائيًا لتقديمه هنا، فإنه باعتباري هدف الفن جوهريًا هو التحسين. هدف تأمل العالم في النهاية هو لتغيير العالم. إنها صفة التحسين هذه التي تزوّد الأدب بأبعاده الأخلاقية.