تمر جماعة مليلة التابعة لإقليم بنسليمان من ظروف صعبة ومعقدة لم تشهدها من قبل، وتسود ساكنتها أجواء من التوتر والتذمر والاستياء، نتيجة الفوضى والتسيب الذي يعرفه التسيير الجماعي، خاصة بعد أن عرفت الجماعة، مؤخرا، فراغا على مستوى رئاسة مجلسها إثر اعتقال الرئيس خلال شهر أبريل الماضي على خلفية الاختلالات التي رصدها قضاة المجلس الجهوي للحسابات، مما وجدها النائب الأول للرئيس الذي تولى مهمة تدبير شؤون الجماعة فرصة ومناسبة لتسيير المجلس القروي وفق مزاجه وما يخدم أهدافه مدعوما في ذلك من طرف بعض المستشارين المقربين. الطابع المهيمن على هذا التدبير هو تغليب المصلحة الخاصة على حساب حاجيات سكان المنطقة الضرورية، واستغلال المواقع لخدمة أجندة انتخابية واضحة. وخير مثال على ذلك ما شهدته الدورة الاستثنائية المنعقدة يوم الجمعة 5 غشت الجاري بمقر الجماعة وبحضور قائد قيادة مليلة من أجواء مشحونة وتوترات وتصرفات لا أخلاقية كادت أن تتطور إلى ما لا تحمد عقباه بين المعارضة والأغلبية، وقد كانت النقطة المدرجة في جدول أعمال الدورة والمتعلقة بإعادة برمجة الاعتمادات (362.371,42 درهم) التي كانت مخصصة لإصلاح وإقامة الممرات والمسالك القروية بالجماعة، وتحويلها لبرنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب هي التي أفاضت الكأس، حيث اعترض فريق المعارضة على هذا المقترح وطالب بالإبقاء على الاعتمادات المبرمجة لإصلاح وإنشاء المسالك، لكون الجماعة في حاجة للبنية التحتية لفك العزلة عن بعض المناطق التي تعاني من تردي وتدهور الممرات والمسالك القروية، وانعدام وجودها في بعض الدواوير خاصة بدوار أولاد عيسى، ودوار أولاد موسى ودوار أولاد صالح، مقترحا في هذا الإطار على المجلس القروي بإعادة برمجة الاعتمادات التي كانت مخصصة لشراء سيارة من النوع الرفيع والمقدرة ب330 ألف درهم، وتحويلها لغرض تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب، خاصة وأن الجماعة حسب فريق المعارضة تتوفر على سيارتين: واحدة كان يستعملها الرئيس المعتقل والثانية تستعمل من طرف النائب الأول له الذي يقوم حاليا بتدبير شؤون الجماعة، حيث ترى المعارضة أنه لا داعي لاٌقتناء سيارة جديدة، لكون الجماعة ليست في حاجة إليها، بقدر ما هي في حاجة إلى توفير الخدمات والبنية التحتية الضرورية للساكنة. الشيء الذي أغضب فريق الأغلبية خاصة بعد أن أشارت المعارضة وبالصور إلى أن سيارة الجماعة تستعمل لقضاء أغراض شخصية من طرف النائب الأول للرئيس، مما أثار تشنج هذا الأخير الذي لم يتمالك أعصابه، حيث قام بتصرفات وحركات لا أخلاقية أمام أعضاء الجماعة وعلى مرأى من السلطات المحلية، امتعضت لها المستشارات الجماعيات وانسحبن من القاعة بعد هذا السلوك اللاأخلاقي، وتحولت على إثرها جلسة الدورة الاستثنائية إلى حلبة للصراع وإلى تبادل الشتم والسب والملاسنات بين أعضاء الفريقين. لم تهدأ معها العاصفة إلا بعد أن انسحبت المعارضة من الجلسة احتجاجا على سوء التسيير وعلى سعي الأغلبية إلى جعل الجماعة «ضيعة خاصة» يتصرف فيها المكتب المسير لها حسب مزاجه وحسب ما يخدم مصالحه.. علما أن الجماعة التي توجد بها ساكنة لا بأس بها تعاني من تهميش وإهمال كبيرين، حيث النقص في الخدمات الأساسية وانعدام الماء الصالح للشرب وتدهور البنية التحتية وعدم وجود المسالك القروية في بعض المناطق والخصاص المهول في المرافق العمومية وعدم الاهتمام بمصالح الساكنة، و... مما جعل المنطقة تعيش في عزلة شبه تامة وفي وضعية صعبة، نتيجة سوء التسيير الذي كان من نتائجه اعتقال رئيس الجماعة من طرف الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ومباشرة التحقيق معه منذ شهر أبريل الماضي رفقة موظف جماعي في شأن الاختلالات والتجاوزات التي عرفتها الجماعة منذ سنة 2012 والتي كانت موضوع تقرير مفصل لقضاة المجلس الجهوي للحسابات، الذي على إثره قامت الفرقة التابعة للدرك الملكي سنة 2014 بالتحقيق في شأنه، انتهت باعتقال رئيس الجماعة لاستكمال البحث. ومما أثار استغراب واستنكار الساكنة هو استغلال فريق الأغلبية لانسحاب المعارضة لتغليط الرأي العام بالمنطقة بنهج المكتب المسير للجماعة للمناورة مستعملا في ذلك الأساليب الدنيئة، الغرض منها هو التضليل بدعوى أن أعضاء المعارضة يرفضون تزويد الجماعة بالماء الصالح للشرب وهو سلوك مرفوض تهدف من ورائه الأغلبية إلى التغطية على تسييرها الفاشل. أما المعارضة فقد قامت بواجبها وحسب ما يمليه عليها ضميرها خدمة لمصلحة السكان، وهي مع استفادة المنطقة من الماء الصالح للشرب. واختارت الانسحاب من الجلسة احتجاجا على توقيف المشاريع المخصصة لإصلاح وإقامة الممرات والمسالك القروية، واستغلال المكتب المسير لأغلبيته العددية من أجل فرض رأيه والإبقاء على النقطة المتعلقة باقتناء سيارة للجماعة التي هي في غنى عنها لكون هذه الأخيرة تتوفر على سيارتين. وكان على القائمين على تدبير شؤون الجماعة أن يهتموا بما تحتاجه الساكنة ويعملوا على تخصيص الاعتمادات من أجل تزويد المنطقة بالماء الصالح للشرب وتوفير البنية التحتية الضرورية لفك العزلة عن الدواوير التي تعاني من انعدام المسالك والممرات. ما وقع بالدورة الاستثنائية لجماعة مليلة يتطلب من السلطات التدخل وفتح تحقيق في الحركة والسلوك اللاأخلاقي الذي تم داخل الجلسة، وكذا إعادة النظر في النقط التي تم تمريرها دون مراعاة مصالح السكان، إذ من غير المقبول أن يتم إلغاء الاعتمادات المخصصة للمسالك القروية التي تعتبر الجماعة في أمس الحاجة إليها، مقابل الإبقاء والتشبث باقتناء سيارة للجماعة التي هي في غنى عنها؟!.. خصوصا وأن المنطقة تعرف غليانا كبيرا وهي مرشحة لأن تعرف توترا في الأيام المقبلة، إذ هناك أخبار تروج حول القيام بحركات احتجاجية من طرف السكان أمام مقر الجماعة حسب ما أكدته بعض المصادر ل«الاتحاد الاشتراكي».