دعت بديعة الراضي عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من سيدي افني إلى تأسيس الاتحاد المدني الإفريقي للدفاع عن القضايا العادلة وذلك في ندوة وطنية حول» تحديات قضية الصحراء المغربية أي دور للمجتمع المدني» المنظمة في إطار مهرجان قوافل في دورته السابعة المنعقد بسيدي افني في الفترة الممتدة مابين 20 إلى 24 يوليوز الحالي. وقالت الراضي وسط حضور مكثف من الفاعلين السياسيين والثقافيين والمدنيين إن هذه الندوة تنعقد في دقة المرحلة المتوجة بعودة المغرب إلى مكانه الطبيعي في الاتحاد الإفريقي وهي المرحلة التي تعرف فيها المنطقة الإقليمية والجهوية تحولات كبرى تفرض آليات جديدة في تناول كافة القضايا العادلة في المغرب وفي الجغرافية الإفريقية، وأضافت عضو المكتب السياسي التي تحدثت من موقعها كممثلة إفريقيا في المنظمة الأفروأسيوية الإعلامية أن موضوع آليات المجتمع المدني في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية» يكتسي أهمية بالغة خصوصا ونحن نتناوله بعد التحرشات الكبرى التي طالت قضيتنا على المستوى الأممي، وتداعياتها على مستوى علاقاتنا مع دول القرار الكبرى مما يطرح تساؤلا في العمق: هل نحن في مستوى التحديات المطروحة علينا كمجتمع مدني وسياسي، وهل فعلا تتوفر بنيات مؤسساتنا السياسية والمدنية على شروط خوض جبهات النضال من أجل القضية في المعترك الدولي والوطني على حد السواء بالتعبئة الفعلية لشعبنا من أجل خلق شروط التحرك واستثمار عواطفنا و إيماننا بوحدة ترابنا في إطار منظم ومنتج وبراغماتي، يعي حجم تحركات خصمنا السياسي وطرق اشتغاله ودقة تحركاته واستغلاله بطرق استراتيجية محكمة لكل الواجهات الدولية مستخدما الآليات المدنية و الإعلامية والسياسية في قلب المؤسسات الحزبية بمختلف توجهاتها. مؤكدة أن هذا الطرح لا يعني تبخيس كل جبهات النضال السياسية والمدنية المغربية ، وإنما هو طرح يفتح نقاشا حول طرق اشتغالنا من أجل التوجه إلى استراتيجيات جديدة تعي ما يحدث اليوم في محيطنا الجهوي الإقليمي والدولي ، وهو طرح يضعنا أمام خيار تغيير طرق اشتغالنا بما في ذلك الفهم الوحيد لطرق تدبير ملف وحدتنا الترابية، علما أن مغرب اليوم بآلياته الحقوقية المنفتحة على المشترك القوي بيننا وبين المنظومات الكونية يتيح لنا إمكانيات الإبداع في طرق الدفاع عن القضية بشتى الأساليب التي ينبغي اليوم توظيفها في بلادنا من طنجة إلى الكويرة من أجل سد الباب على كل المتاجرين في وحدتنا باسم حقوق الإنسان. وأكدت الراضي أن هناك أخطاء كبيرة ارتكبت نتحمل مسؤوليتها جميعا دولة ومؤسسات مدنية وسياسية، وهي أخطاء رجحت فيها كفة بعض المقاربات في التعامل مع جزئنا الجنوبي ، والتي أصبحت في حدة تكريسها جزء كبير من الأزمة التي تعرفها المنطقة بل وأداة لاشتغال خصمنا الذي سعى من خلال هذه المقاربات إلى تدعيم الانفصال وتوسيع رقعته الداخلية وجعله جبهة خلفية لأعداء وحدتنا الترابية وأضافت أن المجتمع المدني والسياسي مطالب اليوم بتغيير رؤيته إزاء الدول الصديقة أولا، والدول التي ينبغي أن نبحث في عناصر تقوية صداقتنا بها. وعلى رأسها أمريكا ، فمفهوم الصداقة والعداوة غير دائم في السياسة، وإن كنا قد نعتنا هذا البلد بصديق المغرب، فقد واجهنا في لحظة تمتاز بالدقة والخطورة بما لم يكن في الحسبان، مؤكدة على وجود دول أخرى كالصين وفرنسا وبريطانيا التي تملك القرار الدولي والتي ينبغي أن نعمق العلاقة معها سياسيا ومدنيا بفتح جسور مؤسساتية في هذا الجانب ضمن مخطط نعي فيه قوة الخصم في هذه الساحات. مسترسلة، في مداخلة تفاعل معها الحضور المتتبع، أنه لا ينبغي أن نقف عند هذا لحد بل هناك دولا أخرى كالهند وألمانيا والبرازيل وأستراليا وكندا وإسبانيا وإيطاليا لها موقعها في التأثير على الصراع الدائر في منطقتنا الجنوبية، مع إعادة النظر في طرق اشتغالنا على المستوى الإفريقي وفتح باب الحوار مع المنظمات والأحزاب في دول الاتحاد الإفريقي وفي العالم العربي والإسلامي ودول عدم الانحياز من أجل التسويق الجيد من بوابة الدبلوماسية الموازية للدفاع عن عدالة قضيتنا وعن المشروع الذي طرحناه لطي هذا الملف وأن تكون العودة إلى الاتحاد الإفريقي بوابة حقيقية للاشتغال السياسي والمدني. ولا نخفي ونحن نتحدث عن دور الأحزاب والمنظمات المدنية في قضية الصحراء المغربية أن نقول صراحة أن هناك ضعفا كبيرا في دبلوماسيتنا الموازية وأن أسباب هذا الضعف والارتجال والأداء الذي لا يرقى إلى مستوى التحدي راجع بالأساس إلى التغييب الذي طال الأحزاب السياسية للدخول بمسؤولية وحرية وشراكة في تدبير ملف القضية الوطنية ، كما أن الاستناد على جوقة من المنتفعين باسم المجتمع المدني وتهميش المجتمع المدني الفاعل زاد الطين بلة فاختلطت الأوراق حتى أصبحنا نكرس المهزلة في حضورنا الدبلوماسي الموازي في محطات دولية مختلفة أهمها ملتقيات جنيف الحقوقية الدورية. وعلى المستوى الداخلي ومهما يكن أداؤنا الخارجي فإن عامل التماسك الوطني وتعبئة جل المغاربة من أجل قضيتهم الوطنية يعد أكبر ضمان للاستمرار في الدفاع عن قضيتنا الوطنية. وآن الأوان أن تحظى ساكنة جنوبنا بدور طليعي في بلورة السياسات والتدابير التي يتوجب على المغرب القيام بها من أجل دعم حقوقه المشروعة . وأن تقوم الأحزاب السياسية بفروعها وجهاتها وأقاليمها بدورها بتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني في تدبير ملف وحدتنا الترابية ، بمنطق الإشراك والتشارك والتعبئة المتواصلة، وذلك بفتح الحوار مع كل الساكنة بما في ذلك هؤلاء الذين دست في أذهانهم أطروحة الانفصال، وتقريب وجهات النظر بين كل المغاربة. وأبرزت عضو المكتب السياسي إن الموسمية تسيء إلى قضيتنا الوطنية وتعطي انطباعا أن هذه القضية ليست قضية شعب بل قضية نظام سياسي لا يلجأ إلى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشعب إلا في ساعات الصفر، عندما تشتد الأزمة. في الوقت التي ينبغي أن تكون التعبئة والحوار متواصلين في قضايا الوطن في الديمقراطية والوحدة وحقوق الإنسان كي لا نترك الفرصة للعابرين في صحرائنا من ممتهني ملف حقوق الإنسان، ليصولوا ويجولوا في صحرائنا في غياب تام للمجتمعين المدني والسياسي في بلادنا. وشارك في هذه الندوة المحجوب السالك باسم خط الشهيد، الذي أكد أن هناك أخطاء قام بها النظام المغربي في السبعينيات هي التي جعلت أبناء الصحراء يسقطون في أحضان خصوم المغرب، مؤكدا أن العودة لمعالجة هذا الملف تقتضي الحوار والجلوس مع أبناء الصحراء في الداخل والخارج من أجل فك الحصار والمعاناة عنهم، وخاصة أولئك الذين يقبعون في مخيمات الحمادة في ظروف مأساوية، كما أكد المحجوب السالك أن المجتمع المدني تأخر كثيرا في الانخراط في هذا الملف بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، منتقدا بعضا من منظماته التي أصبحت تتاجر بمعاناة الصحراويين داخليا وخارجيا، مضيفا أنه حان الوقت لخلق قطيعة مع هذه التوجهات. كما شارك في هذه الندوة الهامة سفراء وأكاديميون ورئيس جامعة ابن زهر وأساتذة وخبراء باحثون وإعلاميون من مختلف المنابر.