رجل ملثم بجهاز إرسال! لم أعد أرى شواطئ الملح ولا الرجل الغامض الذي يثني ظهره كلما رآني ألوذ بموجة تطوقها المشاعل الصغيرة من كل جانب لم أعد أطير كما كنت ولا أسترق السمع لوشوشات الملائكة التي تتناسل كيفما اتفق فوق الغيوم لم أعد أتجسس على الصبايا الحافيات والمشمرات الأكمام اللواتي يتجولن ليلا بين ملابس الغسيل لم أعد أرتجف كلما رأيت قطة سوداء تتحرك ببطء على الحائط المقابل لسريري ها أنا الآن كأنني في ميناء حربي قديم أعتلي برج مراقبة بتحصينات قوية بينما الضباب يمر كثيفا ليحجب تجهم المدافع المتقلبة المزاج والجنود المتأهبين لعزف سيمفونياتهم بوثوق وبلا تعب وها أنا أراني رجلا ملثما أتحدث من جهاز إرسال: أرى ناسا غرباء تماما يزيحون كلبا أرداه صعق كهربائي عجوزا بأوردة منتفخة في الساقين تسترخي قرب الباب على كراس بلا ظهر ولا ذراعين طفلا يداه مضمومتان إلى خلف ظهره يركل حجرا ويشق طريقه في الظلام شرطيا يغافل المطر الذي يهطل ببرود ليطفئ المصباح الوحيد في الشارع حارسا ليليا يرمق ظله بنظرة حانقة واستغراق تام مومسا بملابس غير مزررة متسولة تلقي السلام على متسول فيحمر وجهها زعيم حزب لم يولد لحسن حظه ليكون زعيما على الإطلاق لم أعد أرى سوى أصابعي ترسم دما ونارا على زجاج النافذة! أغلقي الباب ما أخبئه في قلبي يا حبيبتي لا يزيد حجمه عن خاتم صغير ليس بالتأكيد حجرا نفيسا ولا سنونوة تُشيِّد قصيدتها على غصن شارد ولا كرزة تصطاد شمس الظهيرة على كرسي هزاز ولا قطعة قمر تستحم في بحيرة غارقة في النجوم ولا ذاك الشيء الذي يقود المتصوفة إلى تاج الحق ما أخبئه راحة يد مغمضة على جبل سائح.. خلف ذاك الجبل كوخ دافئ ووقت مثالي لممارسة الحب فأغلقي الباب ودعيني أنضج في عينيك مثل غابة خضراء في كراس تلميذ دعيني أقدم لك خمس بتلات وأرض سمراء وأوردة لافحة دعيني أكون نهرا أدور حول ضفيرتيك دعيني أكتظ بك أيتها البلاد الكثيرة فقط.. أغلقي الباب !