ت: نور الدين اللويحي في جو محموم بحرارة إفريقية، وبأزياء وألوان وألحان إفريقية، تم افتتاح فعاليات الدورة التاسعة عشرة لمهرجان السينما الإفريقية، مساء يوم السبت 16 يوليوز بالمركب الثقافي للمدينة، إذ لم يحل الحر دون امتلائها بجمهور كثيف ومتنوع. أهم ما بصم حفل الافتتاح هو عرض فيلم وثائقي عن الراحل التونسي الطاهر شريعة (1927- 2010). بعنوان «تحت ظلال الباوباب» من تونس لصاحبه ضيف المهرجان محمد شلوف. الفيلم كان بحق حكي توثيقي كثيف.. متداخل.. جاذب..ومؤثر.. لم نكتشف فيه، فقط، الطاهر شريعة كأيقونة سينمائية إفريقية ومغاربية وعربية؛ فهو المؤسس لأيام قرطاج السينمائية.. وهو المناضل والمكافح لتوحيد الجهود السينمائية الإفريقية.. بل اكتشفنا في الفيلم حضورا لافتا لأعلام سينمائية مشهودة.. وخاصة السينغالي عصمان سامبين.. والمصري توفيق صالح.. وغيرهم كثير، وكأني بهذا الفيلم موثق على نصيحة للطاهر شريعة تقول «لست بطلا دون الآخرين.. بل ولا دور لي في غيابهم». ويقدم هذا الشريط (68 دقيقة ) «بورتريه» الطاهر شريعة كونه رجل الوحدة الافريقية في المجال السينمائي ، ومؤسس أيام قرطاج السينمائية (المهرجان السينمائي الأول في افريقيا والعالم العربي 1966)، كما يحكي الفيلم قصة علاقات الصداقة التي جمعته برواد السينما الافريقية كسامبين عصمان وتوفيق صالح وتيميتي باصوري ومصطفى الحسن وآخرين الذين بذلوا قصارى جهدهم بعيد الاستقلال من أجل إنتاج أولى الصور الأصلية لإفريقيا ما بعد الاستعمار وعملوا على إنارة الطريق للسينما الافريقية وجعلها قادرة على المساهمة في تحديث القارة وإثبات ذاتها. بعد ذلك صعد إلى المنصة قيصر شريعة، ابن الراحل، حيث تسلم من نور الدين الصايل «درع المهرجان».. لحظة أخرى قوية في حفل الافتتاح هي صعود رئيس لجنة التحكيم المفكر الفرنسي إدغار موران.. الذي اثنى على المهرجان.. وعلى الوثائقي الذي شاهدناه.. وعلى إفريقيا بكلمة مفعة بروح الانسان.. وبروح الوحدة الانسانية.. فالإنسان واحد في طبيعته وأحاسيسه وشروط عيشه.. مختلف ومتعدد في ثقافته، قال إدغار موران، معتبرا أن السينما في هذه القارة التي يدين لها الانسان بنشوئه فيه هي وسيلة للمعرفة.. والمقاومة والحرية.. إن ما يبهر في هذا المفكر المركب والمسن هو حيويته وصدقه الإنساني الذي لا يمت بصلة للنزوعات الثقافوية المابعد حداثية التي تتفرج على غرائبنا.. وتم، خلال حفل الافتتاح، تقديم لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، التي يرأسها الفيلسوف الفرنسي ادكار موران، وتضم كلا من المخرج المغربي ياسين فنان، والصحافية المغربية عائشة اكلاي، والصحافية التونسية هدى العامري، والممثلة ميمونة اندياي من بوركينافاسو، والمخرج ماما كيتا من غينيا، والمنتجة السينمائية الايطالية سيركني روسانا. كما تم تقديم لجنة تحكيم جائزة «دون- كيشوط « للأندية السينمائية المنضوية تحت لواء الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب والتي تتألف من محمد صولة عن نادي الطليعة السينمائي بسيدي سليمان (رئيسا)، ومحمد العماري عن جمعية النادي السينمائي بخريبكة ونادية بن القايد عن نادي الفن السابع بطنجة (عضوان ). ويشارك في المسابقة الرسمية للدورة، التي تحتفي بالسينما الإثيوبية، 15 فيلما تمثل 12 دولة افريقية وهي تونس وإثيوبيا والجزائروغينيا ورواندا ومصر وبوركينافاسووماليونيجيرياوساحل العاج والبنين والمغرب، ستتنافس على مختلف جوائز المهرجان وعلى رأسها الجائزة الكبرى «عثمان صامبين» والجائزة الثقافية الموازية «دون كيشوط - سينيفليا». وستعرض خلال هذه التظاهرة السينمائية أشرطة «طريق اسطنبول» لمخرجه رشيد بوشارب من الجزائر، و«قصر الدهشة» لمختار العجمي من تونس، و«ثورتي/طردت بن علي «لمخرجه التونسي رمزي بن سليمان، «سقط القمر» لكايتيفوفانا من غينيا، و«أغراض الهائم التائه» لكيفونروهورا هوزا من رواندا، و«غير آسف لجاك طرابي من ساحل العاج، و «الحمل» ليارد زيلكيمن اثيوبيا، و«قبل زحمة الصيف» لمحمد خان من مصر. كما تضم هذه الأشرطة «مونة» لانطونيوايجو أبواه من نيجيريا، و«بنت أمها لكارين بادو وأرمين سوادوكو من بوركينافاسو، و«جوع كلبك» لهشام العسري من المغرب، و«مسافة ميل بحذاء» لسعيد خلاف من المغرب، و«فداء» لإدريس الشويكة من المغرب، و«رسالة زون جين/ اوو لوبا» لناهوم روجير وادجاهو سامسون من البنين، و«ظل الجنون» لبوباكر كاكو من مالي. ويتضمن برنامج الدورة، على الخصوص، تنظيم ندوة رئيسية حول موضوع «مسألة السيناريو في السينمات الافريقية» بمشاركة سينمائيين مغاربة وأجانب، وتكريم السينما التونسية وذلك من خلال أحد أهم روادها الكبار الراحل الطاهر شريعة باعتباره أحد أبرز مؤسسي أول مهرجان سينمائي في القارة الإفريقية «أيام قرطاج السينمائية»، وكذا تكريم المغرب في شخص السينمائي ومدير التصوير محمد عبد الكريم الدرقاوي الذي تربطه بمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة علاقة متجذرة. كما يتضمن البرنامج تنظيم ورشات سينمائية حول إدارة التصوير السينمائي والإخراج السينمائي والتوليف الرقمي وكتابة السيناريو ، وتقديم فقرة سينيفيلية متنوعة من خلال «نقاشات منتصف الليل» حول محاور «في الاستعارة» و«في اللقطة- المشهد» و«في السيناريو»، بالإضافة إلى تنظيم عروض سينمائية موازية تقام بفضاءات وساحات وقاعات مدينة خريبكة والقرى المنجمية ومؤسسة التربية وإعادة الإصلاح ( السجن المدني) وكذا ببعض مدن الجهة (بني ملال والفقيه بن صالح).