يزخر التراث العربي بقصص وأخبار الأولين التي تم تدوينها، في كتب ومجلدات عديدة، متناولة حيوات أو أحداثا وقعت لهذا الشاعر أو هذا الأديب أو لذاك الوالي أو ذاك الحكيم أو هذا المجنون، أو هذا الطماع وذاك المحتال إلخ.. وهي قصص وأخبار انتمت في غالبها إلى الأدب العربي، الفصيح العالم منه، أو الشعبي، مما ظل الحكاة والرواة يرددونه في مجالس أنسهم، أويطالعه المهتمون بالأدب لإغناء قاموسهم اللغوي، لما تنطوي عليه بعض هذه القصص من مفردات مُفعمة بنداوتها الأولى وطراوتها البدئية، أو لما تشمله من عبر وحكم وأمثال أو لمجرد متعة القراءة والترفيه عن النفس. لذلك، اخترنا منتخبات من هذا التراث ليصاحبها القارئ الكريم، عله يجد فيها من البلاغة والفصاحة وحسن القول وسرعة البديهة، وخفة الظل والدم ومن مهارات الخطابة وأساليب المكر والحيل لبلوغ الغاية ومن الامتاع والمؤانسة، ما يملأ به وقته استفادة ومتعة. ورد أبو ثور عمرو بن معد يكرب بن عبد الله الزبيدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة للهجرة وأسلم، ثم ارتد، ثم تاب وأبلى في وقائع الإسلام بلاء حسنا، وله في معركة القادسية موقف مشهود كان سبب الفتح، كما كان في وقعة اليرموك وغيرها مغوارا فارسا شجاعا هماما، وكان كذلك شاعرا مطبوعا. ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله يوما: ما تقول في الحرب. قال: مرة المذاق، إذا كشفت عن ساق فمن صبر عرف، ومن صعف تلف، قال: فما تقول في الرمح؟ قال: خليلك وربما خانك، قال: فالنبل؟ قال: منايا تخطي وتصيب، قال: فالترس؟ قال : عليه تدور الدوائر، قال: فالسيف: قال: عبدك ثكلتك أمك! قال عمر: بل أمك. فقال: الحمى أضرعتني (ألجأتني) إليك، فأغلظ له عمر في الكلام فقال: أتوعدني كأنك ذو رعين بأنقم عيشة أو ذو نواس؟ فلا تفخر بملكك، كل ملك يصير لذلة بعد الشماس فقال عمر: صدقت، فاقتص مني، قال: بل أعفو يا أمير المؤمنين، لولا آية سمعتها منك لجللتك بالسيف، أخذ منك أو ترك قال، وماهي؟ قال: سمعتك. تقرأ» »إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى»«، والله لو علمت أنني إذا دخلتها مت، لفعلت/