كان الجميع يعلم بأن كريستيانو رونالدو هو النجم الأوحد للمنتخب البرتغالي في نهائيات كأس أوروبا 2016 المقامة في فرنسا، لكن أحدا لم يتوقع بأن ينجح الشاب ريناتو سانشيز في خطف الأضواء من نجم ريال مدريد الاسباني. وراهن المدرب فرناندو سانتوس على الشاب سانشيز، الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، عوضا عن ضم مخضرم مثل لاعب وسط أتلتيكو مدريد الاسباني تياغو (35 عاما)، وقد أصاب في خياره لأن اللاعب الذي كلف بايرن ميونيخ الألماني 35 مليون يورو للتعاقد معه مؤخرا من بنفيكا، فرض نفسه بطلا قوميا بعدما نجح في تجنيب بلاده الخروج من الدور ربع النهائي، بتسجيله هدف التعادل أمام بولندا مساء الخميس. ولم يكتف أصغر لاعب يخوض بطولة كبرى في تاريخ البرتغال بتسجيل هدف التعادل، بل نفذ ركلته الترجيحية بهدوء أعصاب ملفت لا يعكس على الإطلاق، علما بأنه كان يخوض أول مباراة له كأساسي في تشكيلة برازيليي أوروبا. «الإبن المعجزة» و»الفتى الذهبي»...، هذه كانت بعض عنواين الصحف البرتغالية التي احتفلت بأول نجم للكرة البرتغالية منذ أن ظهر رونالدو إلى الساحة. وعلق سانشيز على الركلة الترجيحية التي ساهم بها في قيادة بلاده إلى نصف النهائي، بعدما حسمتها لمصلحتها، 5 – 3، قائلا: «لقد سألونا من منكم يريد التسديد (الركلات الترجيحية). كريستيانو (رونالدو) أراد أن يكون الأول وأنا أردت أن أكون الثاني. المدرب وثق بي وأنا كنت واثقا بنفسي أيضا. الأمر بهذه البساطة وكنت هادئ الأعصاب خلال التسديد». ويحق لمحب النجم الدولي الهولندي السابق كلارينس سيدورف ومغني الريغي الراحل بوب مارلي أن يكون مسترخيا، فهو سيصبح الموسم المقبل من لاعبي أحد أكبر وأعرق الأندية الأوروبية، وقد يجد نفسه من أبرز منافسي رونالدو على لقب دوري أبطال أوروبا. ومن المؤكد أن المكان الذي وصل إليه سانشيز مختلف تماما عن الذي كان فيه قبل أعوام معدودة، لأنه «في البداية لم يكن مطيعا كثيرا، فهو جاء من حي حيث لا وجود للقواعد»، بحسب أحد مدربيه السابقين في أكاديمية بنفيكا ريناتو بايفا، الذي أضاف لصحيفة «إكسبرسو» البرتغالية: «ريناتو هو مثال للجرأة. كان نتاجا صافيا لكرة قدم الشوارع». وترعرع سانشيز في موسغويرا، أحد الأحياء الشعبية في شمال لشبونة، حيث لفت انتباه بنفيكا الذي ضمه إليه حين كان في التاسعة من عمره. وما زال فريقه السابق أغوياس دا موسغويرا ينتظر ما وعده به بنفيكا في حال أصبح هذا اللاعب محترفا. لقد وعدت إدارة النادي ب 25 كرة وبمكافأة مالية، لكنها لم تحصل على أي شيء حتى الآن بحسب ما يؤكد الرئيس أنتونيو دا سيلفا كوادروس: «لم نحصل لا على الكرات ولا على الأموال»، في إشارة إلى مبلغ 750 يورو كان سيناله فريق الصغار. لكن مبلغ ال 750 يورو لا يقارن على الاطلاق بما يمكن أن يحصل عليه هذا الفريق الصغير في حال نال حصة مئوية من صفقة بيع ريناتو إلى بايرن، خصوصا أن الأموال المتداول بها لا تتعلق بمبلغ ال 35 مليون يورو، بل بالمكافآت المالية المرتبطة بعدد المباريات التي سيلعبها مع النادي البافاري، ما قد يرفع قيمة الصفقة إلى 80 مليون يورو. ويدين ريناتو وبنفيكا وربما أغوياس دا موسغويرا في حال حصل على «الفتات»، بهذه الصفقة الخيالية إلى الوكيل «الخارق» جورج منديز، الذي يدير أعمال رونالدو أيضا. لكن هناك جدلا يحيط بسانشيز، لأن البعض يشكك بعمره الحقيقي ومن بينهم رئيس سبورتينغ لشبونة برونو دي كارفاليو، الذي نشر في مارس الماضي وثيقة ولادة اللاعب، ما دفع الأخير إلى التهديد برفع دعوى قضائية ضده. واحتكم سانشيز إلى القضاء ورفع دعوى بتهمة التشهير ضد المعلق الرياضي والمرشح السابق لرئاسة نادي سبورتينغ لشبونة كارلوس سيفيرينو، الذي قال في نوفمبر الماضي بشكل ساخر بأن ريناتو سانشيز «تناول الكثير من الفيتامينات» لكي يصبح بهذا الحجم في هذا العمر. ووصل الأمر بصحيفة «جورنال دي نوتيسياس» إلى نشر وثيقة تزعم فيها أن «الشاب ولد في 18 غشت 1997 في الساعة 25. 15 في مستشفى أمادورا-سينترا وتم تسجيله في دوائر الأحوال الشخصية في 22 غشت 2002 في أمادورا»، إحدى الضواحي الفقيرة للشبونة. وترتكز الصحيفة في تشكيكها بالعمر الحقيقي لسانشيز على وضعه العائلي، إذ انفصل والده المتحدر من ساو تومي إي برينسيب عن والدته المتحدرة من الرأس الأخضر حين كان الصبي يبلغ خمسة أشهر فقط. وهاجر ريناتو مع والده إلى فرنسا ولم يعودا إلى البرتغال إلا بعد 5 أعوام، وحينها قام بتسجيله في دوائر الأحوال الشخصية. لكن في كافة الأحوال، أثبت هذا اللاعب نضوجا مميزا تجلى في الحادثة العنصرية التي حصلت معه في مباراة ضد ريو آفي، حين واجهه جمهور الفريق المنافس بصرخات القردة، فرد عليه بتقليد الحركات التي تقوم بها القردة.