غيفار المهم هو الاقتناع والإقناع ،والمهم أكثر يا رفيق المهدي هو الحذر(ينحني نحوه في مودة) الجميع في كوبا يقدر ما تفعله يا رفيق بنبركة،ونقدر أكثر الظرف التي تتحرك داخله (يزفر الدخان في عمق) نحن في كوبا نتحرك على بعد كيلومترات من فك الوحش ولكن أنت يا رفيق بنبركة تتحرك من داخل فك الوحش تماما. المشهد رقم 12:خارجي/ حديقة من حدائق جنيف/نهارا. المهدي (متنكرا) آسف يا أستاذ ولكن أنا مضطر للتنكر واستقبالك في هذا المكان المعزول. إدريس هل الخطر كبير إلى هذا الحد يا السي المهدي؟ المهدي (متلفتا فيما حوله) مخابرات الملك... مخابرات السيا...مخابرات الموساد...مخابرات من تعلم ومن لا تعلم...الخطر قائم في كل ناحية والحذر واجب يا أستاذ (صمت) ماذا عن كتابك حول العام العربي؟ إدريس العجيب أنني أكتب بسهولة كأن محتوى الكتاب محفور في ذهني حفرا. المهدي لما تصل المعاناة إلى حد معين ينفجر الوعي ويجري مثل عين ماء جارية.قانون تحول الكم إلى كيف.أنا أيضا أفكر في نشر «التقرير» الذي على بالك على شكل كتاب لدى ماسبيرو. إدريس فكرة جيدة. المهدي فكرت واستنتجت بأن مقابل الاختيار الرجعي يلزم بلورة وإبراز الاختيار الثوري. إدريس في كتابي أنا أطرح سؤالا واحدا: لماذا لم يطرح العرب على أنفسهم سؤال أزمتهم الصحيح ويجيبوا عليه الجواب الصحيح؟ المهدي وهذه هي أزمتهم الصحيحة أليس كذلك؟ (يمطط شفتيه قليلا) أخشى أن يكون الاستنتاج عبارة عن قياس صوري لا أقل ولا أكثر. إدريس لنبدأ بطرح ما هو صوري بجرأة وشجاعة فيتكشف لنا بالتدريج ما هو عملي ونافع. المهدي (ضاحكا) هذا تفكير مثقف إصلاحي أو ثوري...لا أستطيع التحديد. إدريس أنا أفكر في المنطق الذي به يعمل كل تفكير إصلاحي أو ثوري. المهدي هل هذه ميتافيزيقا جديدة؟ إدريس يقينا سيوجد من سيقرأ الكتاب ويحكم عليه هذا بمثل هذا الحكم. المهدي (مستمرا في الضحك) أنا حظي يا أستاذ أسوأ: لم يقرأ المعنيون بالأمر ما كتبت ولا سمعوه كما ينبغي وسارعوا إلى الحكم عليه بأنه متطرف. إدريس تهمة التطرف يلصقها بك من هو أكثر تطرفا منك لكن في الاتجاه المعاكس. المهدي هذا رد لم يخطر على بالي.برافو.سأسجل الفكرة في مفكرتي الخاصة( يخرج دفترا وقلما و يسجل).أما بخصوص أزمة العرب فسأخبرك بشيء خاص جدا: لقد كلفني الرئيس جمال عبد الناصر منذ مدة بالتوسط لدى البعثيين من أجل أن يحدوا من تطرفهم . وفعلت.فهل تعرف يا أستاذ ما هي النتيجة ؟ إدريس ما هي؟ المهدي العرب لما يعملون يفعلون ذلك بالمنطق العددي: واحد، جوج، ثلاثة، أربعة...ولما يتكلمون يفعلون ذلك بالمنطق الهندسي: واحد، جوج، أربعة، ثمانية، سطاش...والمصيبة أنهم يتكلمون أكثر مما يفعلون (يضجك) إدريس هذا تشبيه لم يخطر لي على البال.سأسجله بدوري في مفكرتي الخاصة (يضحك ويخرج دفترا وقلما ويسجل).