عبد الرحيم الظاهر أنه ليس وحده مولاي الحسن من يحب الحجايات. المهدي الحجاية هي مثل عقدة الحبل.وعقدة الحبل التي لا تستطيع حلها اقطع رأسها وأسترح. عبد الرحيم هذا تحليل الفقيه البصري وجماعته (بعد صمت قصير) والعنف لا يولد إلا العنف.وفي هذا المجال لا يمكن أن نبز المخزن. المهدي مولاي الحسن أو الملك الجديد يعيد تفصيل وخياطة المخزن على قدو.فأنا أتذكر أنني نبهته ذات يوم –وأنا أستاذه- إلى تهلهل هندامه بالرغم من غلاء ما يلبسه،وقدمت له بعض النصائح في هذا الصدد.ومنذ ذلك اليوم صار أكثر حرصا على انسجام ما يلبسه: أحذية وجوارب من روما، بذلات ومعاطف من لندن،أقمصة وكرافتات من باريس (ضاحكا) والظاهر أنه يعيد تطبيق الأمر نفسه في تفصيل وخياطة المخزن الجديد مع تغيير الوجهة: مستشارون قانونيون وفقهاء دستوريون من فرنسا،خبراء أمن وقمع من أمريكا،مختصو دعاية وإعلام من إسرائيل. عبد الرحيم المهم أن تسافر وترجع إلينا بالسلامة يا المهدي. المهدي (ينظر إلى الساعة في معصمه) المهم أن أعود وأجدكم جميعا في سلامة. يخرجان من المكتب.ينزلان الدرج.يقفان على عتبة الباب العتيق.يتعانقان في حرارة. مقال السارد: من سلا إلى باريس. و من باريس إلى القاهرة. وفي القاهرة ذهب المهدي رأسا إلى مقبرة الشهداء في العباسية للوقوف والترحم على قبر الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي توفي منذ أكثر من خمسة شهور. كم من مرة هو قد فاتح الأمير الريفي –مثلما فعل الكثيرون - في أمر عودته إلى الوطن. وكم من مرة كان رد شيخ المجاهدين والمنفيين المغاربة حاسما: سأكون آخر المنفيين العائدين... بعد أن يرحل عن البلد آخر جندي أجنبي. وها هو المقاوم العنيد يموت ويدفن بعيدا عن»أجدير»...البلدة الطيبة البعيدة. وها هو منفي آخر... منفي جديد...يقف فوق القبر المغترب، وسؤال حاد كنصل حاد ينغرس في الرأس و في القلب: يا ترى ، هل عودة المنفي الجديد ممكنة في يوم قريب؟ إن الأخبار القادمة من البلد سيئة جدا: فشهر بالضبط بعد الرحيل أعلنت أجهزة الأمن والمخابرات - التي صارت بالكامل في خدمة النظام الرجعي الجديد- عن اكتشاف «مؤامرة» متورط فيها بالكامل –حسب إعلان الأجهزة- حزب القوات الشعبية. وشرع في الاعتقال بالجملة. وراح المهدي –قلقا- يستقصي الأخبار من كل جهة. وفي الليل لما يخلو إلى نفسه يحس بأنه ،معزول، ووحيد ، و محاصر... بالرغم من أنه مطوق –غدا، وبعد غد ، وفي الأسبوع القادم، وفي الشهر القادم... بمواعيد، وبرنامج عمل ، بالكاد قد يترك له فرصة لالتقاط أنفاسه. وجاءه التحذير –هذه- المرة صريحا من الجهة المصرية بضرورة الحيطة والحذر. وفي نفس الوقت أخبر –بعد إجراءات سرية معقدة- بموعد للقاء مع «الريس». المشهد رقم9: داخلي/مكتب الرئيس جمال عبد الناصر/نهارا. (جمال عبد الناصر، المهدي بنبركة) جمال عبد الناصر (مقدما سيجارة للمهدي ومشعلا إياها.يبدو الود كاملا بين الرجلين) : أخبار مراكش غير كويسة تماما يا أخ المهدي. المهدي صح يا ريس.أخبار مقلقة جدا. جمال عبد الناصر على أية حال نحن لا نتدخل تماما في الشؤون المحلية (يصمت ويقطب مفكرا) الملك الحسن ذكي، ويقيني أنه سيتجاوز هذه الوضعية قريبا ويعود إلى الحوار.(صمت جديد) لا أحد يستفيد من التصعيد: لا في المغرب ولا في المشرق.ومن أجل هذا أنا استدعيتك يا أخ المهدي.