يعد برنامج واحات الجنوب من أهم البرامج «النموذجية»، بحكم الأهمية التي يحظى بها، حيث تم تخصيص ما بين 2006 و2015 مشاريع تنموية مهمة باعتمادات مالية بلغت قيمتها حوالي 252 مليون درهم لبرمجة 200 مشروع عن سنة 2016 همت 56 جماعة منها 11 جماعة حضرية، خصصت للتجهيزات الجماعية والتنشيط السوسيو ثقافي وجمعيات المجتمع المدني والبنيات التحتية والأنشطة المدرة للدخل وتثمين التراث الثقافي. وفي نفس الإطار تم تنظيم قافلة إعلامية ضمت 25 من ممثلي وسائل الإعلام في الفترة الممتدة من 18 الى 20 من شهر ماي 2016 يمثلون مختلف الأقاليم الجنوبية، لزيارة عدة مشاريع ميدانية انجزتها وكالة الانعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للاقاليم الجنوبية بشراكة مع المنظمة المحلية وبرنامج الأممالمتحدة الانمائي وفعاليات المجتمع المدني. وقد اطلع الوفد على تسعة مشاريع مدرة للدخل في مجال تحضير الكسكس وتثمين فاكهة الصبار وبرامج مختصة في دعم المتمدرسين و برنامج آخر للتعليم الأولي وعملية سقي الماشية باستخراج الماء بواسطة الطاقة الشمسية والصناعة التقليدية بدار الصانع بآقا الخاصة بالفضة. وفي اليوم الأخير انتقل الوفد إلى مقر جمعية {الكصور} للتنمية والأنشطة الاجتماعية والثقافية {تسكموضين} بإقليم طاطا حيث وجد في استقباله رئيسة الجمعية التي قدمت جردا كاملا عن أنشطة الجمعية وأهدافها والتعريف بالمجهودات المبذولة من طرف 27 مستفيدة في إطار صندوق الأموال المتجددة، هذا المشروع الممول من طرف وكالة الجنوب وجماعة «اقا اغان»، وهو برنامج طموح ساهم في خلق فرص للشغل والحد من الهجرة القروية بالنسبة للفتيات والنساء إلى المدن الشمالية، بالإضافة إلى التمكن من الحفاظ على مقومات المنطقة. ومن خلال هذه الرحلة الميدانية، تبين بأن المناطق الشرقية لمدينة كلميم تتميز بمجموعة من الواحات الجميلة، أهمها واحة تيغمرت ذات المنظر الجذاب والباعث للطمأنينة في النفوس، وهي بلدة صغيرة تبعد عن كلميم بحوالي 15 كلم تتميّز بجودة مناظرها و بأشعّة الشمس على مدار السّنة، مناخها شبه جاف وحارّ صيفا ومعتدل بقيّة الفصول وبحكم موقعها ومواصفاتها الايكولوجية أصبحت تنافس المناطق الشاطئية ، و تستقطب أفواجا كثيرة من السياح من داخل الوطن ومن خارجه وتحديدا عشاق الواحات الطبيعية الذين يتخذون من الجنوب المغربي قبلتهم المفضلة بحثا عن منتوج سياحي يتميز بالدفء وأشجار النخيل والرمان والجداول المزدانة بمختلف النباتات التي يحلو لزوارها التجوال بين خضرتها. كما تعد هذه الواحة خزانا للعادات والتقاليد والحفاظ على الآثار والمصنوعات القديمة وحمايتها من الضياع والاندثار بمتحف تيغمرت المعروف بدار اهل بيلال الذي حافظ عليه «جميل العابد»، ابن المنطقة، الذي اجتهد لتطوير هذا المعرض الفريد من نوعه على المستوى الوطني، حيث تعرض عظام الحيتان العملاقة والدلافين التي لفظها البحر لينقلها إلى مساحات الضوء لدراستها وتعميق البحث حولها من لدن المختصين، على جانب الفوانيس وصناديق لتخزين الأمتعة ولوازم الخيام وأطباق وأقداح وموازين وأدوات كانت تستعمل في عملية القنص، وأشياء أخرى تتصل بماض يقدر بثلاثة إلى أربعة قرون، مشكلة من أمتعة الرحل وألبسة وأفرشة وما يعد لحفظ زاد الرحل أثناء تنقلهم من منطقة الى أخرى، وأشياء تعود إلى تاريخ قريب يرتبط بالاستعمارين الفرنسي والإسباني بالجنوب المغربي. ومن بين الأشياء المعروضة والتي تعود إلى عشرينيات القرن الماضي، درّاجة هوائية تعود لسنة 1921 ترجع ملكيتها لأول مُدرِّسة فرنسية تطأ أرض تغيمرت. و تحمل توقيع الصانع بوجو باريس. المتحف يشتمل أيضا على أجهزة راديو عتيقة وحقائب وأغراض سفر وأشياء متفرقة بعضها يعود لرحالة وشخصيات فرنسية معروفة مثل الكاتب والطيّار الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري صاحب كتاب «الأمير الصغير» الذي امضى فترة من حياته بمدينة طرفاية. وفي السياق ذاته يقول أحد الفاعين الجمعويين من ابناء المنطقة بأن مجموعة من الاكراهات والمشاكل تواجه المهتمين بهذ التراث للاستمرار في حماية هذا الموروث من الرطوبة والتآكل، ويطالب ببناء متحف بمواصفات عصرية يتوفر على أحدث الآليات للحفاظ على كل المكونات الفنية لهذا الفضاء التي يطالها التلف بفعل توالي السنين، خدمة للجانب التراثي والسياحي الثقافي للمنطقة بشكل خاص وللمغرب بشكل عام . لكن طموحه يواجه صعوبة في الحفاظ على هذه المعلمة التي تحتاج الى الصيانة وتوفير شروط استقبال الزوار. وبالمقابل أكدت لنا الجهة المنظمة بأن المجهودات المبذولة والبرامج المسطرة ستساهم في تحقيق مجموعة من المنجزات المهمة التي ستنعكس ايجابا على الساكنة وعلى فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة.