«قال ابن عباس الإلحاد وضع الكلام على غير مواضعه ..» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتدرون ما الغيبة؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذكرك أخاك بما يكره))، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته)). إن المتأمل لما يروج له ويقال ويعتمد للتغطية أو تمرير مواقف وقرارات «رسمية» وحتى «فردية» والمشبع بالإساءات وقلب الحقائق والافتراءات .. سيجد أن الإفك ليصبح رائجا لايحتاج عند «العوام» إلى استدلال وبرهنة وحجج بل يسري بينهم بانسيابية وسلاسة تحقق متعة وهمية لاتزيد أصحابها إلا جهلا فوق جهل ..لأن من سلبيات الطابع البشري - وخاصة عند غياب أو نقص في الوعي وفي المستوى المعرفي والثقافي الايجابي .. - توفر القابلية للاستماع للمغالطات وتقبلها والانجرار معها والانخراط في نشرها وإغراقها بزيادات كاذبة يصوغها المحترفون لفن التضليل والخداع بتصويرها وتقديمها على أنها الحقيقة التي لايجوز لأي مصلح فعلي أن ينتقد آو يصوب ويصحح ما اتضح له يقينا أنه الباطل أيا كان قائله أو متبنيه ... وهذا الأسلوب السيئ في التواصل مع الناس والاستقطاب لجهة ضد أخرى طال حتى الحقل الديني بإغراق بعض التفاسير بالمدسوسات الإسرائيلية ..وبالافتراء على الأنبياء والمرسلين وتزوير بعض الأحاديث ودس أخرى مما جعل المختصين في علم الحديث يسقطون عشرات الآلاف من الكلام المنسوب للنبي الخاتم (ص) ... و عندما يتقدم أي إنسان أو جماعة للرد على الأكاذيب فيقول الخبر أو المعلومة بموضوعية وعلمية ومصداقية يجد أمامه -ممن لهم مصلحة في إفساد الحقائق - من يطالبه بسبب أو بدونه إلى بسط الحجج والبراهين حتى على ما هو واضح ماديا ومعنويا..والتي لم تطلب من أهل الكذب والتلفيق والخرافات والكلام الفارغ ابتداء ..لهذا سيكون مطالبا بالمزيد من التوضيح والشرح و الأدلة التي لا ولن تفهم بسبب ضعف مناعة العقل وضحالة الوعي .. فحتى أركان الإيمان إن اختلطت بالفكر الخرافي والبدعي المنحرف والمنخرم عند البعض فسيصعب تصحيح الفهم وتغييره نحو الأفضل لأن أصحاب الضلالات يبذلون الجهد مضاعفا لضمان رواج معتقداتهم الهدامة والمضللة والتي لم يتمكن كبار العلماء عبر قرون من إقناع الدهماء من عامة الناس ببطلان ما اعتمدوه واعتقدوه الصواب ... ... إن اعتماد الإغراءات والهدايا والإحسان واستعمال الدجل إضافة إلى نشر الافتراءات والأكاذيب كمطايا للتحكم والاستعباد وتكريس التبعية ..هو تحايل على الدين والعقل .. وابتزاز للمشاعر وغرس للتعصب الأعمى المحقق للكراهية والتشرذم ..إنه شراء للدنيا طمعا في النفوذ وحبا في المال وعشقا للتسلط والتحكم ... يغطى أحيانا بمقولة الغاية تبرر الوسيلة ؟؟ يقول تعالى: ((ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين ..)) سورة لقمان. فما المشكلة بالضبط عندنا بهذا البلد وسائر بلاد الإسلام وحتى بلاد تواجد المسلمين كأقليات ... هل نحن دون المستوى المعقول لإدراك وفهم المقاصد الشرعية للدين؟ ..وهل نحن جامدون ومتحجرون على عكس النصوص المقدسة التي تدعونا للتجديد والتحديث والتفكر والتدبر و .. ما المشكلة هل عقلاء بلداننا وخبراؤنا وعلماؤنا غير مؤهلين ولا قادرين على أن يضعوا تشريعات ونظما ونظريات نستطيع بها تأطير المؤسسات والسلوك العام وتنظيم وتأهيل المجتمع وجعل وعيه محصنا مسايرا بتوازن التطورات .. ومسلحا بالمعرفة التي تحقق له القدرة على التمييز بين الصدق والكذب وبين الكلام المنطقي والسليم والكلام الغوغائي و اللامسؤول ..وان نكون شعبا محصنا غير قابل للاختراق من طرف التحريفيين والتضليليين والتكفيريين ... إن الكلام غير المنضبط المسوق للميوعة والتزييف في القنوات والاذاعات والملتقيات ... إضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفقر والأمية و ... ينتج واقعا غامضا وهشا يسهل تفكك الأواصر والروابط السليمة الضامنة للتطور والتفاهم من أجل التعاون المحقق للعدالة بمختلف تجلياتها ومجالاتها ... إن الخطير في الموضوع / الإشكالية هو وجود من يتلذذ ويتمتع بجهل الناس فيحرص على تعميق الجهل وإبعاد الناس عن الفهم السليم .. لسبب بسيط هو الخوف من تلاشى وانتهاء تحكمهم الذي يخدم مصالحهم الضيقة والأنانية كما يخدم أجندات وفق العرض والطلب في عالم السياسات الداخلية في علاقاتها بأخطبوط السياسات العالمية شرقا وغربا وشمالا ... ومن هنا نجمل القول بأن الزيادة أخت النقص وهما في الكلام والتصريحات والسياسات مجرد كذب وتزوير ..وكلاهما ليسا من الحق في شيئ ... * قال تعالى:) ... أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين (سورة البقرة الأربعاء 25 ماي 2016.