على مدى سنوات ظل قطاع التعمير بالعديد من الجماعات الترابية بإقليم جرادة، محط مساءلة سواء من طرف الرأي العام المحلي أو من لجان البحث والتقصي، لما لهذا القطاع من أهمية في التنمية المحلية والمجالية لهذه الجماعات، التي لاتزال تعيش وضعا عمرانيا ملتبسا بكل المقاييس.وبالرجوع إلى نتائج تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2014، والذي صدر مؤخرا، نقف على مجموعة من الاختلالات التي عرفها قطاع التعمير بالجماعة الحضرية لجرادة والتي أجملها في ضعف البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية من طرق وساحات عمومية ومؤسسات تعليمية وصحية ورياضية، لم تعمل المجالس المتعاقبة على توفير الموارد المالية والوعاء العقاري اللازمة بشأنها . بالإضافة إلى تقاعس الجماعة في تفعيل مقرري المجلس المتعلقين بتوحيد اللون داخل المدينة وكذا نماذج الواجهة الخاصة بحي الرازي وأبو عبيد البكري، وعدم احترام بعض مواد نظام التهيئة في دفاتر التحملات الخاصة بالتصاميم التقويمية، حيث لم تباشر الجماعة إعداد تصاميم التقويم التعميري لبعض الأحياء المشكلة للقطاع الذي يتعين هيكلته إلا خلال سنة 2002 (حي النهضة على سبيل المثال). وإلى غاية يوليوز 2011 لم تتم المصادقة النهائية إلا على تصاميم ثلاثة أحياء من أصل 10 المعنية بإعادة الهيكلة. أما بخصوص رخص البناء والسكن فقد وقف التقرير عند تسليم رئيس المجلس بعض رخص البناء (تم الوقوف على 7 حالات) بصفة أحادية ودون عرض ملفات المشاريع ذات الصلة على أنظار اللجنة التقنية المختصة لدراستها في مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، لاسيما المادة 43 من القانون رقم 90-12 المتعلق بالتعمير، إضافة إلى مباشرة بعض الإدارات العمومية لعمليات البناء دون رخصة بالنفوذ الترابي للجماعة ودون أن تتخذ الأخيرة في حقها الإجراءات الضرورية سواء لتسوية وضعيتها أو لإنهاء المخالفات المرتكبة، كما أبانت مراجعة ملفات رخص السكن وشواهد المطابقة المسلمة من طرف الجماعة خلال الفترة 2009-2013، أن الجماعة تلجأ في الغالب إلى تسليم هذه الرخص والشواهد قبل الانتهاء الفعلي للأشغال بالمباني طبقا للتصاميم موضوع الترخيص (11حالة) في مخالفة لمقتضيات المادة 55 من القانون رقم 90-12. التقرير أشار أيضا إلى ضعف عدد المخالفات المسجلة من طرف الجماعة مقارنة مع السلطة المحلية وعدم استكمال الإجراءات القانونية في حق المخالفين، مما يشجع على تنامي ظاهرة البناء غير القانوني، فمن أصل 450 مخالفة مسجلة خلال الفترة 2009-2013، لم يتجاوز عدد المخالفات المحررة بشأنها محاضر من طرف الجماعة 14 مخالفة (3%) فيما بلغ عدد المحاضر المسجلة من طرف السلطة المحلية والمحالة على الجماعة 436 مخالفة (أي 97%)، كما أن المعاينة الميدانية لبعض أوراش البناء رفقة تقنيي الجماعة مكنت من الوقوف على بعض المخالفات، لم تسجل بشأنها محاضر، تتعلق بعدم احترام التصاميم المصادق عليها (ثلاث حالات) والبناء بدون رخصة (خمس حالات) ثم أن عدم تحرير الجماعة لمحاضر المخالفات أو عدم استكمال الإجراءات الضرورية طبقا لمقتضيات المادتين 66 و67 سالفتي الذكر يشجع على تنامي ظاهرة البناء غير القانوني. التجزئات العقارية والمجموعات السكنية كانت هي الأخرى محط بحث وتقص من طرف لجان المجلس، التي وقفت على تسليم رخص بناء الشطر الأول من تجزئة «ن» في مخالفة لمقتضيات دفتر التحملات، وبشأن أسقف البنايات التي يجب أن تكون منحنية ب 30 درجة فإن التصاميم ذات الصلة برخص البناء المسلمة من طرف الجماعة وكذا المعاينة الميدانية للبنايات بهذا الشطر، تثبتان أن أسقفها عادية وقد استندت الجماعة لتسليم هذه الرخص إلى محضر اجتماع عقد بمقر باشوية جرادة بتاريخ 21 نونبر 2007، لدارسة إمكانية تغيير الفقرتين المتعلقتين بالأسقف والبروزات الواردة بكناش تحملات هذه التجزئة، غير أن ممثل الوكالة الحضرية لم يحضر الاجتماع وتحفظ ممثل قسم التعمير بالعمالة على الأمر ولم يوقع ممثلا المديرية الجهوية للإسكان والتعمير وشركة «ع» على المحضر المذكور، كما أن الإجراءات التي اتخذتها الجماعة خلال الترخيص لتجزئة «ن» الموزعة أشغالها على أقساط مخالفة للضوابط القانونية المنظمة لهذه الفئة من التجزئات والمنصوص عليها في المادة 38 من القانون رقم 25.90 المتعلق بإحداث التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، التسليم المؤقت للشطرين الثاني والثالث لتجزئة «ن» قبل انتهاء الأشغال وبعد انصرام أجل ثلاث سنوات، فخلافا لما تنص عليه مقتضيات المادتين 22 و23 من القانون رقم 90-25 قامت الجماعة بالتسلم المؤقت غير المشروط للشطرين الثاني والثالث من تجزئة «ن» قبل الانتهاء من أشغال تجهيزهما، وذلك على التوالي في 14 يوليوز 2009 و23 يوليوز 2013. وقد تضمن ملف التجزئة التزاما من صاحبها على إنجاز أعمال الخرسانة في ممرات الراجلين بالشطر الثالث بعد انتهاء مالكي البقع من عملية البناء، كما أبانت المعاينة الميدانية عدم إنجاز عدد مهم آخر من التجهيزات بالشطرين معا وعلى الخصوص المساحات الخضراء والأغراس وفوهات الحريق. وعلى الرغم من عدم إنجاز صاحب التجزئة أشغال تجهيز الشطر الثالث داخل أجل 3 سنوات، حيث استمرت الأشغال حوالي أربع سنوات (وهي المدة الفاصلة بين تاريخي رخصة التجزئة وشهادة التسلم المؤقت) لم تعمل الجماعة على تطبيق وتفعيل مقتضيات المادة 11 من القانون رقم 9025، التي تنص على أنه يسقط الإذن في القيام بالتجزئة إذا انقضت ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ تسليمه دون أن يكون المجزئ قد أنجز أشغال التجهيز، كما أنها لم تلجأ إلى تطبيق مقتضيات المادة 26 من نفس القانون التي تتيح للسلطة المحلية أن تقوم على نفقة مالك الأرض بإنجاز المنشآت اللازمة. الجماعة قامت أيضا بتاريخ 08 مارس 2013، بتسليم شركة «م» للسكن رخصة بناء لإقامة مجموعة سكنية دون التنصيص في حيثيات الرخصة الممنوحة على المقتضيات المتعلقة بالتجزئات العقارية خلافا لمقتضيات المادة 57 من القانون رقم 9025، التي تنص على أن نفس الأحكام المطبقة على التجزئات العقارية تسري على المجموعات السكنية. بتاريخ 29 نونبر 2013 شرعت شركة «ع» في أشغال تجهيز تجزئة «ز» قبل الإذن لها بذلك من طرف الجماعة، حيث أن السلطة المحلية حررت محضر مخالفة (موضوعها إنجاز أشغال تجهيز التجزئة دون رخصة) وإحالته على الجماعة بتاريخ 22 ماي 2013، حيث يعتبر هذا الأمر مخالفا لمقتضيات المادة 2 من القانون رقم 9025 التي تنص على أنه «يتوقف إحداث التجزئات العقارية على الحصول على إذن سابق يتم تسليمه وفق الشروط المنصوص عليها في هذا الباب» وهو الأمر الذي يدل على تقصير الجماعة في رصد المخالفات لقوانين التعمير.