تحولت مدينة مراكش الأسبوع الماضي، وعلى امتداد ثلاثة أيام، إلى فضاء للتبادل المثمر بين الشباب المغاربة المقيمين بالخارج، تجسد من خلال حضور فعلي في أشغال منتدى الشباب المغاربة المقيمين بالخارج لأزيد من 200 مشارك ومشاركة تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 سنة يمثلون أكثر من 20 بلد إقامة من أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا. لقد جدد الشباب المغاربة المقيمين بالخارج المشاركون في هذا المنتدى التأكيد أنهم قادرون على مواجهة الصعوبات على مستوى الاندماج الثقافي والاجتماعي، كما عكسوا بحضورهم قصص نجاح ذات دلالة في بلدان إقامتهم وأبرزوا أنهم رجع صدى للشباب المغربي في المهجر الذي تمكن من تجاوز العراقيل التي تعوق مسيرته التعليمية أو المهنية. وكان المنتدى فرصة، أيضا، بين فيها الشباب المغاربة المقيمين بالخارج عن الوجه المشرق للشباب المغربي في المهجر، الذي يشكل جزءا غير هين من شريحة يقل عمرها عن 45 سنة، كثير منه ولد بدول الاستقبال وتحمل جنسيتها، ذلك الشباب الذي ينخرط ويشارك ويبحث ويبدع ويبتكر ويستثمر، والشباب الذي يفرض احترامه ويبدد كل الأحكام الخاطئة بشأنه. لقد اختارت الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، المدينة الحمراء مجالا يلتئم فيه شباب حيوي يحرص على الحفاظ على هويته وارتباطه ببلده الأصل المغرب، لرمزيتها التاريخية ومكانتها الاقتصادية والعلمية والثقافية، وجعلت من جامعة القاضي عياض، بالنظر لدورها الريادي ومرتبتها المتميزة مغربيا وإفريقيا وعربيا، مكانا لتبادل الأفكار واقتسام المعارف ومناسبة لاكتشاف الثقافة والتاريخ المغربي العريق والانجازات التي حققها المغرب في كل المجالات. وبدون شك فإن منتدى الشباب المغاربة المقيمين بالخارج، الذي يندرج في إطار البرامج السوسيو- ثقافية التي تسهر الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج على تنفيذها، يروم بكل تأكيد، تقوية صلة مغاربة العالم، خاصة الشباب منهم، ببلدهم الأصلي، وهو أمر لم يتردد الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج أنيس بيرو في التأكيد عليه، ويشكل فرصة لمغاربة العالم لاكتشاف عن قرب التطور الذي تعرفه المملكة المغربية في كل القطاعات بفضل مختلف الأوراش والإصلاحات البنيوية التي انخرط فيها المغرب منذ عدة سنوات. فقد أوضح بيرو، وهو يتحدث إلى الشباب المشارك الذين تم انتقاؤهم من بين ما لا يقل عن 750 مرشحا وفق معايير الاستحقاق والتمثيلية بدول الإقامة، أن هذا المنتدى يندرج في إطار الانفتاح على انتظارات وتطلعات الأجيال الصاعدة من أبناء المغاربة المقيمين بالخارج، وتعزيز ثقافة الحوار معهم. وأضاف أن منتدى الشباب المغاربة المقيمين بالخارج يترجم قناعة المغرب ووعيه بالدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه الشباب المغاربة، الذين ينتمون لشريحة تمثل أزيد من ثلثي أفراد الجالية اليوم، كسفراء لوطنهم المغرب بدول الاستقبال. هذا الحضور المغربي الشاب في المهجر جعل الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج يشدد على أن علاقة المغرب بمهاجريه بالأمس ليست هي التي يقيمها أو يسعى إلى إقامتها اليوم، موضحا أن الانتظارات تغيرت مع تغير التركيبة البشرية والمستوى الثقافي والعقلية المكتسبة بالتفاعل مع مجتمعات دول الاستقبال. وقال لقد أصبحت أولوية المغرب اليوم في سياسة مواكبة الأجيال الجديدة للهجرة ترتبط بسؤال الهوية المغربية في أبعاده اللغوية والعقائدية والثقافية من خلال العمل على مساعدة هذه الأجيال، قدر المستطاع، على الحفاظ على تلك الروابط التي تجمعها ببلد أجدادها في نفس الوقت الذي نعمل فيه على تيسير اندماجها وانسجامها في مجتمعات دول الاستقبال، خاصة بمساعدتها في مجال استكمال التمدرس. وأوضح بيرو أن من بين سبل تحقيق مواكبة فاعلة للأجيال الجيدة إحداث مراكز ثقافية مغربية بالخارج، وإقامة جامعات الشباب صيف كل سنة، وتنظيم زيارات للمغرب لفائدة شباب الجالية وزملائهم في المدرسة أو الجوار، وإقامة شراكات مع جمعيات ذات أهداف تربوية وثقافية في بلدان الإقامة. وأوضح الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج، أن هذا المنتدى سيمكن المستفيدين من التعرف على بلدهم وعلى غنى ثقافته ومؤهلاته الاقتصادية وأوراشه الكبرى المهيكلة والإصلاحات التي باشرها في شتى المجالات، مبرزا أنه يشكل مناسبة لاكتشاف عن قرب التاريخ الحافل للمملكة المغربية خاصة «مغرب 2016»، الذي يعرف تطورا نوعيا على المستوى القاري والإقليمي. من جهته، أوضح رئيس جامعة القاضي عياض، عبد اللطيف الميراوي، أن هذا التبادل البناء بين الطلبة الذين يتوفرون على ثقافة مزدوجة، سيمكنهم من ترسيخ هويتهم الوطنية وثقتهم في أنفسهم . من جانبه، أبرز مدير الشؤون الأوروبية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون رضوان الدغوغي، الأهمية التي يوليها المغرب للمغاربة المقيمين بالخارج، موضحا أن المغرب معتز بمواطنيه في الخارج.