مع اقتراب موعد تنظيم قمة المناخ التي ستحتضنها مراكش في نونبر القادم، أصبح المغرب يسرع الخطى من أجل بلورة استراتيجية متعددة الأذرع، للانخراط في منظومة لتقليص الانبعاثات الملوثة . ولا تكاد تمر مناسبة دون أن تستغلها المملكة لتكريس توجهاتها الماضية في ترجمة هذه الاستراتيجية على أرض الواقع . هكذا، وبمناسبة الزيارة الملكية إلى الصين، وقع البنك الشعبي اتفاقية شراكة رئيسية مع المصنع الصيني اليانغتسى ومؤسسة الاستثمار في الطاقة (EIS)، صفقة بمبلغ 1.2 مليار درهم، وهي اتفاقية تهم تمويل وحدة صناعية من الجيل الأخير، لإنتاج الحافلات الكهربائية في المغرب. وتهدف مجموعة البنك الشعبي المركزي من خلال هذه الاتفاقية إلى تعزيز علامة «صنع في المغرب» من جهة، والمساهمة في تطوير العلاقات التجارية بين المغرب والصين، من جهة أخرى. وعلاقة بالحافلات الالكترونية، تستعد مدينة مراكش لاستقبال 30 حافلة من الجيل الجديد من الحافلات المتطورة التي ستجوب شوارع مدينة مراكش في الأشهر القليلة القادمة. وحسب مصادرنا ، فإن هذه الحافلات من نوع «ترام بوس» الكهربائية مائة في المائة، يصل طولها إلى 18 مترا ، إذ تم التوصل بعروض من شركات عالمية عملاقة بأوروبا وآسيا. وجاء إطلاق هذا الورش البيئي بالتزامن مع احتضان المدينة الحمراء لمؤتمر المناخ «كوب 22» في نونبر من هذا العام ، إذ من المنتظر أن يشرع في تجريب تلك الحافلات في غضون شهر دجنبر المقبل . وفي نفس الاتجاه ، كان المغرب قد شرع منذ فاتح دجنبر 2015، عند تحرير سوق المحروقات، في بيع الغازوال (10 بي بي إم) بكافة التراب، حيث سيتم سحب غازوال (50 بي بي إم) تدريجيا من كافة المحطات، علما بأن هذا الانتقال سيمكن من احترام المعايير الدولية في مجال جودة المنتجات، وخاصة المحروقات، كما أن هذا الإجراء يرتقب أيضا أن تكون له آثار إيجابية على البيئة والصحة العمومية. ويمكن تعميم هذا المنتج الذي يحتوي على قدر ضئيل من الكبريت، المغرب من الانسجام مع المعايير الأوروبية بتقليص انبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون. وقبل أيام فقط، وبمناسبة الزيارة الملكية للصين الشعبية، وقع التجاري وفا بنك مع المجموعة الصينية LINUO Paradigma، الشركة الرائدة عالميا في تصنيع أجهزة تسخين المياه بالطاقة الشمسية، مذكرة سيتم بموجبها تقديم الدعم الشامل لإنجاز مشروع في المغرب يتجلى في وحدة صناعية لإنتاج السخانات المائية بالطاقة الشمسية بقدرة إنتاجية تصل إلى 50.000 سخانة سنويا ، وهو المشروع الذي يتطلب استثمارا قدره 100 مليون درهم، كما أن التجاري وفا بنك تعهد أيضا بوضع شبكته في خدمة تمويل الزبناء المستخدمين للجهاز في المغرب وفي بلدان جود البنك في أفريقيا. ورغم أن المغرب يعد بلدا غير ملوث، فقد حدد مساهمته الوطنية المرتقبة في مجال تخفيض الانبعاثات في نسبة 32 في المائة في أفق 2030، وتتوزع هذه النسبة ما بين تخفيض بنسبة 13 في المائة كهدف غير مشروط، وتخفيض إضافي بنسبة 19 في المائة من الانبعاثات مشروط بدعم دولي، وهو ما يرفع التخفيض الإجمالي بالنسبة للمغرب إلى 32 في المائة من الانبعاثات سنة 2030. غير أن الهدف المشروط من هذه المساهمة يتطلب استثمارات إجمالية تقدر بحوالي 45 مليار دولار ما بين 2015 و 2030، وهو ما يتطلب التزاما تجاه المملكة من طرف المانحين، لا سيما الصندوق الأخضر للمناخ. ويذكر أن دراسة أنجزتها مؤسسة «بلومبرغ» المتخصصة في المال والأعمال قد حذرت في وقت سابق من المخاطر المحدقة باقتصاد المملكة خصوصا في قطاع الفلاحة ، حيث أكدت أن التغيرات المناخية و ظاهرة الاحتباس الحراري تهدد بدورها القطاع الفلاحي للمملكة والذي ما زال لم يتحرر من اعتماده الكبير على التساقطات المطرية، علما بأن هذا القطاع يشكل 16 في المائة من الناتج الداخلي الخام.